لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفيديو والصور-أول يوم دراسة بعد مقتل المدرس السوداني.. الطلاب حاضرون رغم الخوف

06:34 م الثلاثاء 28 فبراير 2017

المركز التعليمي لرعاية اللاجئين

كتبت-رنا الجميعي:
تصوير-علياء عزت:

ثلاثة أسابيع مرّت على حادث مقتل المدرس جنوب السوداني، جبرائيل توت، ومنذ ذلك الحين أُغلق المركز التعليمي الذي يعمل به لكن فتح أبوابه أمس. ورغم مخاوف من عدم قدوم الطلبة، فقد جاء عدد كبير منهم مُقابل غياب معظم المدرسين، واستمرّ المركز الذي أقيم عام 2008 في أداء دوره التعليمي، فيما مازالت أصوات التلاميذ ترنّ عبر المبنى ذو الطوابق الأربع.

وعلى بعد عدة خطوات من المركز التعليمي لرعاية اللاجئين، الذي شهد أمامه مقتل المدرس توت، عُلقّ على الجدار ورقة بيضاء مطبوع عليها "المسلم من سلم لسانه ويده".

5

قلق وخوف ألمّ بنفوس المدرسين وأولياء الأمور بعد مقتل توت في 9 فبراير الماضي، بسبب حادث "عنصري"، على يد مواطن يدعى عماد حمدي، تلك المخاوف اضطرت أن يغلق المركز أبوابه، ورغم الاجتماع الأخير بين مدير المدرسة، ماركو أكوت، وأولياء الأمور والمعلمين، الذي أسفر عن تأييد 80% من الحضور لغلق المركز، إلا أن المدرسة فتحت أبوابها للتلاميذ "عشان السنة متضيعش على الأولاد"، يقول أكوت.

1

مع دقات الساعة السابعة ونصف بدأ اليوم الأول في المدرسة المُصغرة. 200 تلميذ يُدرّس لهم داخل المركز، الإهمال بادي للعين، حيث يُموّل المركز الكائن بعين شمس، بواسطة مفوضية اللاجئين، ويتم داخله تعليم الأطفال السودانيين منذ الصف الأول وحتى السابع.

يترأس كل فصل مُدرس، حيث يهتم به بشكل كامل، لذا كان توت هو "أبو الفصل الخامس"، كما يذكر أكوت. جاء معلم الإنجليزية منذ 2015، حيث يعمل جميع المدرسين بالمركز بشكل تطوعي، درّس الأطفال الإنجليزية والرياضيات ومادتان تعليميتان أخريان "ملبسنا"، و"عالمنا"، كما ترأس لجنة الرحلة.

منذ بداية اليوم الدراسي حضر القسيس "مودي إبراهيم"، من كنيسة نهضة القداسة بعين شمس، لبث الطمأنينة بين التلاميذ "قلتلهم إننا عايشين مع بعض من سنين، محصلش أي مشكلة وإن دي حادثة عارضة". يعمل القسيس منذ الحادث على إرساء جو من الهدوء، حيث أقام لقاءان بالكنيسة "لقاء للعزاء"، واجتمع بعد أسبوع من الحادث بشيوخ المساجد، ورابطة أسوان، والنواب الثلاثة الممثلين للمنطقة، محمد الكومي ويسري مهنا وثروت بخيت، ولقاء ثاني لأولياء الأمور.

2

داخل الفصل الخامس جلس الأطفال مُنتبهين لحصة الدين المسيحي، يُعلمهم المُدرس بابتسامة تعاليم المسيح عيسى، فيما كانت بداية الدرس كما كُتب على السبورة البيضاء "المسيح يُعلّمنا أن نكون أفضل".

أثناء حصة الدين أمسك القسيس إبراهيم بقلم، وخطّ على باب الفصل الخامس، اسم مدرس الإنجليزية، فكتب "فصل الشهيد: قبريال توت، تاريخ الاستشهاد: "9-2-2017". كانت آخر حصة درّسها المعلم عن تصنيع الملابس القطنية. يتذكر الطفل "صامويل تنك" مساعدة توت لهم في الدروس "لو حاجة مش فاهمها بيشرحها بهدوء"، لم يكن معلمًا ذو صوت مرتفع أو ممسكًا لأداة تأديب "مكنش بيزعق، لو حاجة مضايقاه مني بيقولي متعملش كدا". أكثر درس أحبّه علمه إياه توت، كان عن المسكن، "أنا فاكر لما قالنا عن البيت، إن البيت بيحمينا".

3

لم تقتصر أعمال توت على التدريس فقط، بل كان مُشاركًا للأطفال أثناء الصلاة والترانيم والاحتفالات. يتذكر التلميذ "بطرس" ما غنّاه معهم أثناء أعياد الميلاد الأخيرة، حيث ترّنموا جميعهم بالأنشودة الشهيرة “we wish a merry Christmas”، ويُكمل بطرس "كان بيرقص معانا كمان وكان أول حد بيختاروه عشان يلعب معانا"، كما علّمهم الأغاني الخاصة بوطنهم جنوب السودان.

ينقسم الفصل إلى جهتين، واحدة للأولاد والثانية للبنات، على كل مقعد هناك ثلاثة يجلسون سويًا. امتلأ الفصل بالطلبة، فلم يتغيب سوى نسبة 20 بالمائة من التلاميذ، حسب مدير المدرسة، لكن ظلّ الأطفال في حالة من الخوف.

تقول عدد من فتيات الصف الخامس إنهم مازالوا خائفين مما حدث، فقد شهدن سابقًا عدد من المضايقات. تروي أنطونيا "مرة وأنا ماشية مع أخويا، فيه واحد دخله المحل وضربه، جريت عليه وأخدته ومشيت"، بجانب الضرب فهناك الطوب أيضًا الذي يلاحقهن أثناء خروجهن من المدرسة، كذلك الكلاب، وهو ما ذكره المدير عن المتهم "عنده كلاب وبيسرحها على التلاميذ".

لم يتغيّر مقر المركز التعليمي منذ تم إنشائه، يُصرّ أكوت على بقائه بهذا المكان رغم الحادث الأخير، يرى أنه إما أن يُنقل إلى مكان بتجهيزات أفضل أو يظلّ بالمنطقة. لم تزدد حدة المضايقات سوى مع حلول عام 2011، يقول أكوت إن علاقتهم بالجيران جيدة، باستثناء شخصان أحدهما المتهم بالقضية الحالية.

بعد الحادث الأخير أرسل أكوت خطابا لقسم عين شمس، مكتوب فيه أسماء النواب الثلاثة وقنصل جنوب السودان. طالب فيه توفير أمن للمدرسة لبعض الوقت، ولم يستجب له أحد. لم تكن تلك المرة الأولى للتواصل مع القسم، حيث هدد شخص بحرق المدرسة قبلًا.

4

"مش عايزين سودانيين هنا".. تكررت الكلمة على مسمع أنطونيا مرات عديدة في طريق ذهابها وعودتها من المدرسة، ضاقت بالأمر حتى أعلنت رغبتها "عايزة أمشي من البلد دي". هناك تعليمات يمررها الأهالي لأطفالهم كما تذكر التلميذة كريستينا "بابا وماما بيقولولي منلبسش ضيق، ومنكلمش حد في الشارع"، خوف يُطلّ من أعين كريستينا يُقابله الهدوء في صوت "بطرس": أنا مش خايف، ربنا بيحمينا طول الطريق".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان