عادل جابر.. من الغربة في الإمارات لـ"البهدلة" في مصر
كتبت-دعاء الفولي:
كان الحماس يسبق عادل جابر لمقر الحي التابع له بالإسكندرية، حين سمع عن مشروعات الحكومة لمساعدة لشباب ذهب على الفور. لم تتركه الضائقة المادية منذ عودته من دولة الإمارات العربية، ثم عمله الآخر بشرم الشيخ، الذي ما لبث أن تلاشى مع انهيار السياحة عقب ثورة يناير 2011، ليعود الرجل الأربعيني لدائرة البطالة، قبل أن يستقر ببيته الأول في عروس البحر الأحمر، ويعافر بمشروع جديد، لم تسر خطواته على ما يرام.
السياحة والفنادق هي مجال دراسة جابر، قرار العودة من الإمارات كان عن قناعة "حبيت أكمل في البلد. الفلوس هي هي بس هناك أنا لوحدي"، 9 أشهر قضاها جابر هناك، واستطاع بالكاد تدبير أمره بعد العودة منها وكذلك عقب تركه شرم الشيخ "عشان كدة قلت أعمل عربية في إسكندرية أبيع عليها شاي وقهوة"، وبالفعل أنهاها في عدة شهور بمساعدة أحد أقاربه، كان مكانهما على كورنيش الإسكندرية بمنطقة 26 يوليو، قبل أن يسعى للحصول على رخصة، ليفاجئه الحي بالرفض تارة والتأجيل تارة أخرى "اتمطوحت وفي الآخر قالولي على شركة خاصة أشتري منها العربية عشان يبقى ترخيصها سهل".
كان يظن جابر أن إجراءات استلام المشاريع الشبابية يسيرة، سمع مسئولي الحكومة يتحدثون عن دعم الشباب "بس على أرض الواقع الحكومة مش شايفانا أصلا"، حين طالبه الحي بالذهاب لشركة خاصة لم يتردد "قاعد في البيت ومبشتغلش، فمعنديش حلول تانية"، وافقت الشركة على إعطائه سيارة ليعمل عليها، بمقابل مادي ضخم، على حد وصفه "دفعت 8 آلاف و200 جنيه ومفروض أدفع لهم كل سنة 6 آلاف جنيه.. في حين إني لما عملتها متكلفتش خمسة آلاف جنيه على بعض"، يعلم الرجل الأربعيني أن الشركة لها حق الانتفاع "بس المفروض يراعوا ظروف الشباب".
عقب الاصطدام بالواقع تمنى صاحب المشروع أن "الحكومة هي اللي كانت تديني العربية.. حتى لو هدفع في السنة أبقى بدي الفلوس للدولة وأنا مطمئن"، كي يُسدد البائع السكندري مُقدم السيارة، اضُطر لبيع معظم أثاث منزله "أوضة نوم وتلاجة وغسالة وبوتاجاز"، كان قد وضع أمواله التي عاد بها من الخارج في إيجار شقة، تزوج بها منذ عدة أشهر، لكنه فضّل ذلك على مطالبة المقتدرين كي يتكفلوا بالمبلغ، فيما أقنع زوجته بأمر البيع خاصة أن "الحاجات بتاعة جوازنا بعتها بنص التمن".
في الحي أخبروا جابر أنه بحصوله على السيارة سيأخذ الرخصة عقب أيام "وبقالي شهرين في الشارع بالعربية ومحصلش حاجة"، بالإضافة لتلويح الشركة له باحتمالية عدم تجديد العقد العام القادم وسحب السيارة "يعني أبقى عامل كل دة وفي الآخر أتهدد؟"، لم يحاول الرجل التواصل مع الحي بشأن الرخصة مرة أخرى، ففي رأيه "الحكومة مبتساعدش حد".
بمنطقة سبورتنج وعلى كورنيش البحر يقف جابر، يأتيه زبائن كثيرون، خلال الشهرين صارت علاقته أفضل بمعظمهم، الوقوف بالخارج لم يكن خياره، لكن تجربة المقهى المفتوح أسعدته"اما كنت في بشتغل في كافية مكنتش أقدر أهزر مع الزبون أو ناخد وندي سوا"، يُبدي الوافدون إعجابهم بما يُقدمه جابر، وكذلك بشكل السيارة الخارجي، غير أن الإعجاب يتحول لدهشة مع ملاحظتهم للوح الطاقة الشمسية الذي يزين واجهة المشروع، رغم صغر حجمه "خمسية في ستين سم".
الإضاءة هي فقط ما يوفره اللوح، رحّب جابر بالفكرة بشدة حين أخبرته الشركة بها "قلت يبقى منظر جميل سواء في وش الحي أو المحافظة"، مع الوقت اكتشف أزمة جديدة؛ فماكينة القهوة لا تعمل دون كهرباء، لذا فلن يستطيع تشغيلها حتى يتوفر له مصدر ثابت للكهرباء، وإذا اتى الصيف سيواجه صعوبة في تبريد العصائر قبل تقديمها، بينما يخدم الزبائن حاليا بموقد "بوتاجاز" وأنبوب.
يعمل البائع السكندري من العاشرة صباحا وحتى منتصف الليل، وإذا هطلت الأمطار أو انخفضت الحرارة بشدة يعود لمنزله في الثامنة مساءً، مع حلول المساء تواجهه معضلة أخرى، عواميد الكهرباء المُحيطة به جميعها لا تعمل "والعمود الوحيد اللي شغال، الكشاف بتاعه باصص للسما" يحكي جابر ضاحكا، ورغم ذلك فلم يفكر في محاولة سرقة الكهرباء لإضاءة السيارة كما يفعل البعض، فما كان منه إلا إحضار كشاف يتم شحنه ليراه المارة "وساعات الاضوء بيضعف مببقاش متشاف".
حاليا لا يرغب خريج السياحة والفنادق، بأكثر من إضاءة دائمة، ورخصة تضمن بقاءه في المكان، بالإضافة لسعيه للحصول على أكثر من لوح للطاقة الشمسية كي تكتمل الفكرة، إلا أن ذلك مرتبط بالرخصة أيضا "لو كلمت شركة وطلبت منها تديني لوح بمقابل مادي مش هتعمل دة إلا لو اتطمنوا إن معايا رخصة".
فيديو قد يعجبك: