شقيقة حمادي الخليفي تحكي لمصراوي كيف قُبض على شقيقها بسبب "بوست"
كتبت- شروق غنيم:
مساء الثلاثاء الماضي، فتح حمادي الخليفي صفحته الشخصية على "فيسبوك"، تُطالعه جملة "ماذا يدور في عقلك؟" فيكتب بلغته التونسية: "عزيزي الحارس الشخصي ماكش ناوي تعملها؟ هاك مازلت شاب اصدم واحنا الكل معاك"، يذيل الكلمة صورة للرئيس التونسي القائد السبسي، وخلفه حارس.
لم يدُر بعقل المحامي التونسي أن هذا المنشور سيجلب له مشاكل، تسرد شقيقته أميمة الخليفة لمصرواي ما آل إليه وضع شقيقها بعد هذه الكلمات.
قبل هذا المنشور بيوم، الاثنين تحديدًا، قُتِل السفير الروسي أندريه كارلوف أمام أعين العالم، جراء إطلاق نار من قِبل حارس تُركي وقف خلفه، خلال زيارة السفير لمعرض فني.
صباح الأربعاء، تلقى حمادي مكالمة هاتفية من أحد أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة، والتي يعمل بها مستشارًا قانونيًا، "اتخانق معاه جامد". بعد الظهيرة أصدرت الهيئة قرارًا بفصله من العمل، والسبب أنه لا يصح أن يُدلي بميوله السياسة وهو يخدم بالهيئة، وأن عليه الالتزام بالحيادية.
في نفس اليوم مساءً، طرق رئيس منطقة أمن باب بحر بصفاقس –حيث يقطن حمادي- باب منزله، لكنه لم يكن موجودًا حينها، فترك له رسالة مع أسرته بأن عليه المرور على المركز للتحقيق حول ما كتبه، مع كلمات مُطمئِنة "قالولنا متخافوش، مش هنعمله حاجة لكن لازم يعدي على التحقيق".
رتّب حمادي نفسه للتحقيق، وهاتف 2 محامين من أجل الحضور معه في تمام التاسعة من صباح الخميس، لكن قبل ذلك الموعد بساعة فقط، تواجدت قوة من المركز في بيت حمادي واصطحبته للتحقيق "مخالوش المحامين يدخلوا معه، مخلوش معلومة تخرج عنه".
ساعات ونُقِل صاحب الـ24 ربيعًا من مركز الأمن بصفاقس إلى العاصمة تونس، للعرض أمام النيابة العمومية لمكافحة الإرهاب، التوتر انتاب الأسرة، لاسيما عدم معرفة التهمة الموجهة إليه "في الأول اتقالنا تحري، لكن معندناش معلومة عن تهمته. ما يتحدث عنه الكل بأنه التحريض على القتل، ومحاولة المساس بأحد رموز الدولة".
اليوم الجمعة، استطاع 3 محاميين من الحضور مع حمادي بالتحقيق أمام النيابة العمومية قبل ساعات من الآن، "المحاميين طمنونا إنه كويس، وإن الأمن مقلوش من الاحترام معاه"، وترى أميمة أن قضية شقيقها باتت رأي عام لذا فإن من مصلحة الأمن ألا يمسوا حمادي بسوء "عشان الحكاية متكبرش أكتر".
ودّشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "#سيب_حمادي"، اعتراضًا على ما حدث معه "كتير اتضامنوا معه وساندوه حتى المختلفين معه بشأن ما كتبه"، تضيف أميمة.
ثلاثة أيام جنونية عاشتها الأسرة بعد "منشور" تقول عنه أميمة أن أكثر من تونسي قد كتب نفس كلمات حمادي، لكن شهرته كانت سببًا في التركيز معه تحديدًا، وخصوصًا من أناسٍ عادوه بسبب نشاطه الحقوقي المعروف "استغلوا ذلك وعملوا شوشرة".
وتروي أميمة أن معز الجودي، أحد أعضاء حزب نداء تونس، الذي أسسه الرئيس التونسي الحالي، قد أعاد نشر "بوست" حمادي وكتب عليه "شايفين كيف التحريض وشنو يعمل"، وتعتقد أن ذلك كان سببًا في ما جرى لشقيقها.
لم يتعرض حمادي لهذا الموقف الأمني أو القضائي من قَبل، واجه سابقًا حملات تشويه وتهديدات بسبب نشاطه الحقوقي في منظمة "أنا يقظ"، والتي تتلقى شكاوى المواطنين بشأن الفساد، المحسوبية والرشاوي "وتعتبر هالمنظمة شوكة في حلق النظام".
رغم صِغر سن حمادي، إلا أنه نشيطًا بالمجال الحقوقي، وعمل بأكثر من منظمة، كما فاز بجائزة ألفة رامبورغ العالمية للفن والثقافة في مايو 2016، عن كتابه "هرب". وانتظر منذ سنة امتحان مناظرة المحاميين بتونس، المفترض إقامته اليوم، لكن ما حدث تسبب في حرمانه من ذلك.
بعد الضجة التي حدثت، والاتهامات التي نالها حمادي، إلا أن أميمة مُتيقنة بأنه لم يقصد التحريض على العنف "مستحيل أخويا يكون قاصد القتل، لإنه ضد الإرهاب، وعمره ما انخرط في عمل حزبي أو سياسي". فيما ترى أن المنشور كان كوميديا سوداء وسخرية هزلية من "إنه الناس زهقانة من الرئيس وقراراته".
ومنذ قليل، أفاد فاروق الدالي، أحد محامين حمادي، أنه تم إخلاء سبيل موكله، مع استمرار التحقيق معه ولكن بالمحكمة الابتدائية بصفاقس كونها المختصة بذلك.
فيديو قد يعجبك: