في 2015.. التحالفات العسكرية تبتلع المساعدات الإنسانية (تقرير)
إعداد- يسرا سلامة ودعاء الفولي:
تدور رحى الحرب، لا تبقي ولا تذر إلا لاجئين يبحثون عن رمق من حياة، وخلفهم تضخ حكومات وبلدان أموالا في آليات وطائرات مقاتلة، بعضهم يعزم على ضربة جديدة، بدعوى الانتقام أو تحقيق النصر، فيما تبحث تحالفات ومساعدات إنسانية عن سد حاجة من خلفتهم الحرب في عداد اللاجئين. في هذا الملف يرصد "مصراوي" أبرز التحالفات العسكرية التي تمت في عام 2015 من بعض الدول، بجانب عدد من المبادرات الفردية أو الدولية التي تبحث عن نجاة إنسان.
أمريكا.. عسكرياً:
"لقد خسرت داعش حتى الآن 40 في المئة من المناطق التي كانت تسيطر عليها في العراق في وقت ما، وسوف تخسر المزيد، القوات العراقية تشق طريقها عسكريًا بشكل أعمق" كان ذلك جزء من خطاب أوباما في البيت الأبيض منذ أيام.
الولايات المتحدة هي أول المدافعين عن التدخل العسكري ضد داعش، سواء في العراق أو سوريا، وهي الأعلى عالمياً في حجم الإنفاق العسكري. وقد قادت التحالف الدولي للعمليات العسكرية ضد التنظيم منذ 2014 عقب مقتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي على يد التنظيم المتطرف.
اعترف الجيش الأمريكي في نوفمبر المنصرم بسقوط ضحايا مدنيين في العراق مارس الماضي، بسبب قصف نقطة تفتيش بالخطأ، وطبقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد المدنيين الذين سقطوا بغارات التحالف الذي تقوده أمريكا على مناطق مختلفة من الشمال السوري 159 مدنيا، حتى يونيو الماضي، بينهم 51 طفلا و33 امرأة.
أمريكا.. إنسانياً:
في ولاية أوهايو الأمريكية، يعيش عمر الكردي، شاب أردني قرر عقب انتشار صورة الطفل السوري إيلان أن يقوم بأي شيء لخدمة اللاجئين "هاتفتني زميلة لي وهي باكية وقررنا أنه واجب علينا مساعدة اللاجئين ومن هنا بدأت حملة #ClevelandForSyri" قال الكردي لمصراوي.
كانت الحملة تهدف لجمع التبرعات المادية والعينية؛ بالملابس، أدوات منزلية، كتب، ألعاب، ملازم مدرسية، وأموال ايضاً. قام شباب الحملة وعددهم 24 شخصًا –معظمهم عرب من جنسيات مختلفة وبعضهم أجانب- بتنظيم 4 أيام خلال سبتمبر لجمع التبرعات في جامعة كليفلاند "ومن ثم قمنا نحن المنظمون بترتيب التبرعات وتقسيمها حسب النوع والجودة"، لتستمر الحملة من ٩ سبتمبر حتى ٩ أكتوبر، حصلوا خلالها على 4200 دولار وشاحنة كبيرة محملة بالأغراض العينية "لحملة وصلت لحوالي ٣٠ عائلة سورية تقطن حالياً في ولاية ميشيجن".
حل الأزمة في نظر الكردي ليس بالحملات الخيرية فقط "أزمة اللاجئين حلها عودة سوريا إلى ما كانت عليه مما سيسمح لهم بالعودة لبلدهم. التدخل العسكري لا يضمن ذلك ولا يضمن عودتهم. من النادر أن نجد لاجئ عاد لوطنه"، لكنه رغم ذلك يرى المحاولات الإنسانية بادرة طيبة، فرغم احتياج النازحين إلى طعام وملابس وتعليم وغيره لكنهم "يحتاجون أيضًا أن يدركوا ان العالم يشعر بهم، وهنا المساعدة الاكبر".
السعودية.. عسكرياً:
تعد المملكة العربية السعودية حصانا أسود في كل التحالفات العسكرية التي شهدتها عام 2015، بدأت في مشاركتها مع قوى التحالف ضد داعش، بقيادة أمريكية في نهاية أغسطس للعام الماضي، وتوالت ضرباته حتى الآن، بالتحالف مع عشرين دول بمشاركات مختلفة، كما أعلنت السعودية في ديسمبر الجاري عن بدء تحالف عسكري "إسلامي" لمحاربة الإرهاب من 34 دولة.
ككثير من الحكومات العربية، لم تعلن السعودية عن تكلفة الحرب على الإرهاب في التحالفات العسكرية التي أضرمتها في الفترة الأخيرة، فيما قدر مراقبون الخسارة التي لحقت بالبنية التحتية اليمنية جراء النزاع المستمر منذ مارس الماضي، بـ 10 مليارات دولار.
كما أن هناك عدد كبير من المواطنين السعوديين انضموا إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق، فضلا عن فرع تنظيم القاعدة في اليمن، ولذلك فهي تريد استعادة زمام المبادرة ضد نظام الأسد، ووقف "الدولة الاسلامية" التي تقيمها داعش، إذ تعتبر السعودية التنظيم يمثل تهديدا مباشرا لمصالحها في المنطقة.
المؤتمر الصحفي لسمو وزير الدفاع حول إنشاء التحالف الإسلامي ...
قناة الاقتصادية السعودية المؤتمر الصحفي لسمو وزير الدفاع حول إعلان إنشاء التحالف الإسلامي ...
الضربات الجوية من قبل الدول العربية لم تكن إيجابية بشكل كامل، إذ قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زياد بن الحسين، إن معظم الهجمات على المدنيين في الصراع في اليمن نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية، وأضاف المتحدث أن 5884 شخصًا قُتلوا منذ بداية العمليات مارس الماضي. ونزح أكثر من ١٥٠ ألفا، ودعا يوهان فان دير كلاو، منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة لأي مبادرات تسعى لتخفيف مستوى العنف، ولاسيما القصف والضربات الجوية للتحالف العربي في المناطق المأهولة بالسكان.
إذا كان الوضع في اليمن قد تأثر بما حدث مطلع العام، فقد عانت مدينة تعز بشكل أكبر، منذ أن أصبحت ميدان معركة بين الحوثيين وقوات الرئيس اليمني عبد الله صالح من جانب، وتحالف تقوده السعودية يحاول أن يعيد حكومة الرئيس الحالي لليمن عبد ربه منصور هادي إلى السلطة.
يوميًا تحاول أنسام الشيباني، أحد سكان تعز، التأقلم مع أصوات القذائف التي تزداد ليلًا، ومع النقص الحاد للماء "الناس تضطر للتنقل من حي لآخر بحثا عن سبيل ماء من فاعلي الخير"، تعتمد المدينة حاليًا على التبرعات سواء في المنتجات الغذائية أو الدوائية، بالإضافة لمنع الميليشيات سيارات الإسعاف من الوصول للداخل "أما المساعدات الإنسانية فتبيعها الميليشيات في السوق السوداء بأضعاف سعرها" تحكي أنسام.
"منذ أيام تعرض الحي الذي أسكن فيه لقذيفة هاون أصابت مجموعة من الناس متجمعين حول خزان مياه ادت الى مقتل وإصابة كل من كان بالجوار"، تقول السيدة ذات الـ20 عامًا إن تلك الأحداث صارت طبيعية، إذ تعيش في حي "مديرية القاهرة"، وتدرس في الصف الثالث بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، لكنها لم تُكمل عامها الدراسي الحالي بسبب الوضع.
بالنسبة لأنسام، لم يكن هناك بديلًا عن التدخل الخارجي من قبل قوات التحالف، تعتقد أن "له الكثير من الفضل بتخفيف إجرام المليشيات علينا حيث من اول وهله يظهر فيه الطيران بالتحليق تهدأ المليشيات وتوقف القصف"، إلا انها ترى أن التدخل العسكري مرفوض بكل الأحوال "الأمر مفروض علينا كمواطنين".
السعودية.. إنسانياً:
لم تغفل المملكة العربية السعودية الجانب الإنساني في الحرب السورية، حيث أطلقت بالتزامن مع تصاعد أزمة اللاجئين من الحرب السورية "الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا"، والتي قدمت يد المساعدة من وقت لآخر للاجئين السوريين.
وعقب تصاعد الدور السعودي في حروب المنطقة، ذكر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر جدة، في 14 سبتمبر أن المملكة لا تقبل المزايدات والتشكيك في الدعم السعودي للشعب السوري، مشيرا إلى أن السعودية استقبلت ما يقارب 2.5 مواطن سوري على أراضيها.
يقول فتحي الشاذلي سفير مصر الأسبق بالرياض، إن السعودية تقود عدد من التحالفات في المنطقة لأن بداية تيار داعش كان من ظهر الوهابية في موطن السعودية، مشيرا إلى أن السعودية تشعر بتهديدات أكبر من توسع التنظيم الذي يدعي حمل لواء الدولة الإسلامية، مما دعاه إلى الاهتمام الأنشط بالجانب العسكري عن الجانب الإنساني، مثلما تعطي أوروبا اللاجئين الجزء الأكبر بسبب لجوئهم لدول أوروبية، موضحًا أن المواجهة الدعوية والفكرية من الدولة التي انضم منها أكثر عدد لتنظيم داعش لم تتم كما المواجهة العسكرية.
ويضيف الشاذلي أن الصبغة "الإسلامية" التي وضعتها السعودية على آخر تحالف كان بسبب الربط المنتشر بين الإسلام والإرهاب، وقال في تصريح لـ"مصراوي" إن السعودية تهدف بهذا الحلف لوضع خط فصل بين الإسلام وما تقدمه داعش من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن كلمة "تحالف سني" لم ترد على لسان أي سياسي سعودي، وإنما على ألسنة إعلاميين، رأوا في المشروع السعودي ضد الجانب الإيراني، مشيرًا إلى أن ذلك التحالف ليس بجديد وإنما قد تعهدت به دول في منظمة التعاون الإسلامي ضد أي أعمال إرهابية في المنطقة.
روسيا.. عسكرياً:
فيما تدعم روسيا النظام السوري، بمشاركتها في الضربات الجوية ضد داعش، لم تعلن عن موقف واضح في عاصفة الحزم، إلا إنها فضلت وفقا لتقارير اخبارية الاستقرار في منطقة اليمن، فيما وقعت تحالفًا تاريخيًا مع إيران، والذي يعد الأول منذ 15 عاما، للتعاون العسكري التقني في 20 يناير 2015.
دائرة الحرب كانت "بيزنس" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث قال في 26 أكتوبر الماضي، إن أرباح بلاده خلال العام الجاري في مجال الاستثمار والطلب الأجنبي للصناعات العسكرية، تخطت عتبة 50 مليار دولار، فيما أكدت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن قدرة الروس على تحمل نفقات العبء العسكري في سوريا ترجع بالأساس إلى قلة تكلفة تلك العمليات مقارنة بما تنفقه أمريكا في أفغانستان، إضافة إلى الدعم المادي الذي حصل عليه الجيش الروسي طيلة 17 عاماً مضت دون رقابة على إنفاق تلك الأموال.
ونقلت الصحيفة عن مصادر تعتقد أن الحملة العسكرية على سوريا تكلف روسيا ما يوازي 2.3 إلى 4 ملايين دولار يومياً.
روسيا.. انسانيًا:
في الأول من أكتوبر، أعلنت روسيا عن ارسال دفعة جديدة من المساعدات الانسانية لسوريا، وأوصلت طائرة روسية مساعدات إنسانية لسوريا وعادت بـ56 شخصا من اللاجئين، ووفقا لبيزيا وكوايا ممثل مفوضة اللاجئين في روسيا فالتعامل يتم مع اللاجئين السوريين كأجانب وأغراب، فضلا عن المسافة البعيدة بين دمشق وموسكو، تجعل روسيا بلدا غير جاذب للاجئين، والذين انخفض عددهم في هذا العام من قرابة 3 ألف لاجئ إلى 1600 لاجئ.
بريطانيا.. عسكريًا:
على مستوى التحالفات العسكرية، فقد انضمت بريطانيا للتحالف الدولي الذي بدأ عمليات عسكرية ضد داعش في العراق فقط، لكن طوال العام كانت المملكة حذرة في تعاملها مع التنظيم، حتى أن كاميرون طرح قرارًا أمام البرلمان في نوفمبر لشن ضربات جوية موسعة على داعش، قبل أن يتم الموافقة عليه في أول ديسمبر الجاري وتُطلق بريطانيا أولى ضرباتها الجوية في سوريا ضد التنظيم، وقد سادت حالة من التخوّف قبل اتخاذ القرار، بسبب التبعات التي قد تعود على بريطانيا، خاصة وأن كاميرون صرّح أن بلاده ستسعى دائمًا لوجود حل سياسي لما يحدث في سوريا.
الانفاق على الحرب دفع عدد من البريطانيين من الناشطين والبرلمانيين وبعض من السياسيين الاحتجاج أمام مقر رئيس الوزراء البريطاني في لندن في سبتمبر الماضي، ضد استدعاء كاميرون للبرلمان لإقرار المشاركة في الضربات الجوية ضد داعش في العراق وسوريا، في شعارات فحواها "بريطانيا فاشلة تنفق الملايين على الحرب والصواريخ، واقتصادها يعاني من العجز"، فيما أفادت دراسة لمركز "جينز" البريطاني في أكتوبر الماضي أن بريطانيا تنفق 2.4 مليون دولار على الأقل، وأنفقت منذ بدء العمليات ما بين 80 إلى 115 مليون دولار.
بريطانيا.. إنسانياً:
كان الضغط الشعبي دافعًا للحكومة البريطانية، كي تساعد اللاجئين بشكل أكبر، فعقب حادث الطفل السوري، إيلان كُردي، صرّح رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، بأنه تأثر بما حدث لكن حل الأزمة ليس باستقبال المزيد من اللاجئين، فنظم البريطانيون حملة توقيع على عريضة، في 3 سبتمبر، شارك فيها قرابة 200 ألف مواطن، مطالبين كاميرون بالتخلي عن موقفه، ما دفعه إلى أن يتراجع.
ورفضت بريطانيا المشاركة في نظام الحصص الإلزامي الذي أقرّه الاتحاد الأوروبي، وتبنت نظام "توطين اللاجئين الأكثر حاجة للمساعدة" حيث يتم توفير عمل وسكن وتعليم وعناية صحية، كما قررت إرسال فرق طبية متخصصة للمخيمات الموجودة حول سوريا، وقد استقبلت حوالي 5 آلاف لاجئًا سوريًا منذ اندلاع الثورة 2011.
حتى نهاية مارس2015 قامت بريطانيا بتوزيع ما يفوق 18 مليون حصة غذائية تطعم كل منها شخصًا واحدًا لمدة شهر كامل، ومواد الإغاثة لـ4 ملايين شخص، فضلًا عن استفادة 6.8 مليون حالة من الصرف الصحي والنظافة الصحية. كما خصصت المملكة المتحدة 111 مليون جنيه لتوفير التعليم والحماية والدعم النفسي للأطفال الذين طالتهم الأزمة.
على جهة أخرى، تم تخصيص 500 مليون جنيه استرليني لمساعدة الفئات المستضعفة في سوريا، قامت بتوزيعها منظمات دولية غير حكومية عاملة في دمشق، وتم إرسال باقي الدعم عبر الحدود مع البلدان المجاورة بتفويض من مجلس الأمن.
فرنسا.. عسكرياً:
في 17 نوفمبر الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أمام البرلمان عن الملامح الاستراتيجية لمحاربة الإرهاب وفي طليعته داعش، والذي أقر في خطابه بعد الضربات الإرهابية بباريس بضرورة إنشاء تحالف دولي واحد لمحاربة داعش عِوَض تحالفين يحملان أجندات متناقضة الأول بقيادة الولايات المتحدة والثاني بزعامة روسيا، مؤكدا أن فرنسا تجند كل مواردها العسكرية والسياسية ضد داعش.
وقبل هجمات باريس، شاركت فرنسا في عدة ضربات جوية في التحالف الدولي ضد داعش بهجمات جوية، بدأت في فبراير أول العام الحالي، ووصلت في هذا الوقت عدد القوات إلى ثلاثة آلاف بانضمام حاملة الطائرات شارل ديجول، وبمشاركة تلك الحاملة في الضربات تعتبر فرنسا "رأس حربة" ضد تنظيم الدولة الإسلامية خاصة بعد هجمات باريس في 13 نوفمبر التي أوقعت 130 قتيلا.
فرنسا.. إنسانياً:
عدد من رؤساء البلديات في فرنسا أعلنوا عن رفضهم لاستقبال اللاجئين السوريين، ومنهم من وضع شروطا لاستقبالهم "شرط ان يكونوا من المسيحيين"، والتي جعلت عدد من المسلمين من اللاجئين ينفرون من اللجوء إلى فرنسا، حيث أن 300 فقط من أصل ألف لاجئ سوري وافقوا على السفر إلى فرنسا.
تلك التصريحات دفعت عدد من النجوم الفرنسيين، على رأسهم جولييت بينوش، عمر سي، وجان لوي ترانتينيان، وسيدريك كلابيش، وأرنود ديسبليشان. للتوقيع على عريضة استنكروا فيها "التصرف الفرنسي غير الأخلاقي مع اللاجئين، بطريقة تتعارض مع المبادئ التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية."
كما حث رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس الاتحاد الأوروبي على الإعلان صراحة أنه لم يعد بإمكانه استقبال المزيد من اللاجئين، بالتزامن مع حملة "أنا فرنسي، لا أريد مهاجراً" من عدد من اليمنيين المتشددين.
حالات التشدد تجاه اللاجئين زادت وتيرتها عقب أحداث تفجيرات باريس في نوفمبر الماضي، حيث طالبت فرنسا بالرقابة الشديدة على الحدود الأوروبية، وتوقيف العمل باتفاقية شنجن التي تنظم دخول اللاجئين، كما اشتعلت الحرائق من محتجين بمخيم "كاليه" الذي يضم لاجئون بشمال فرنسا، فيما تواجدت خطابات أخرى تدعم حقوق اللاجئين مثل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود إلى عدم الانقياد لردود الفعل "الذميمة"، الداعية إلى رفض دخول اللاجئين، وأكد أن مطلقي النار بباريس "مجرمون وليسوا طالبي لجوء".
تركيا.. عسكرياً:
طالت اتهامات عديدة تركيا بدعم تنظيم داعش، وتسليحه اقتصاديا، وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن تركيا هي بلد العبور الرئيسي لصادرات التنظيم من النفط الخام، حيث إن دخل تنظيم "داعش" من النفط بحسب التقرير بلغ ما بين 850 ألفًا و1.65 مليون دولار يوميا، وذلك بفضل تركيا التي تستفيد من شراء النفط بدراهم بخسة.
وقد دخلت تركيا في الحملة العسكرية لمواجهة تنظيم داعش عبر شن أولى غاراتها الجوية على مواقع تابعة للتنظيم في يوليو 2015 ضمن قوات التحالف الدولي، خاصة بعد هجوم ارهابي على مدينة سوروتش الحدودية ونسبته الحكومة إلى التنظيم، وذلك بقصف ثلاثة مواقع لداعش في ريف حلب، وبحسب المرصد السوري أسفرت عن مقتل 9 أفراد من التنظيم، وأعلن رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو أن مشاركة تركيا في الحرب بسوريا غير واردة، لكنها تتوقف على حماية الحدود التركية، وتردع فقط من يتعدى على تلك الحدود، فيما كثفت الحكومة التركية حملتها ضد تنظيم داعش.
تحت شعار "الحرب على الإرهاب" وفي أواخر أشهر 2015، كثفت تركيا حملتها ضد الأكراد وحزب العمال الكردستاني، وذلك بعد عامين من وقف اطلاق النار بين الجانبين، وتوعد أردوغان في كلمة له في أواخر أكتوبر أكراد سوريا، قائلا "تركيا ستوجه مزيد من الضربات للأكراد، ولا نحتاج إذنًا من أحد"، مضيفا أن تركيا مصممة على محاربة أي شيء يهددها على طول الحدود السورية، وقصفت طائرات حربية تركية أهدافا كردية، وذلك لضرب الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، وفيما لا تزال تشتعل الحرب بين الجانبين، دعت جماعات كردية في ديسمبر إلى حكم ذاتي بعد قتل أكثر من 200 مسلح كردي.
تركيا.. إنسانياً:
للقرب الجغرافي مع سوريا، حظيت تركيا بعدد كبير لاحتضان اللاجئين السوريين، فوفقا لمفوضية اللاجئين يصل عددهم إلى قرابة المليون لاجئ سوري، بنسبة 45% من اللاجئين السوريين، فيما استقبلت لبنان والأردن وتركيا عدد لاجئين تجاوز أكثر من 4 مليون لاجئ سوري.
في سبتمبر، أعلنت تركيا إنها لن تشارك في أي عملية عسكرية ضد داعش، وستركز كليا على العمليات الانسانية، وسط انتقادات من حلفائها الغربيين، التي نفت على الدوام دعم داعش، وكانت تسرع بسقوط نظام الأسد، حيث أفادت تقارير عديدة بالمساعدات التركية للاجئين بانفاق قرابة 50 مليون دولار لعلاج مرضى السرطان السوريين، كما أصبحت تركيا دولة "مصب" للمنح الواردة من الغرب مثل 3.1 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي، و534 مليون يورو من ألمانيا.
كندا.. عسكرياً:
كان البرلمان الكندي قد وافق في مارس الماضي على توجيه ضربات لداعش داخل سوريا، فيما كانت المعارضة الليبرالية حينها-والتي أصبحت الحكومة الآن- ترى أن الضرب سيجر كندا لحروب طويلة وسيساعد بشار الأسد.
الحكومة الليبرالية الكندية الجديدة برئاسة جاستن ترودو، كانت بمثابة الكارت الذي غيّر الكثير، إذ وعدت قبل نجاحها في الانتخابات بسحب مقاتلات كندا من أماكن مواجهة داعش، فهي على قناعة بأن كندا سيصبح لها دور أفضل في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة من خلال تدريب المقاتلين الأكراد شمال العراق.
كندا... إنسانياً:
في رداء أحمر مُوحد وقف ثُلة من الأطفال الكنديين، معًا يُنشدون بعربية متقطعة قصيدة "طلع البدر علينا"، كانت طريقتهم تلك هي ما اختاروه للتعبير عن ترحيب بلادهم بوصول أول فوج من اللاجئين السوريين لكندا، منتصف ديسمبر الحالي، ضمن 25 ألف لاجئ تعهدت الحكومة باستقبالهم.
لم يتوقف تساهل كندا مع ظروف اللاجئين عند ذلك الحد، فقد أعفت اللاجئين من القروض التي تُطلب منهم مُقابل دخول كندا، إذ تتكفل بها حتى يصلوا أرضها ثم يمكن تقسيط تلك التكاليف على شهور أو سنوات، لأنهم سيبدئون من الصفر في بلد غريب.
يوسف شوفان كندي الجنسية ذو أصول سورية، وكان أحد الذين ساعدوا اللاجئين في أكتوبر الماضي، حين أطلق حملة موقعًا إلكترونياً لبيع اللوحات الفنية، والتي يعود ريعها للسوريين، وشاركه أكثر من فنان آخر ومصور في فكرته.
ألمانيا.. عسكرياً:
شاركت ألمانيا في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تصل إلى حد القيام بغارات جوية على مواقع التنظيم المتطرف، بل اقتصرت على تقديم مساعدات عسكرية للمقاتلين الأكراد في العراق.
وأعلنت الحكومة الألمانية رسميا 27 نوفمبر انها اقترحت على فرنسا تزويدها بمساعدات عسكرية في حربها ضد تنظيم داعش الارهابي، بينما أعلن البرلمان الألماني في 4 ديسمبر موافقته على المشاركة في توفير الدعم العسكري للحملة الدولية ضد داعش في سوريا، وحظي قرار المشاركة في الحملة ضد التنظيم الإسلامي بموافقة 445 نائبا بينما عارضه 146 كما أمتنع سبعة من النواب عن التصويت.
ألمانيا.. إنسانياً:
تحدي اللاجئين هو أكبر ما تواجهه ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي تمسكت بـ"ثقافة الترحيب الألمانية" باللاجئين على أرضها، من ضمن ما جعلها شخصية العام بحسب مجلة تايمز، و أعلنت ميركل أنه يمكن للبلد أخذ 500 ألف لاجئ سنويا لأعوام عدة، في إطار تلك السياسة.
وتشهد ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي تدفقا قياسيا للاجئين من كل أنحاء العالم، فيما قالت ميركل إنها تؤيد "توزيع أعباء" اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي، وطالبت بإعادة توزيع 160 ألف لاجئ داخل أوروبا، وفي نفس السياق.
مصر.. عسكرياً:
"قامت قواتكم المسلحة فجر اليوم الاثنين، الموافق 16 فبراير2015 بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابى بالأراضى الليبية"، كان ذلك البيان هو الصادر عقب الخطوة الأولى التي اتخذتها مصر ضد التنظيم بالدولة المجاورة، بعد اختطاف 21 مصريًا بليبيا وذبحهم على يد داعش.
تلك الضربة كانت مبكرة قبل أن تنضم مصر للتحالف العربي الذي قام بعملية "عاصفة الحزم" ضد جماعة الحوثيين باليمن، في مارس المنصرم، وقد شاركت مصر في التحالف بقوات بحرية وجوية فقط.
مصر.. إنسانياً:
في 8 سبتمبر الماضي، أعلن هشام بدر مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، إن عدد اللاجئين السوريين بمصر، وصل إلى 350 ألف سوري، مسجل منهم 140 ألف بمفوضية اللاجئين، فيما أعلن الرئيس السيسي في 13 سبتمبر من نفس الشهر أن مصر بها 5 مليون لاجئ بينهم 500 ألف على الأقل من السوريين يعيشون فى مصر رغم الظروف الصعبة التى تحياها البلاد، ويقيم الغالبية منهم بعدة أحياء بالقاهرة ومحافظات مثل كفر الشيخ.
تقول مروة هاشم المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لدعم اللاجئين بالأمم المتحدة إن عدد اللاجئين السوريين بمصر، والمسجل بالمفوضية هو 184 ألف 705 لاجئ سوري، مضيفة في تصريجها لـ"مصراوي" إن الحكومة المصرية لا تدعم اللاجئين السوريين ماديا، لكن تقدم اثنين من الخدمات لهم، وهى السماح للطلاب التعليم في المدارس الحكومية على قدم المساواة مع الطلاب المصريين، بجانب الرعاية الطبية في المستشفيات والعيادات الحكومية.
وتوضح المتحدثة باسم المفوضية إن التسجيل من قبل اللاجئين في المفوضية ليس اجباريا، وإنما هو وسيلة من وسائل الدعم، يتعارف عليه اللاجئين بالتناقل الكلامي بين بعضهم البعض، فيما تقدم المفوضية الدعم المادي للاجئين الأكثر احتياجا، بناءً على تقييم المفوضية.
وتؤكد مروة أن اللاجئين السوريين بمصر يواجهون أزمة -كما في كل البلاد التي تستقبلهم- وهى أزمة قلة التمويل، فمع طول الأزمة في عامها الخامس، وكذلك زيادة أعداد اللاجئين، قلت نسبة التمويل عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40%، مشيرة إلى أن المفوضية تقدم الدعم للسوريين بتسجيل صفة اللاجئ بموجب الاتفاقية بين المفوضية والحكومة في عام 1954، وتقدم بموجبها عدة خدمات مثل منحة تعليمية قدمت لعدد 25 ألف طالب سوري، ومساعدتهم في الحصول على الكتب والأدوات المكتبية.
مبادرات عديدة في مجال التعليم، مثل مبادرة "حوش يجمعنا" تعاونت فيه المفوضية مع وزارة التربية والتعليم، لاستيعاب الطلاب السوريين بالمدارس المصرية، وقد تم تحسين 8 مدارس، في عدة محافظات بالأساس الاسكندرية والقاهرة ودمياط، كما قدمت المفوضية 10 مليون جنيه لوزارة التربية والتعليم لتقليل كثافة الفصول بالمدارس التي تستوعب لاجئين، وتعود بالنفع على المصريين أيضا.
المفوضية لا تعد الجهة الوحيدة لتقديم يد العون للسوريين، لتقول مروة إن الدعم المقدم من المصريين كأفراد كان دوما داعم للاجئين، لكن هذا يقل مع الوقت، أشكالا أخرى من الدعم مثل "المعونة الشتوية"، والتي تصدر من المفوضية للاجئين في شهر ديسمبر ، ولكل الجنسيات، وكذلك دعم المشروعات الصغيرة المقدمة من اللاجئين في مواجهة التحفظ الرسمي من مصر على عمل اللاجئين في مصر، وكذلك تم في 2014 تحسين 44 مركز صحي والأجهزة الصحية بهم وفي 2015 حوالي 20 مركز صحي، وتخدم أهل البلد من المصريين، مضيفة أن المعاناة للسورين مستمرة بطبيعة الغربة واللجوء.
غرب إفريقيا.. عسكرياً:
منذ سنوات تسعى جماعة بوكو حرام -أعلنت ولائها لداعش في مارس الماضي- في نيجريا إلى إنشاء دولة إسلامية بالبلاد، ما دعى الاتحاد الإفريقي للموافقة على تشكيل قوة قوّامها 8700 جنديًا، لمقاتلة أعضاء التنظيم في شمال نيجريا وحدودها، وكان التحالف العسكري الذي تكوّن ينتمي إلى الكاميرون، نيجريا، وتشاد والنيجر وبنين.
غرب أفريقيا.. إنسانياً:
منذ تصاعد نشاط بوكو حرام في 2009، قُتل أكثر من 13 ألف في نيجريا، ونزح مليون ونصف مواطن بينهم أكثر من 700 ألف طفل.
استطاع التنظيم خلال 2015 توسيع نشاطه في النيجر والكاميرون، وازدادت الهجمات الانتحارية ما خلّف 7512 قتيلًا حتى آخر نوفمبر، حسب دراسة أجراها معهد الاقتصاد والسياسة، وأضافت أن عدد ضحايا الجماعة الإرهابية ارتفع بنسبة 300% عن 2014.
وطبقًا للمؤشر العالمي للإرهاب، فقد ارتفع عدد ضحايا الإرهاب إلى 32658 هذا العام من 18111 في 2014، وتشير الدراسة التي اجراها المعهد أن تنظيمي داعش وبوكوحرام مسئولان عن نصف هذا العدد.
الوضع الإنساني في نيجيريا ظل مقلقًا على مدار العام، إذ جاء على لسان رئيس منظمة لعفو الدولية "لقد قُتل الرجال والنساء والفتيان والفتيات والمسيحيون والمسلمون أو تعرضوا للاختطاف والتعنيف على أيدي عناصر بوكو حرام أثناء حكم الرعب الذي طالت تبعاته ملايين الأشخاص"، بالإضافة لتقارير تحدثت عن اغتصاب الفتيات أو خطفهن على يد التنظيم، ما دفع الكثير من الآباء للجوء لكي أثداء فتياتهن كي لا يُصبحن فريسة لأعضاء التنظيم، خاصة في الكاميرون، وعلّق صندوق الأمم المتحدة للسكان أن كيّ الثديين يمثل إحدى الجرائم الخمس التي لا يتم الإبلاغ عنها فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة.
منظمة الصليب الأحمر كانت ضمن المعنيين بإرسال مساعدات لإفريقيا، إذ تقرر التوسع في برامج الصليب الاحمر في الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا في مايو الماضي.
وقال بيتر مورر رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر إن القيمة المجمعة لهذه البرامج في بحيرة تشاد تبلغ اجمالا 118.11 مليون دولار مما يجعل هذه المنطقة ثالث أهم نشاط إنساني للصليب الأحمر في أنحاء العالم بعد سوريا وجنوب السودان، وقال مورر في لقاء له بقناة يورو نيوز 16 ديسمبر إن "ما أراه أن المساعدات الانسانية تتضائل لدى البشر في الوقت الذى تتزايد فيه احتياجاتهم منذ ظهورها عام الفين و خمسة عشر".
فيديو قد يعجبك: