في النيل.. سكان المراكب يروون حكاياتهم مع البلهارسيا
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
كتبت- فايزة أحمد:
"ماشربتش من نيلها".. تحولت هذه الكلمات من كونها اسم لأغنية وطنية إلى جملة تثير الغضب والجدل في آن معًا، لما اعتبره المصريون "سخرية" أبدتها الفنانة شيرين عبد الوهاب من نهر النيل، وذلك خلال إحدى حفلاتها، حين طالبتها إحدى معجبيها بغنائها، لترد عليها قائلة "ماتشربيش من النيل هجيليك بلهارسيا"، لتهب عاصفة من الهجوم عليها، وأخرى لنفي تواجد بلهارسيا من الأساس في مصر.
في أعقاب تصريح "عبد الوهاب" المثير للجدل، أصدرت وزارة الصحة بيانًا قالت فيه إن نسبة الإصابة بمرض البلهارسيا بين المصريين -وفقا لآخر إحصائية العام الماضي- بلغت 0.2% فقط.
"البلهارسيا مش جديدة علينا.. بتجيلنا وبنتعالج منها وأهوه لسه عايشين".. كلمات معدودات لخصت إجابة السيدة "فوقية فرج" التي تعيش في قارب صغير يرسو على إحدى ضفاف نهر النيل الواقع أسفل كوبري "الجلاء"، حيث اعتادت الاعتماد على مياه النيل في قضاء كافة حاجاتها اليومية بحكم حياتها داخل القارب "أحيانا ما بيكونش معانا مياه كفاية بنشرب من مياه النيل الجارية".
على مدار عشرة أعوام اعتادت "فرج" حياة القارب، إذ كانت تلازم والديها الصيادين في عملهم "إحنا صيادين.. طول الوقت في المياه.. بنشرب وبنتوضى منه"، ما جعلها لم تقم بإجراء أي فحوص طبية من قبل، حتى الأيام التي سبقت زواجها، حيث اكتشفت إصابتها بالبلهارسيا "الدكتور قالي عندك نسبة كبيرة واتعالجت منها قبل الجواز".
تناست السيدة الخمسينية أمر ذلك المرض، ظلت تعمل على قارب زوجها في مهنة أبيها، مواظبة على العادات نفسها، رُزقت بأربعة أطفال، شاركوهم العمل أيضًا، حتى شعرت ببعض التعب فجأة، طُلب منها إجراء بعض التحاليل "لقيت عندي بلهارسيا من تاني.. والحمد لله أتعالجت".
تعلمت التي ولدت في محافظة المنوفية الدرس جيدًا، تنبهت لكثرة لهو أبنائها واستحمامهم في مياه النيل، الأمر الذي دفعها لعمل الفحوص الطبية لهم "لقيت عندهم البلهارسيا واتعالجوا"، لكنها تلزمهم حتى الآن بعمل الفحوص نفسها خلال فترات متباعدة "إحنا على قدنا.. وعلى قد ما بقدر بخليهم يعملوا تحاليل علشان البلهارسيا".
يلتقط "عبد الخالق سعيد" زوجها أطراف الحديث، بابتسامة تغمر قسمات وجهه يعترض على الذهاب للطبيب للاطمئنان على نفسه من البلهارسيا "بقالي 60 سنة في النيل وماروحتش لدكتور هروح دلوقتي"، ذلك لأنه لديه قناعة أن "مابقاش في العمر بقية"، تقاطعه زوجته "بقالي سنين أقوله يروح يعمل تحليل ما بيسمعش الكلام".
على بعد أمتار من كوبري الجلاء، يرسو "محمد عبده" بمركبه على ضفاف النيل رفقة أبنائه الثلاثة، الذين مُنعوا بأوامر منه من النزول إلى مياه النيل، وذلك عقب اكتشافه بإصابته منذ ثلاثة أعوام بالبلهارسيا "ماعرفش النيل فيه بلهارسيا ولالا بس أنا جالي بلهارسيا ومش عاوز يحصلهم زيي".
منذ 15 عامًا يعمل "عبده" سائقًا لمركب ترفيه بالنيل، إذ لم يخالجه شكًا في إصابته بالبلهارسيا، إلاّ حين شعر بحالة إعياء عادية ألزمه الطبيب على إثرها بإجراء بعض الفحوص الطبية "لقيته بيقولي عندك بلهارسيا ولازم تلتزم في العلاج.. وراحت الحمد لله".
بالقرب من كوبري "قصر النيل" يستعد "أحمد صابر" سائق الأتوبيس النهري للانطلاق، تلك المهمة التي يقوم بها منذ بداية يومه وحتى المساء، يقوم خلالها بالوضوء دائمًا والشرب أحيانًا من مياه النيل، لكنه لم يُصب بالبلهارسيا قط "بقالي 18 سنة شغال في النيل".
على الأتوبيس نفسه يتسلم "إبراهيم الحجري" مناوبته المسائية من "صابر"، ينتظر حمولته بمزيد من التعب الإرهاق "بقالي فترة تعبان شوية"، لكن مرضه لم يكن بلهارسيا إذ أنه شُفي منها لتوه عقب معرفته بالإصابة خلال الفحوص الدورية التي تلزمهم بها هيئة النقل النهري للاطمئنان على عدم إصابتهم بالبلهارسيا.
ينطلق "الحجري" شاخًصًا بصره باتجاه المياه الراكدة يشير بيديه "المياه دي هي سبب البلهارسيا.. لكن مياه النيل من جوه نضيفة"، مما جعله يشدد باستمرار على زملائه في العمل من عدم النزول في تلك المياه الراكدة التي عادة ما تتواجد بمحازة المرسى "بحذر الناس طول الوقت من الأماكن اللي زي دي علشان نتفادى البلهارسيا".
على عكس سابقيه لم يضطر "عامر موسى" سائق لانش بالنيل، إلى الخضوع للفحص الطبي طيلة مدة عمله التي تجاوزت العشرة أعوام، إلاّ أنه كان يتناول علاج البلهارسيا الذي كان يُوزع من قِبل الوحدات الصحية على المنازل في مسقط رأسه بمحافظة أسيوط، إلى أن جاء إلى القاهرة "مبقوش يوزعوا العلاج دا.. لا في أسيوط ولا في القاهرة".
وكانت لجنة الصحة بمجلس النواب، برئاسة الدكتور محمد العماري، طالبت وزارة الصحة بتوفير دواء علاج البلهارسيا في المستشفيات والعيادات والوحدات الصحية، عقب تقديم طلبات إحاطة من قِبل نواب في محافظات مختلفة تعاني من نقص هذه الأدوية.
قنع موسى بأنه سيظل محميًا من المرض "أنا في النيل كل يوم.. بشرب منه ومجراش ليا حاجة"، نظرًا لأنه يعتقد "مياه النيل نفس المياه اللي بنشربها من الحنفيات مفيش فرق".
فيديو قد يعجبك: