بالفيديو والصور.. مناهضة عنف النساء تبدأ بـ"بالونة"

كتبت – يسرا سلامة:
بين مواد قانونية وطرقات تشريعية ودبلوماسية تُمكن المرأة من حقوقها، ومجتمع تتعدد فيه وقائع العنف ضد النساء، كانت الحلقة النقاشية بمؤسسة مركز قضايا المرأة المصرية، اليوم بأحد فنادق القاهرة، تفتح النقاش بالتوعية، بحضور عدد من السيدات من عدة محافظات، بجانب مشاركة من رجال يهتمون بمناهضة العنف ضد النساء، في الفترة المفتوحة من قبل الأمم المتحدة للتوعية بمناهضة العنف ضدهن، والتي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وحتى العاشر من ديسمبر، يوم الإقرار العالمي لحقوق الإنسان، بجانب أشكال فنية عديدة تعبر عن مناهضة العنف ضد المرأة.

ربما تُترجم كلمة "الاتجار بالنساء" بما يعني البيع والشراء كما يحدث في أفعال التهريب على المناطق الحدودية، ولكن ما توضحه الورشة على لسان أحمد أبوالعنين، المستشار بنيابة النقض والمهتم بقضايا الإتجار أن الاتجار يشمل أي شكل من أشكال استغلال للنساء، مثل زواج الصفقة أو الاستغلال المادي أو العمل القسري، أو زواج الأطفال، بالإضافة إلى الاستغلال الجنسي لهم وللمرأة.

القانون غير محدد
يقول أبو العنين إن نسبة ليست بالقليلة من أعمال العنف ضد المرأة تحدث لها في إطار الأسرة، كارتكاب العنف أو إجبار الزوجة أو الأبنة على أي فعل غير أخلاقي أو من أجل الحصول على المال، ويطلق أيضا على أي فعل تبدو فيه سلطة الرجل وضعف المرأة، ويفتح المستشار القانوني الباب حول الخلافات القانونية التي لا تضع المرأة التي تتعرض للعنف في إطار الأسرة تحت طائلة القانون، مشيرا إلى أن بعض المواد القانونية تحتاج إلى رؤية مغايرة، من أجل ضمان السلام الجسدي والنفسي للمرأة في المجتمع.

وأشار أبو العنين أن القانون المصري لا يتضمن عقوبة واضحة مباشرة لمكافحة الاتجار بالبشر، مضيفا أن هناك محاولات قانونية لإدخال ذلك المصطلح في الدستور الحالي، لكن لم يسمح بذلك؛ دون إبداء أسباب ذلك من قبل المشرع المصري.

معرض صور
الطريق إلى دعم النساء في المجتمع يبدأ بالتوعية، الأمر الذي يقوم عليه مركز قضايا المرأة بعدة أشكال اختار الأقرب للتواصل مع الجمهور وهو الفن، من خلال معرضا للصور، بكاميرا الفنان "أحمد فودة"، والذي يصور عدة أوضاع تعبر عن تعرض المرأة للانتهاك والعنف.

فهذه تتعرض للضرب قبل المعاشرة الجنسية، وأخرى تعلق في صورتها سعرا للمهر للزواج، وكأنها عروسة في محل للبيع، وصورة أخرى تخرس وجه الفتاة الصغيرة يظهر منها الجزء الأسفل من الوجه، ويتدلى حولها الذهب كناية عن الزواج القسري.

زواج القاصرات أيضا اتخذ من الصور المعروضة في الورشة اليوم، والتي تأتي في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، فالصورة توضح مأذونا يعقد القران على طفلة صغيرة، في إشارة على جبرية الصغيرات على الزواج.

ويوضح المستشار أبو العنين أن ليس كل زواج قاصرات هو إستغلال وإتجار بالبشر؛ فهناك بعض العائلات تزوج الفتيات دون السن القانوني -18 عاما- بشكل عرفي وليس رسمي، لكن دون استغلال تلك الطفلة ودفع الأموال، مشرا إلى أن على المجتمع كله المسؤلية القانونية في الإبلاغ عن أي واقعة تعدي للنساء، سواء من المرأة نفسها أو من الدائرة حولها، وتوضح عضو المنظم الدولية للهجرة أميرة محمد ان هناك سبل عديدة للإبلاغ منها الخط الساخن للمجلس القومي للطفولة والأمومة 16021، أو الاتصال بمركز الشرطة مباشرة.

مسرحية للوعي بمشكلات النساء
بجانب معرض الصور، قدم عدد من الشباب والفتيات من فرقة "من كل حتة" مسرحية تفاعلية، تبرز من خلال ثلاثة قصص عدة مشكلات تتعرض فيهم السيدات إلى أشكال من العنف والقهر، العرض المسرحي باسم "البالونة"، يربط بين القصص الثالثة بوجود البالونة، فتلك قصة "داليا" التي يجبرها والدها على الزواج من ثري خليجي كأختها، تشير إلى صغر سن الفتاة التي ما تزال تلعب بالبالونات.

العرض المسرحي تضمن رقصة حزينة لفتاة يلاحقها طوال الرقصة رجل، تحاول الإفلات منه، في إشارة إلى معاناة المرأة في المجتمع، الرقصة التي تمت على أغنية "أحجل يا موت"، بكلمات تعبر عن أزمة فتاة تزوجت وهى صغيرة في السن.

قصة أخرى يعرضها العمل المسرحي من ثلاث فتيات وأربعة شباب من محافظة ألمنيا، بالإضافة إلى ممثل شاب سوري، تلك القصة حول زوج يجبر زوجته على الخدمة والعمل في المنازل وهو لا يعمل، في إشارة للأسر اللاتي تعولهن أمرأة، وتتعرض لإهانات في العمل لا يتراجع الزوج أمامها عن حمل كاهل العمل عن زوجته، وقصة ثالثة تشير لإجبار زوج على الاستغلال الجنسي لزوجته.

العرض المسرحي الشاب لم يتوقف على تلقي الجمهور لما يعرضه من قصص، وإنما تفاعل يحدث بين كل قصة بأن يعرض الشخصيات التساؤول عن الحل على الحضور، والتفاعل معهم بالاستماع منهم عن الحلول المطروحة وغير تقليدية، وخاصة أن مشكلات النساء في المجتمع لا يفلح في الإغلب الحال القانوني المباشر، وتفتح من تلك الحلول النقاشات عن دور المرأة، والرجل، وكذلك ما تقدمه مؤسسات نوعية نسوية من الدعم للسيدات اللاتي يتعرضن للعنف.

ومن تلك الحلول، مثل حل تعرض خادمة للاستغلال الجنسي إثر إجبار زوجها على العمل، هو أن تحاول الخادمة أن تشرح الازمة لزوجة الرجل، بالإضافة إلى التسجيل التلفوني له، ربما يفدها قانونان كما اتفق الحضور في بعض الأحيان عن حلول قاطعة كالطلاق لزوجة لثري عربين رافضين إلحاق وصمة "الطلاق"، وسط ما يقار بمن مليوني مطلقة، وحوالي 1.7 مليون قضية طلاق تنظر في المحاكم.

أرقام مرعبة عن واقع النساء
خلال الورشة، أشارت عضو منظمة الهجرة أيضا لتنامي ظاهرة الاستغلال الجنسي للسوريات في المجتمع المصري، والذي ظهر في شكاوى من داخل مناطق عدة مثل رمسيس، واستغلالهن للدعارة في أحد ملاهي جمصة، بالأضافة غلى شكاوى من أحد المداخلات بالورشة تشير إلى تمركزهن في محافظة كفر الشيخ، ووجود نسبة من الاستغلال الجنسي لهن في بلاغات ظهرت في الفترة الأخيرة.

كما أطلق المركز أيضا دراسة مسحية في أربعة محافظات عن أشكال الاستغلال الجنسي، والذي رصدت أيضا ظهور الاستغلال السياسي للنساء كشكل من أشكال الاتجار بهن، مثل استغلال أصواتهن الانتخابية، واستخدامهن كدروع بشرية، أو كأداة للضغط السياسي، كما تشير الدراسة إلى انتشار نشاط الدعارة كنشاط سري، ولكنه منتشر تحت غطاء الزوجية، بنسبة وصلت في عينة الدراسة إلى 12.9% في المحافظات وهى "كفر الشيخ، القاهرة، الفيوم، الدقهلية"، حيث أقر 26 شخصا من العينة أن هناك أزواجا يستخدمون زوجاتهن لهذا الغرض.

وتوضح الدراسة أيضا، والتي تمت هذا العام، ومن إعداد حمدي الحناوي، أن الفقر والعوز يأتي كسبب رئيسي لرضوخ العائلات لزواج القاصصرات من بناتهن، سواء من عرب أو مصريين، بالأضافة إلى أسباب أخرى مثل الستر والعادات والتقاليد.