ذكرى "هايماركت".. القصة الحقيقية لعيد العمال
كتب- محمد زكريا:
فى الأول من مايو من كل عام، يحتفل العمال فى العديد من دول العالم بعيدهم، وتتخذه بعض البلدان عطلة رسمية كما هو الحال فى مصر، غير أن لليوم قصة طويلة تعود تاريخها للقرن التاسع عشر، قصة نشأت مع نضال عمالي طويل بدأ عند أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن ذكرى "الهايماركت" التى شهدتها مدينة شيكاغو تعتبر أبرز محطات نضال العمال للمطالبة بحقوقهم، كما تعتبر صاحب النصيب الأكبر فى اختيار مطلع مايو ذكرى للاحتفال.
"ولدي الصغير عندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمرى ستعرف لماذا أموت.. ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى برىء.. وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكى قصته لأصدقائك"
ففى الوقت نفسه الذى كان الجلاد ينفذ حكم الإعدام على اوجست سبايز كانت زوجته تقرأ خطابا كتبها زوجها لابنه الصغير جيم.
الزمن هو الأول من مايو من العام 1886، حيث شهدت مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية دعوات إضراب شارك فيها ما بين 350 و 400 ألف عامل، حققت الدعوة نجاحا كبيرا وشلت الحركة الاقتصادية فى المدينة، وتم عقد اجتماع عمالى فى الرابع من مايو للمطالبة بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثمانى ساعات عمل، ثمانى ساعات نوم، ثمانى ساعات فراغ للراحة والاستمتاع"، وفوجئ العمال برجال الشرطة يفضون الاجتماع، ووسط الفوضى انفجرت قنبلة راح ضحيتها 11 شخصًا بينهم 7 من رجال الشرطة، و على أثرها صدر الحكم بإعدام سبعة من زعماء العمال، خُفف الحكم على أثنين منهم بالسجن المؤبد وانتحر ثالث ونفذ الشنق بحق عمال أربعة من بينهم اوجست سبايز.
لم تكن رسالة "سبايز" لابنه مجرد كلمات طواها النسيان، بل خلدت ذكراها حتى يومنا هذا، ففى العام 1897 اعترف أحد الضباط المتقاعدين أن الشرطة هى من ألقت القنبلة وسط العمال لتفريق تجمعهم، فأهتز الرأى العام الأمريكى، ونظمت التظاهرات والمسيرات فى شيكاغو ونيويورك وغيرها، وتجاوزت قضية هايماركت أسوار أمريكا وبلغ صداها عمال العالم، ، فيما تمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأميركيون بإحياء ذكرى "الهايماركت" يوم الأول من مايو كل عام، ومع انعقاد مؤتمر الاشتراكية الدولية بمدينة أمستردام بهولندا 1904 لاعتبار الأول من مايو احتفالاً عماليًا، وسعت المنظمات الاشتراكية إلى جعله يوم عطلة، وبالفعل أقرته الكنيسة الكاثوليكية عام 1954، إلا أن الحكومة الأمريكية ظلت لأعوام طويلة ترفض الاحتفال به فى الأول من مايو حتى نجحت ضغوط المنظمات العمالية الاشتراكية فى فرضه عليها. وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي الأول من مايو يوم وفاء لذكرى "هايماركت" خاصة بعدما حظى بالتقدير من دول عديدة وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي، وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات و مسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية.
من هنا كانت ذكرى "هايماركت" -اسم الساحة التي جرت بها الأحداث- عنوان لنضال العمال وأبرز محطاته، وظل الأول من مايو كل عام عيد يحتفل به العمال فى كل أنحاء العالم.
فيديو قد يعجبك: