إعلان

إحسان عبد القدوس... لم تطفئ الشمس سيرته

07:01 م الإثنين 12 يناير 2015

إحسان عبد القدوس

كتبت-رنا الجميعي:

سيرة حياة إنسان ليست سهلة كما تبدو للوهلة الأولى، لا يُمكن سرد تفاصيل رحلة شخص بشكل روتيني، الحياة أكبر من هذا، لا يُحتمل حين يتم سرد سيرة إحسان عبد القدوس قول أنه الكاتب الصحفي والأديب فقط، الحروف لا يُمكنها أن تسع حياته بالكامل، والغموض الذي شمل صفاته الشخصية، التناقض الذي حمله عبد القدوس بين كتاباته الأدبية المتحررة وحياته الشخصية المًحافظة ومعاركه الصحفية.

الأديب الذي ولد في الأول من يناير عام 1919، وتوفي في الشهر ذاته بتاريخ الثاني عشر من عام 1990، بين هذا وذاك حملت سيرته كثير من الأمواج بين مد وجزر، تقلبات بداية حياته يُحتمل أن تكون هي السر في تناقضاته للمنقبين عن سيرته، أبيه "محمد عبدالقدوس" وأمه "فاطمة اليوسف" التي عرفت ب"روزا اليوسف" وهي لبنانية الأصل، ولد عبد القدوس لأبوين فنانين لم يعيش معهما كثيرًا، حيث تم الطلاق سريعًا، وسرعان ما ذهب لبيت جده الأزهري، لتحمل تربية جده آثارها في نفسه ويصير بقدر كبير من المحافظة في حياته الشخصية ويتزوج من سيدة غير عاملة رغم كتاباته التي دعا فيها كثيرًا لتحرر المرأة وأبرز مثال على ذلك رواية "أنا حرة".

المرأة في رواياته لم تكن هي نفس نظرته للمرأة بحياته، تقول والدته في مذكراتها أن إحسان الصغير قال لها وهي في طريقها للخروج من البيت :رايحة فين ؟ ردت :الشغل، رأت آنذاك كيف ضايقه ذلك فقالت له "بكرة لما تكبر وتخلص تعليمك تبقى تشتغل مطرحي وأنا أقعد في البيت، شبّ إحسان بعد دراسته للحقوق وعمله لفترة وجيزة بالمهنة التي لم يحقق بها نجاحًا ومن ثم حوّل إلى الصحافة، ليدير جريدة والدته "روز اليوسف".

جريئًا كان في معاركه الصحفية، هذا ما يذكره التاريخ، بداية من عام 1943 حينها كتب مقالًا "هذا الرجل يجب أن يرحل" ناقمًا فيه على نفوذ المندوب السامي البريطاني، وحملته الأشهر عن الأسلحة الفاسدة فيها كشف عن وثائق تدين النظام الملكي، وأثناء أزمة مارس 1954 كتب مقاله "الجمعية السرية التي تحكم مصر" مطالبًا ثورة يوليو بتشكيل حزب سياسي.

الأدب والصحافة شكل أساسًا في حياة عبدالقدوس، عين صحفية يرى بها شرائح المجتمع المختلفة ليكتب عنها كأديب في رواياته وقصصه العديدة، وليصير بعدها مسار الفن موازيًا لهما، وتتحول أكثر رواياته لأعمال سنيمائية يكتب حواراتها بنفسه.

ثنايا حياة عبد القدوس مازالت مجهولة بشكل كبير رُغم شهرته ومحطات حياته المعروفة، هل كان معارضًا لنظام ثورة يوليو، فكيف كان مقربًا لعبدالناصر في الوقت نفسه، هل كان ينادي بالحرية للمرأة بالفعل؟ فلماذا عُرف عنه أنه كان محافظًا في بيته، يُمكن القول أن الحرية تلك كمنت بالفعل في ابنيه "محمد"و"أحمد"، محمد أصبح صحفيًا وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومن المعروف عن إحسان أنه ظل طيلة حياته بغير انضمام لحزب أو جماعة سياسية، في حين سافر أحمد إلى أمريكا وأصبح رجل أعمال بعيدًا عن عمل أبيه بالصحافة والأدب.

لا يُمكن إيجاز سيرة إحسان في محطات بعينها، لكن تصبح السنيما دفترًا يسرد فيه أبدع ما كتبه إحسان الأديب، والعين التي رأت شرائح متنوعة استطاعت الشاشة تجسيدها، لا يُمكن أن تخلو السنيما من الفتاة الهشة التي صادتها الأوهام في "لا أنام"، وألا ترى الحماس الذي تلتهب به نفس أخرى في "أنا حرة"، ولا نفس المراهقة التي تحب الشعر الأبيض في "العذراء والشعر الأبيض".

تظل سيرة إحسان ملكه وحده، وروح صعدت لبارئها منذ 25 عام، أطراف حديث بين عجائز مازالوا بيننا يُمكن أن يسردوها في حديث صحفي أو تظل سرًا بقلوبهم، غير أن حياته اللامعة بالصحافة تصبح مثالًا على الاجتهاد للصغار، وأدبه نصوص بيننا وأعمال فنية نترحم بها عليه.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: