''مصراوي'' يحاور مطور الواي فاي المصري: بلدي لم تكرَمني وهذه نصيحتي لأصحاب الانترنت البطيء
حوار - يسرا سلامة:
بين هواتف محمولة وأجهزة إليكترونية أكثر تطورا، يربطها التواصل اللاسلكي أو واي فاي، يقف خلف هذا الاختراع عدد من العلماء والباحثين، منهم الدكتور المصري ''حاتم زغلول''، والذي ساهم في إضافة متطورة للواي فاي مع شريكه الكندي ''ميتشيل فتوش''، ''زغلول'' من مواليد الجيزة 7 فبراير 1957، درس الهندسة الإلكترونية في جامعة القاهرة، ودرس الرياضة التطبيقية في جامعة عين شمس، بجانب طريق علمي ممتد إلى ماجستير الفيزياء في كندا، ومدرس للإحصاء في جامعة آتاباكسا من 1988 وحتى 1990، وعمل كباحث في شركة ''تيلوس'' الكندية للاتصالات من العام 1989 حتى 1993، وضع جُل خبرته في كتاب من قلمه ''قصص من حياتي''، عن الاختراع والعلم بجانب السياسة، تحدث ''زغلول'' في حوار عبر البريد الإلكتروني لـ''مصراوي''.
متى بالتحديد جاءتك فكرة تطوير الواي فاي؟
لابد أن أؤكد أننا توصلنا إلى اختراع ''صفة مميزة'' كإضافة لخاصية الواي فاي، والذي شارك في تطويرها عدد من العلماء والباحثين، أي أن إسهامنا هو جزء من الاختراع المتداول هذه الأيام، فالواي فاي تعريف لـ''المعيار اللاسلكي لتقنية الشبكات التكنولوجية''، وهى كانت متواجدة بمعدلات منخفضة، ونحن طورنا تلك المعدلات لإصدار أعلى معدل من أجل نقل البيانات.
وكيف صعدت الفكرة لتكون الاختراع المتداول بين ملايين من الناس؟
ففي عام 1990، ميتشيل وأنا عملنا على تطوير تكنولوجيا تطور أداء الاتصالات اللاسلكية بمعدل ألف مرة وفقا للنظرية، وعند التطبيق، لم تتحسن التجربة كثيرا، كان هذا بسبب القيود العملية في المكونات المستخدمة في الأجهزة اللاسلكية، وكنا نظن أن التكنولوجيا لا يمكن أن تستقبل فكرتنا رغم القيود، لكن الفكرة نجحت، وتوصلنا إلى فكرة WOFDM، وهى قلب فكرة سرعة الواي فاي، وحصلنا على براءة الاختراع في عام 1992.
وماذا بعد تحقيق براءة الإختراع؟
بعد براءة الاختراع، فكرنا في تسويق تلك التكنولوجيا، كان ذلك مبكرا جدا، ولم نجد شركات كبرى تريد الاستثمار في هذا الاختراع المبكر، وكان علينا أن نبدأ شركة وحدنا مع مساعدة من أحد رجل الأعمال، وقام رفيقي ''ميتشيل'' برهن منزله مقابل المال، وقمت ببيع عدد من البطاقات، كما اضطررت أيضا لبيع بعض أسهمي في عملي السابق، وفي نهاية المطاف، شارك معنا أيضا عدد من الأصدقاء والعائلة، وبعدها بستة سنوات، تحديدا في عام 1998، اعتمد ''معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات'' (IEEE) اختراعنا، وطور سرعة الواي فاي.
رغم انتشار تقنية الانترنت والواي فاي.. لماذا تبدو كجندي مجهول وراء الاختراع ولا يعلم الكثير اسمك؟
كان ذلك طبيعيا نظرا للتركيز في الخارج على التكنولوجيا وداخليا على التمثيل وكرة القدم.. ونأمل أن يتغير ذلك.
منذ متى تركت مصر؟ ومتى كانت آخر زيارة لك؟
تركت مصر في عام 1981، للعمل في شركة بترول في أوروبا، وفي عام 1983 انتقلت للعيش والعمل في كندا، وآخر زيارة كانت في 2008.
ماذا عن فترة طفولتك وشبابك؟
كنت أصغر طفل بين ستة أشقاء، تمتعت بحكمة أخوتي، أما والدتي كانت معلمة منضبطة، اهتمت بتعليمنا جميعا تعليم جيد على كل المراحل، ووالدي كان يعمل في السفارة المصرية في لندن، وأعطانا فرصة جيدة للسفر للخارج بشكل منتظم، حيث قضيت عمري من السنتين إلى الستة سنوات في لندن.
هل عرضت فكرتك حول تطوير الواي فاي لأي جهة بحثية مصرية؟
لا .. لم اتقدم بها لأي جهة بحثية مصرية، لإن فكرة الاختراع كانت خارج مصر.
كيف ترى نظام الدراسة في مصر؟
لا يمكنني التعليق على ذلك، وأعتقد أن مصر كان لديها نظام تعليمي رائع الذي تعلمت من خلاله، وعندما قمت بتحضير الماجستير في الفيزياء في مصر، ثم الدكتوراه في كندا، كان هناك جديد في نظام الدراسة.
وكيف ترى اهتمام الدولة بالعلوم؟
مصر لا تهتم بالعلوم في تلك الفترة للأسف، ولا يجد الباحثين المصريين أي دعم مادي أو معنوي من الحكومة.
كيف احتفى العالم باختراعكم للواي فاي؟
حصلنا على الكثير من الجوائز من الخارج، وتم تكريم شهادة براءة اختراعنا أكثر من أي شهادة براءة اختراع أخرى، ومعظم الشركات وقعت معنا اتفاقيات تراخيص، وتم دفع رسوم براءة الاختراع، وصنفت مجلة ماكلين الكندية اختراعنا كواحد من أعظم الاختراعات في عددها في يوليو 2000، واستملت كثير من الجوائز من كثير من المنظمات الكندية والعالمية، واعتقد أننا كنا الأوائل في تقديم خدمة الوايف فاي لنطاق عريض وواسع من الناس الآن.
هل تم تكريمك من أى جهة في مصر على اختراعك واسهاماتك؟
لا.. لم اتلق أي جوائز من مصر منذ الاختراع.
وكيف يتعامل العلماء بالخارج مع المهاجرين بشكل عام؟
من الصعب تحديد ذلك، فنحن لا نملك أي مؤسسة تقوم بتتبع إنجازات الباحثين والعلماء المصريين في الخارج، ورغم ذلك فإن العلماء المصريين لديهم تقديم كبير في مجال الاتصالات والتشفير، وهذا حسب معرفتي بذلك المجال، واعتقد أن المصريين أيضا يقدمون حضور مماثل في مجالات أخرى.
وكيف تعرفت على صديقك ميشيل فتوش وقدمت للعالم هذه الفكرة؟
كنا نذهب معا إلى كلية الهندسة في جامعة القاهرة، في الفترة من عام 1974 إلى 1979، وقابلته للمرة الأولى في عام 1976، ومنذ ذلك الوقت أصبحنا أصدقاء، وفي عام 1985 كان ''ميتشيل'' انتهى من رسالة الدكتوراه الخاصة به من تورنتو في كندا، ثم قام بالتدريس في مدينة كالجاوري في كندا، ثم علمنا معا في البحث.
كيف استقبل أهلك فكرة الهجرة للخارج؟
عائلتي تعيش في الخارج، والدي يعمل في لندن، واثنين من إخوتي وأمي هاجروا إلى كندا قبل ذهابي، لذا هجرتي كانت أمر طبيعي للعائلة.
كيف ترى أزمة سرعة الانترنت في مصر؟
اعتقد أن كثير من المصريين لا يدركون أو يقدرون قيمة حقوقهم بشكل عام، فالحق في انترنت سريع يجب أن يكون حق منذ الولادة، ومن المفترض أن تكون تكلفة الواي فاي أقل من تكلفة الانترنت السلكي.
وكيف في رأيك تساهم مصر في مجال تكنولوجيا المعلومات؟
بالطبع.. يمكن للمصريين تنمية وتطوير البرمجيات خاصة في مجال التطبيقات وعدد من مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات، وهو أيضا مجال سهل للمصريين للتطوير فيه، والتعلم فيه وتقديم منتجات جيدة من الأفراد.
كيف - في رأيك – يتم اكتشاف حاتم زغلول جديد في مصر؟
بالتوقف عن الحديث عن المهازل في مجال التعليم مثل طالب يجد أخطاء في نظرية النسبية العامة، أو إننا اكتشفنا علاجا لجميع الفيروسات.. نحن بحاجة إلى النجاح الحقيقي والاحتفاء به.
هل تواصلت مع أي مجموعة من الشباب المصري لديهم مشروعات أو أفكار علمية؟
أنا أرد على جميع من يتصل بي، وأعطي النصيحة لأي طالب أو شخص يسألني وفقا لظروفه.
في حوار سابق ذكرت أنك احتفظت بهويتك الاسلامية .. هل أثر ذلك على علاقتك بالناس في الخارج؟
الناس احترمت حقيقة كوني مسلما، ومدرائي في العمل سمحوا لنا بصلاة الجمعة في جماعة، وكنت أعتذر عن الاجتماعات العادية أحيانا لأداء الصلاة، وسمحوا لي بذلك عندما عرفوا إنني أعطي عملي ما يقارب من 200% من طاقتي بالمقارنة بالآخرين، واحترم الجميع آنذاك الإيمان والإسلام أكثر وأكثر.
كنت رئيس الجالية الإسلامية في كندا؟ حدثنا عن دورك في ذلك المنصب؟
كانت خبرة رائعة.. لقد كنت رئيس الجالية الإسلامية في كالجوري، وكنت مشرفا مع الحكومة على أكثر من ثلثي المساجد في كندا وأمريكا، ومن أفضل الخبرات في تلك الفترة إننا كنا نرتب لتوحيد المجتمع الإسلامي، والذي كان منقسما على أسس عرقية بين مسلمين عرب ومسلمين من غير العرب، أو لبنانيين وغير العرب.
وقد أسسنا هيئة إدارية لكل المسلمين السنة في كالجوري، وبدأنا حوار الأديان بين المسلمين والمسيحيين واليهود، كانت أخبارنا في الصحف نتحدث عن القيم الدينية والأخلاقية، وقامت الجالية في تلك الفترة بتأسيس وافتتاح ثلاث مساجد كبرى وأيضا مدرستين كبار خلال فترة زمنية قصيرة جدا.
كيف ينظر الغرب لإسهام علمي مقدم من مسلمين الآن في تلك الفترة؟
لا اعتقد أن نظرتهم للاختراعات بهذا الشكل، لإن شريكي في الاختراع ميتشيل مسيحي كاثوليكي.
قمت أيضا على تأسيس عدد من الشركات، حدثنا عنها؟
شاركت في تأسيس شركة كندية والتي تقوم بتحسين برنامجا أفضل لفهرسة الأسهم في البورصات، وحققت أداء جيدا في هذا البرنامج بإدارة صندوق صغير، كما إنني أشارك في شركة تطوير شبكات بمصر، كما إنني لا أزال أملك أجزاء من بعض الشركات في منطقة الكاريبي التي عقدت بعض التراخيص اللاسلكية، ولدي مزرعة زيتون صغيرة في الفيوم.
يجنح عدد كبير من الشباب إلى الهجرة.. كيف ترى ذلك؟
للأسف حتي تتغير تلك الأوضاع الصعبة في العالم العربي، فإن ذلك سيستمر.
ما هى نصيحتك للشباب في العالم العربي؟
أعمل وأحلم.. وتخيل دوما كيف تحقق حلمك، وصدق أحلامك لتحققها.
في أحد الدراسات البحثية وجد أن النظام التعليمي الفاشل وسوء الاحوال الاقتصادية وراء انضمام عدد من الشباب العربي لتنظيم داعش؟
أوافق بالطبع.
ذكرت في مقال سابق لك أن السذاجة المتناهية للإخوان المسلمين كانت وراء فشل الاسلام السياسي في مصر.. هل من الممكن ان تفسر لنا ذلك؟
كتبت في المقال أن التيار الإسلامي انتابه الغرور، حيث يعتقد أن لديه السيطرة الكاملة على الأمور في مصر، بجانب الحديث عن الأفكار البعيدة عن الواقع، كما لم يتفهم الإخوان المسلمون الصعوبات التي تواجه بلد ملئ بالتنوع مثل مصر، ولم يتفهموا طبيعة السياسة، وأعتقد الرئيس الأسبق مرسي كان يريد السيطرة على مصر قبل أن يقدم مشروعات كبرى لمصر.
ما أكثر القيم التي تزرعها في أولادك؟
أولادي دوما يتبعون نصائحي لهم لتساعدهم في طريقهم، وقد علمتهم على التفكير النقدي المستقل.
فيديو قد يعجبك: