لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف خطط مواطن للانتصار في معركة "الدولار"

03:39 م الإثنين 21 نوفمبر 2016

تعويم الجنيه

كتب- محمد زكريا:

منذ سنوات طويلة يتحصل محمد حسام –اسم مستعار- على الدولار الأمريكي، من خلال أربعة أخوات يعملون بالمملكة العربية السعودية. أوقات كانت أحد البنوك الحكومية وسيطًا في عملية تحويل العملة الأجنبية إلى المحلية، أخرى كانت وسيلته إحدى الشركات الخاصة. التقارب النسبي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، بين البنوك والسوق الموازية، قبل سنوات، لم يدع للشاب العشريني فرصة التفكير في اكتناز الدولار. قبل أن يتغير الأمر منذ العام تقريبا؛ نتيجة لاتساع الفجوة في أسعار صرفه من البنوك عنها في السوق السوداء. ما دفع الشاب الصغير إلى التفكير كثيرا في الاحتفاظ ببعض الأوراق الخضراء.

في الثالث من نوفمبر المنصرم، أعلن البنك المركزي المصري، تحرير سعر صرف الدولار في البنوك وفقا لأليات الطلب والعرض. وقال البنك الرسمي، في بيان له، إنه قرر اتخاذ إجراءات عدة لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي؛ بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء تمامًا السوق الموازية. بعدها بأيام حسم صاحب الـ26 عاما قراره بالاحتفاظ ببعض الأوراق الأمريكية.

مع صباح يوم جديد، يستيقظ "حسام" من نومه، يتثاءب ممسكًا بهاتفه الصغير، يفتح أحد تطبيقاته المثبتة بعنوان "بكام في البنك"، يُحملق في أسعار العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية، تمتلكه الحسرة مع كل زيادة للجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، يتفحص إحدى صفحات "فيسبوك"؛ يتبادل روادها من مكتنزي العملة الخضراء الآراء حول مدى الاستفادة من أسعارها المتذبذبة، قبل أن يسأل بمنشور على صدر الصفحة المغلقة "وبعدين.. هنعمل أيه لو الدولار سعره مزدش؟"، فيما يُطمئن قلبه ضعف سياسات حكومية مُتبعة في مواجهة أزمات مالية متكررة، حسبما يرى الشاب العشريني.

ليلة تحرير سعر الصرف، حدد البنك المركزي 13 جنيها كسعر استرشادي للدولار الواحد. وبعد أيام من بدء "التعويم" بدأت أسعاره في التزايد بشكل تدريجي. حتى تراوحت خلال أسبوع ما بين 16 إلى 17 جنيها في البنوك، في الوقت الذي أرسل فيه أحد الأشقاء مبلغ من العملة الأمريكية؛ طالبا من "حسام" المقيم بالقاهرة تحويلها إلى العملة المصرية. إلا أن ارتفاع سعره في البنوك ما بين 17 إلى 18 جنيها، بعد يوم واحد فقط، دفع "حسام" إقناع أخيه اكتناز مبلغ 3000 دولار من أمواله المحولة، مقابل الجنيهات المصرية للأخ المُسافر، إذ وصل سعر الدولار يومها إلى ما يقارب 17.90 جنيها. أَملًا الشاب العشريني في زيادة متواصلة في سعره.

وجه بعض الأصدقاء النقد لـ"حسام"؛ تماشيًا مع انتقادات حكومية تُرجع الأزمة المصرفية إلى ما أَسمتهم "تُجار العملة"، لكن اللوم لا يجد طريقه لنفس الشاب الصغير "الموضوع ملوش علاقة بحب البلد من عدمه، الموضوع ليه علاقة بالمكسب والخسارة". مبررًا خطواته بانخفاض متزايد في قيمة الجنيه مقابل السلع والخدمات التي يتحصل عليها بمقتضاه. ضاربا المثل بأحد أقاربه من المؤيدين لسياسات الرئيس وقرارات حكومته، بشكل دائم، غير أن ذلك لم يمنعه من مبادلة عملاته الأجنبية من السوق الموازية في الوقت التي زادت الفجوة بينها والقطاع الحكومي "يقولك يعني كان في السوق السودة بـ17 جنيه، أروح أبدله من البنك بـ8.88، عشان أبقى بحب البلد، لا طبعا". نفس الأمر يعتقده الشاب العشريني.

بعد أيام من احتفاظ صاحب الـ26 عاما بالـ3000 دولار، اتجه سعره إلى الانخفاض في البنوك، هو ما أصاب الشاب العشريني بإحباط شديد. أمسك هاتفه الذكي وتواصل مع رواد صفحة "فيسبوك" المغلقة على أعضائها "سألت الناس ايه الوضع، في أمل الدولار يطلع تاني؟"، وسط نقاشات الأعضاء حول الأوضاع المصرفية في البلاد "كان في لجان إلكترونية بيكسروا عزيمة الواحد ويقولوا الدولار نزل وهتخسروا، وناس بتسأل اللي معاه دولار يبدله دلوقتي ولا يستنى شوية". بعدها قرر "حسام" المرور على عدد من شركات الصرافة، وبعض محلات بيع العملة الأجنبية، للتأكد من سعره المتداول "بقيت أسأل: عامل كام النهاردة، والتوقعات يوصل كام بكرة". قبل أن يتواصل "حسام" مع بعض دارسي الشأن الاقتصادي.

يوم الخميس العاشر من نوفمبر الجاري، أعلن صندوق النقد الدولي، موافقته منح مصر دفعة أولى قيمتها 2.75 مليار دولار، من قرض تبلغ قيمته الإجمالية 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، في نفس يوم إعلان البنك المركزي عن صفقة تمويل بملياري دولار مع بنوك أجنبية، هو ما يزيد من حجم الأرصدة الدولارية في بنوك الدولة المصرية.

الثقة التي ملأت "حسام"، نابعة من اعتقاده بعدم توجيه الدولة المصرية تلك الأموال للإنتاج، وهو ما يزيد من أماله في ارتفاع مرتقب في سعر الدولار بالسوق السوداء، بعد شهور قليلة من نفاذ جزء كبير من الحصيلة الدولارية في البنوك "لما المستورد يروح للبنك، وميوفرلوش الدولار، هيتجه للسوق السوداء، ساعاتها هيزيد سعره، ونبيع ونكسب تاني". ضاربًا المثل بالأحداث التي عاشتها مصر بعد الثالث من يوليو في العام 2013 "المليارات اللي الخليج حولها لمصر، لما خلصت الأزمة اتجددت، وسعر الدولار ارتفع جدًا.. وهترجع ريما لعادتها القديمة"، بحسب وصفه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان