الذهب الأبيض.. أخرة الخدمة ''رفع الدعم'' (بروفايل)
كتبت – يسرا سلامة:
بين شركات المنسوجات العالمية يعرف بأنه الملك، الخامة النظيفة جعلته سفيرا غير مدفوع الأجر للبلاد، لهفة من المصانع في العالم لاستيراده من مصر، طويل التيلة كثير الخير على البلاد، قصة ممتدة يحكيها القطن المصري. بدأت الحكاية منذ عهد محمد على، صناعة محلية على مر السنوات، تواجه أزمة كبرى بعد قرار وزير الزراعة عادل البلتاجي برفع الدعم عنه.
اتسم موسم جنى القطن بـ''البهجة''، يتلهف عليه الأطفال، يرتدي الجميع جلاليب حين تطلب الزهرة قطفها، تتدلى من الأرض ليلتقطها الكبار والصغار بالحالة ''ج''، أي حالة الاستعداد والتأهب، بـ''عب'' الجلابية يسقط القطن من الأغصان، تستقبله النساء بالزغاريد، والفتيات بكحل العين، خير وفير يفيض على سكان الريف، استقبلوه بالأغنيات مثل ''نورت يا قطن النيل.. يا حلاوة عليك يا جميل''.
في منتصف شهر مارس من كل عام يبدأ الفلاحون الموسم، بذور القطن تفترش من أناملهم على أرض الخير، رشات من الأسمدة والمبيدات، حرث في الأرض مرات ومرات، وتأتي عملية الأرض، ومراعاة من الفلاح للثمرات كما ترعى الأم طفلها، دورة حياة كاملة تستمر حتى شهور الصيف، ومنذ اكتمال الثمرة نموها بنسبة تتجاوز الـ80%، يبدأ الفلاحون في جمع اللوز كما يسموه.
لا يعد الذهب الأبيض مصدر الخير لأهل الريف فحسب؛ لكنه بلغة الأرقام صاحب وفرة على الاقتصاد المصري، حيث يساهم بحوالي 10.25% من إجمالي صادرات القطن العالمية، كما بلغ إجمالي الإنتاج المعروض بالسوق المحلي المصري 1.5 مليون قنطار على مدار الموسم. مع الوقت تراجع عائد ربحه، بسبب قلة المساحة التي يُزرع عليها القطن، ولعدة أسباب أخرى منها تكلفته العالية مقارنة بأسعاره، وعدم وجود خطة تسويقية تساعد في تسويقه.
على مدار سنوات، كانت الدولة تدعم القطن سواء بالشراء، أو دعم المغازل لتلك الأقطان، خاصة في ظل دعم أمريكا للقطن الطويل التيلة في بلادها أيضا، حتى استمرت الدولة في دعمه من أجل التصدير والربح والمنافسة، في الوقت الذي كانت فيه الصناعة المحلية تعتمد على الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة، لانخفاض سعرها، وسهولة تحويلها في مغازل النسيج في مصر.
''لا يستحق الدعم، لم يعد محصولا استراتيجيا، يأخذ مبالغ طائلة لا تساوي الإنفاق عليه، لم يعد ثروة يلهث ورائها المستوردون''.. أسباب وضعتها وزارة الزراعة للاستغناء عن دعم القطن طويل التيلة، بعد عقود دعمت فيها الحكومة القطن، السلعة التي تعد أمنا قوميا للبلاد، ومصدرا للفخر والغنى.
وبينما تصدر الوزارة قرارها، كانت جملة ''انقذوا القطن المصري'' تتقافز على لسان الفلاحين، فقد وجدوا في القطن المصري حياة، وليس مصدرا للرزق فحسب، تم رفع الدعم عن الذهب الأبيض، ومريدوه يتمنون عودة ماضي القطن الجميل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: