"التحرير".. من هنا مرت الثورة
كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-كريم أحمد ومصطفى الشيمي:
مدفوعون بالغضب على الوطن خرجوا. الميدان قبلتهم، كان في السابق مساحة متسعة جوفاء، يحفها أسدان قصر النيل، كوبري عبد المنعم رياض، والمتحف المصري، صار عقب 25 يناير 2011، يحمل ذكرياتهم، وجعهم، وأصدقائهم الموتى أمام أعينهم.
بقعة "التحرير" وما حولها شهدت تجليات الحرية المؤجلة 30 عاما، لا تعرف الحشود كيف تدفع عن نفسها الرصاص، أو كيف تحمي الأجساد من ألاعيب الغاز المسيل للدموع، فقط الثورة تطرق أبواب قلوبهم، ولا شيء يهم بعد ذلك.
من بنى المتاريس أمام الحشود دفع الثمن. الثورة لا تعرف وساطة. آثام نظام "مبارك" تتصارع في أعين الذين يحاولون عبور الكردون الأمني؛ الإهمال الجسيم، تعذيب للمسجونين، التنعم في ثروات البلد، احتلال الكبار وأبناءهم للمناصب المرموقة بغض النظر عن الكفاءة، البطالة والفقر . والموت انتحارا هربا من كل ما سبق.
لم تكن للخارجين خبرة بالكر والفر مع عصي قوات الأمن المركزي، لكن سحابة الثورة مسّتهم فتدفقوا يهتفون بكل مكان، صار الميدان ملكا لهم. الميدان دولتهم. انسحب الأمن تاركا المدنيين لقدرهم، غير أن آل الثورة لم يهتموا؛ قسّموا الأدوار بينهم كي لا يحتاجوا لأحد؛ "الهتّيفة"، حرّاس المداخل، مسئولي الإطعام. لم يقربهم طوال 18 يوما أحد، إلا محاولة متهالكة عُرفت حينها بـ"موقعة الجمل".
تحمّل الميدان العجوز أكثر مما ينبغي، خارت قواه أمام الموت المتتابع، خمسة سنوات تغير فيها "التحرير" تماما، اندثر صوت الهاتفين، ليس ثمة حركة هناك، زالت آثار يناير الأولى. الميدان أصبح باردا، لا روح فيه، يظن المارة أنه مهجورا، وكان فيما قبل أدفأ بقاع الأرض.
فيديو قد يعجبك: