لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

4 روايات لمقاطعي الانتخابات.. مصر "اللي على الهامش" تتحدث

09:51 م الأحد 22 نوفمبر 2015

مقاطعة الانتخابات بين ناخبين مصريين

كتبت-يسرا سلامة وإشراق أحمد:

بين اتهام بالسلبية، وسلاح للضغط الشعبي، تمر مقاطعة الانتخابات بين ناخبين مصريين، في وقت لم تصبح المقاطعة ظاهرة يتغافل عنها كل مراقب للانتخابات البرلمانية، والتي تشهد كاستحقاق انتخابي أخير في العملية الديمقراطية عزوفا انتخابيا واضحا، جعل من نسبة المشاركة بتصريح رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشئون الانتخابات إلى 15% إلى 17% في اليوم الأول، ومن 11% إلى 12% في اليوم الثاني.

مصراوي يستعرض رؤية المقاطعين للانتخابات مجلس الشعب، مَن لم يتغير موقفه منذ نوفمبر 2011 حيث الانتخابات الأولى لمجلس النواب، الذي تصادف مع مجيء الجولة الثانية لانتخاب أعضاءه للمرة الثانية بالشهر ذاته، ومن يعزف تجنبا للأوضاع الأمنية، ومن ابعده المشهد السياسي، وهؤلاء المقاطعون بلا أمل. جميعهم اتخذوا الموقف ذاته، فيما تتعالى قبالتهم صيحات التخاذل، والتلويح بدفع غرامة مالية تارة أخرى، بينما هم فقط أشخاص حملوا مع المقاطعة أحلام للوطن، لم يحملها لهم "صندوق اقتراع".

"البيك".. مقاطعة تفرضها "البطاقة"

____1

لا يجد محمد البيك دافع لقرار المشاركة، فالمواطن "العريشي" الذي يعمل في القاهرة، لا يجد حد أدنى من الآدمية يعامل به على الطريق لسكنه، "معاملة مهينة" بحسب وصفه ينالها الشاب من وإلى العريش، للمدينة التي تخل من المشروعات التنموية.

نبرة العزوف ارتبطت عنده كارتباطه بعنوان سكنه؛ إذ فور أن يطلع أي ضابط شرطة على بطاقته الشخصية ينتظر الشاب العشريني المعاملة المعتادة "أنت عريشي؟ طب فين المخدرات؟ مفيش عريشي معهوش مخدرات"، نفي الشاب في الكمائن يتبعه ساعات يقضيها من عمره على الطريق بحجة "كشف الخلايا الأمنية"، استمرت في أحد المرات لثماني ساعات، حين طلب منه ضابط الكمين أن يغادر حافلة السفر مع حقائبه، وأن يترك مصير طريقه لعلم الغيب، يذكر موقفا آخر بكمين رمانة "كنت هتبهدل ومش هعرف ارجع، في الكمين لو هيقلعوني الجزمة هيعملوا كده".

بعكس محافظات أخرى، يقول "البيك" إن محافظته تحتاج لنظرة من الدولة، اهتمام يجذب إليها المشروعات السياحية، ومن ثم تعطيها انتعاش كي تخرج من نطاق "محاربة الإرهاب"، تمنى الشاب العشريني أن تكون مشاركته في تلك الانتخابات بسهولة التصويت كأصحاب المحافظات الأخرى، غير أن نطاقًا أمنيا جعله معزولا عن "دنيا السياسة".

لافتات قليلة رآها الشاب لمرشحين في منطقته، "مش بكثافة انتخابات سابقة أو انتخابات الرئاسة"، الوضع الأمني لمنطقة سيناء والعريش فرض طبيعة خاصة على الدعاية الانتخابية، والتواصل الذي ينتهي في الواحدة صباحا وقت بداية حظر التجوال، "المعاملة الآدمية" أمنية باتت الأقوى من "البيك" للمرشح البرلماني القادم، بجانب أن ترى منطقته وجها للتنمية، في التعليم والاستثمار والوظائف "بلدنا فيها شباب كتير مش بيلاقوا فرصة شغل، ومبادرات كتير موجودة لكن مش بتلاقي اهتمام، وأغلب الشباب بيدوروا على وظايف في القاهرة".

فاطمة".. في البدء كانت "مقاطعة"

المقاطعة ليست مقتصرة على الاستحقاقات الحالية، فالبعض قال "لا" حين كانت "نعم" هي السائدة، حال فاطمة الوكيل، فلم تنته أحداث محمد محمود نوفمبر2011، حتى أسرت الشابة في نفسها أنها لن تذهب للانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم 28 من الشهر ذاته "كنت شايفة أن اللي بنعمله في محمد محمود والميدان أهم بكتير من الانتخابات"، لتمر أربعة أعوام، ولا زالت الفتاة على موقفها.

لم تُعرف "فاطمة" ما قامت به في انتخابات2011 بـ"المقاطعة"، لكن شعور بأنها وسيلة قليلة الأهمية بما يحدث، بدليل دعمها للقوائم المشاركة باسم "الثورة مستمرة"، لولا إمكانيتها المحدودة، وعدم وجودها في جميع الدوائر لكانت انتخبت، أما اليوم فقد تعدى قرارها وصف المقاطعة، إلى مرحلة "عدم المبالاة" "وعدم الاعتراف باللي بيحصل أصلا".

____2

بالسابق كانت النتيجة محسومة في نظرها لصالح "الإخوان"، رغم حالة الزخم والعطش للانتخابات بالشوارع المصرية، لذلك كانت بين قليل رأوا أن "المقاطعة" الخيار الأصوب، بعد تغير مسار الطريق الذي كانوا يروه، بتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني، ثم مجلس شعب ودستور، ورئيس منتخب، لكن اليوم ترى أنه لا يجوز النظر لعملية سياسية، فيما يقبع آلاف الشباب بالسجون، وفي ظل تكميم الأفواه "وميادين بتتفض اعتصامتها بالجرافات" كما قالت.

مرور الأيام كان يؤكد بصيرة ما قامت به "فاطمة"–في نظرها- رغم معارضة الكثير لها، ففي نهاية شهر ديسمبر 2011، وبعد أن حسمت أغلبية مجلس النواب لصالح حزب الحرية والعدالة، شاركت بمسيرة متوجهة لمجلس الشعب، لم تكن منتمية لحزب أو كيان سياسي، للثورة وفقط انتمت ووضعت أحلامها، لذا انضمت للمتظاهرين، وتقدمهم لافتة كبيرة مكتوب عليها "مجموعة مطالب أهمها إقرار قانون العدالة الانتقالية والحد الأقصى والأدنى للأجور وضمان عدم الخروج الأمن لكل أعداء الثورة"، لكن الوضع تأزم وتصاعدت وتيرة الأحداث، وقرر الإخوان فض المتظاهرين بالأحزمة، فتفرق الجمع في شوارع وسط البلد، ولم يغادر "فاطمة" مشهد المصابين بالشوارع، جراء أمر كان يمكن أن ينتهي ببساطة "يطلع حد من المجلس يقابل ممثلين مننا ويستلم عريضة المطالب".

حينها أدركت الشابة أن ذلك النظام لن يبق طويلا، لذا رغم مرور السنوات، وسير الأوضاع خلاف ما تتمنى، لكنها لازالت تراهن على "الناس".

لم تعادي "فاطمة" مجلس الشعب 2012، بل عارضت أن لا يتحقق حلم مَن قدموا أرواحهم لأجل صلاح هذا البلد، لهذا لم تمنع بكائها أول جلسة له، فرحا حين سماعها حديثهم عن الشهداء والثورة، وهذا ما جعلها تعدل عن قرارها وتشارك بالانتخابات الرئاسية–المرحلة الأولى 2012- و2014، بحثا عن الأمل بإيجاد "مخرج جديد لمطالب الثورة"، لكنها ما كانت تعود إلا بالخيبة، لذا قررت مع تلك الأخيرة أن تمتنع نهائيا.

قبل خمس سنوات كانت الأمور أوضح لـ"فاطمة"، رفضها كان "مسنود" على الشعب والميدان كما تصف، فإن لم يحدث تغيير، سيجتمع الحشد مرة أخرى، فيما الآن الوضع "ضبابي" بالنسبة لها "الحق والباطل متوزعين على كل الاطراف بالتساوي"، لكن الشابة العشرينية لازلت متمسكة بالأمل، والحلم بتحقيق ثورة كاملة، وإعادة تشكيل للحياة السياسية والاقتصادية، حتى يكون لدى الناس قدرة على اختيار ممثليها بعيد عن أي مال انتخابي، أو تضليل إعلامي، إلا أنها باتت موقنة أن حلم رؤية مجلس شعب يضم الشباب أصحاب الرؤى، ومَن يضع أولويات العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني سياسيا واقتصاديا، هو مجرد جزء صغير من مرحلة أكبر.

"هدى" مقاطعة على طول الخط

أما في منطقة حدائق القبة، تجري الانتخابات في المرحلة الثانية، لكن هدى عبد الفاضل لا تعير أي اهتمام للانتخابات، وكأنها مقاطعة بالفطرة، لم تشارك الفتاة في أي انتخابات نيابية من قبل، "مجالس الشعب اللي كانت قبل كدة ولا ليها أي لازمة، الانتخابات تمثيلية سخيفة بتلعب بيها على الغلابة "، بجانب مشاركة واحدة في أول انتخابات رئاسية عقب ثورة يناير 2011.

ترى الفتاة - 24 عاما- أن الانتخابات البرلمانية سيناريو يتكرر كل فترة، لا تغير "المسرحية" من وضع جمهورها لأفضل، ويهمل المرشح أبناء الدائرة فور فوزه، وتتعجب من حب مصر "المفاجئ" الذي يظهر على عدد من رجال الأعمال في موسم الانتخابات البرلمانية، قائلة "قبل ما يفكروا في الشعارات، يفكروا مصر محتاجة إيه؟ ويحددوا أهداف ممكن تنفع الناس، أنا مش مهتمة دلوقتي أعرف المرشحين ولا النواب في دايرتي".

____3

لا تعرف "هدى" من المرشحين إلا أصوات الدعاية الصاخبة التي تصل إليها، وقرار مقاطعة التصويت لم تغيره فزاعات الغرامة أو الفتاوى التي تحرم عدم المشاركة "مفيش غرامة بجد بتتدفع، وأنا مش أهل إني أعلق على الفتاوى، لكن ربنا يسامحنا لو كان عدم التصويت حرام فعلا"، فتغير الأوضاع التي تراها الفتاة العشرينية سيظل بالنسبة لها رهين مشاركتها بالتصويت.

"وسام" مقاطعة بسابق "الخبرة"

حلم وجود برلمان حقيقي يعبر عن الثورة و"الناس"، تمناه أيضا المنخرطون بالسياسة، لكن ممارستها كانت دافع لهم بالامتناع، فاقتراب وسام حسين من العمل السياسي، جعل دافعه لاتخاذ قرار المقاطعة مرتكز على أدلة من وجهة نظره "ثابتة".

تلك المرة الأولى التي لن يشارك بها "حسين" في الانتخابات، 3 استحقاقات منذ 2011 كان بها ناخبا، ومراقبا لسير العملية الانتخابية ممثلا لحزب الدستور، شارك من قلب اللجان فرحة المصريين بأول انتخابات بعد الثورة "الناس كانت نازلة بحب.. حاسة إنها واعية"، لم يستنزفه شيء، في سبيل تحقيق "الحلم" ببناء مصر كما يجب أن تكون، تجاوز رفع أحد الجنود السلاح بوجهه لتصويره أحد المخالفات أمام اللجنة الانتخابية، و"الموضوع اتلم" بعد أن قال ضابط الشرطة حين أراد عمل محضر بالواقعة "مش هطولوا حاجة في الوقت ده".

____-____-____4

لم يسر "حسين" عضو حزب الدستور بالمحلة، وفق ما يقرره الحزب، بل يُعمل للعقل والرؤية ألف حساب، قبل اتخاذ القرار، لذا اتخذ قرار المقاطعة، قبل أن يصرح الحزب بموقفه المقاطع لانتخابات مجلس النواب 2015 حسب قوله، ما شاهده أثناء المراقبة في انتخابات الرئاسة الأخيرة، جعل قراره لا رجعه فيه "شوفنا المضايقات والناس كانت بتتاخد منهم البطايق عشان مينسحبوش من المراقبة".

لا يرى "حسين" فيما يحدث اختلاف "عن أيام الإخوان"، وتأكد له الأمر، بعد واقعة قانون الانتخابات الجديد، وما شهدته قائمة "صحوة مصر"، التي ترشحت للنزول في انتخابات 2014، من مضايقات أمنية حسب قوله، كل هذه كانت بالنسبة له أسباب، لا بديل فيها عن اتخاذ موقف المقاطعة، وحتي وإن لم يتخذه الحزب.

يقف "حسين" بعيدا لأول مرة عن اللجان الانتخابية، بين صفوف المتفرجين على ما يراه أشبه "بالمهرجانات"، لكنه لا يستطيع منع نفسه من الرقابة لكن "غير رسمية"، فقد باتت مجرد رؤية لنفسه كمواطن لا شريك سياسي، فيرى كيف تُدار الحملات بالقوة، ورأس المال "رجعت البطاطين والفلوس تاني"، ويشاهد البرامج الإعلامية "المتسولة" للناخبين، فيتشبث بموقفه بعدم العودة لساحة الانتخابات إلا بعد إحساس بوجود حيادية في الإعلام، ومؤسسات الدولة كلها، متمنيا أن يحدث هذا يوما ما.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان