سيدة فايد.. قصة ممرضة تسبب "التليفزيون" في فصلها
كتبت- إشراق أحمد ومحمد قاسم:
لم تعلم سيدة فايد أن ظهورها على شاشة التليفزيون لدقائق، سينهي عملها طيلة 3 سنوات في مستشفى عين شمس التخصصي؛ كانت الممرضة شاركت في السادس والعشرين من يناير المنصرف في حلقة لبرنامج يحدث في مصر، ظهرت متحدثة عن مشكلة نقص الدواء والمستلزمات التي تواجهها كإحدى مقدمي الخدمة الطبية وتطرقت إلى لجوء بعض زملائها في إحدى المستشفيات لاستخدام "السرنجة" أكثر من مرة لنفس المريض، مما سبب لها انتقاد، بدا لها أنه سببًا في القرار الصادر قبل أيام بإنهاء خدمتها في المستشفى.
بعد اتصال هاتفي من فريق إعداد البرنامج الذي يقدمه الإعلامي شريف عامر، استجابت الممرضة لحضور الحلقة النقاشية المذاعة على الهواء في ذلك اليوم، عن أوضاع الصحة بمصر، يُعرف عن "فايد" اهتمامها بالحديث عن أوضاع التمريض وما يخص قطاع الصحة منذ عام 2011 "شاركت في ثورة 25 يناير وكنت في اللجنة الطبية للميدان وفي 30 يونيو نزلت برضه" تقول السيدة الأربعينية.
مرت الحلقة التليفزيونية، وذهبت الممرضة لعملها باليوم التالي –الجمعة 27 يناير- تلقت فرحة زملائها بظهورها، فيما ردت على عتابهم بعدم إخبارهم لمتابعتها "بأن الموضوع جه فجأة"، لكن في صباح يوم الأحد تبدلت الأحوال إلى الريبة؛ تلقت "فايد" مكالمة هاتفية من رئيستها المباشرة تخبرها أن تذهب لرئيسة التمريض بالمستشفى، معللة السبب "عشان خاطر الحلقة اللي طلعتي فيها"، ذكرت لها رئيستها موضوع "السرنجات" الذي أشارت له وسبب جدلاً من إحدى الضيوف حينها، غير أن "فايد" وضحت لها الأمر "وقلت لها اتفرجي على الحلقة وأني مجبتش سيرة مستشفى عين شمس".
شرحت "فايد" باستفاضة لرؤسائها ما قامت به في الحلقة التليفزيونية، وأضافت عليه ما تمارسه خارج نطاق المستشفى "اترشحت لمجلس النواب في 2011 و2015"، ظنت السيدة الأربعينية أن الأمر انتهي خاصة مع ممارستها لعملها ومداومة "النبطشيات" الليلية على مدار يومين حتى يوم الأربعاء الموافق الأول من فبراير "كنت سهرانة لقيتهم كلموني قالوا لي أنه تم انهاء خدمتك"؛ على الفور توجهت الممرضة لرئيستها المباشرة وكذلك رئيسة التمريض بالمستشفى التي قالت لها "الموضوع مش في إيدي" حسبما حكت "فايد".
ترددت "فايد" بعد تأكيد خبر إنهاء خدمتها على مكتب مدير المستشفى حلمي الغُر، لكنه رفض مقابلتها حسب قولها، فيما نفى "الغُر" محاولة الممرضة للقائه قائلاً "مجتليش وأقابلها ليه عايزة مني ايه"، مؤكدًا أنه تم الاستغناء عن الممرضة بالقانون باعتبارها "عمالة يومية" زيادة عن حاجة المستشفى، إذ يبلغ طاقم التمريض بها نحو ألف ممرضة حسب قوله.
"كان المفروض تاخدي إذن قبل ما تطلعي على التليفزيون" كلمات تعرضت لها "فايد" صراحة وفيما يشبه التلميحات فور صدور القرار حسب قولها، فيما نفى مدير مستشفى عين شمس التخصصي أن يكون انهاء خدمة الممرضة له علاقة بظهورها في وسائل الإعلام "أحنا مقولناش هذا الكلام، أي زيادة على العمالة بننهيه.. لأن بيجي لنا ناس تكليف وتقريبا كل يومين تلاتة بننهي خدمة ممرضين من بتوع اليومية ويجي غيرهم وهكذا الدنيا ماشية".
تعمل "فايد" في مستشفى عين شمس التخصصي بقسم العمليات منذ 16تاريخ 16/11/ 2013، بعدما علمت بحاجة المستشفى إلى ممرضات "عامة في عجز أصلا في الممرضين في كل المستشفيات". وفي الوقت الذي تنفي فيه الممرضة عملها "باليومية" بل بعقد "مكافئة شاملة" وتبرهن ذلك بورقة بيان حالة الوظيفة ذات تاريخ حديث وطلب موجه من المستشفى إلى نقابة التمريض، يؤكد "الغُر" أن الممرضة المُنهى عملها تعاقدت مع المستشفى بعقد يومي قائلًا "أحنا بنلجأ للناس دول عشان نغطي الممرضات اللي عندها إجازات وضع مثلاً فبيجي تمريض يشتغل معانا فترة ويمشي وده موجود في كل القطاع الصحي".
ما بين مكتب شؤون العاملين بالمستشفى ومدير الشؤون العلاجية هشام وجدي ظلت تتردد "فايد" لمعرفة سبب إنهاء خدمتها، خاصة بعد أن أخبرها موظفين الإدارة "أن ورقة القرار مش عندنا" حسب قول الممرضة، التي ظلت حتى الثانية عشر ظهرا يوم صدور القرار للحصول عليه مكتوبًا بشكل رسمي.
لم تتعرض "فايد" لما وصفته بالعقاب في مرات مشاركتها السابقة بوسائل الإعلام خلاف هذه المرة، مبررة ذلك بقولها "هم عايزين اللي يتكلم ياخد منهم الأذن الأول رغم مفيش قانون ولا لايحة المستشفى بتقول كده"، مشيرة إلى أن موقف سابق اصطدمت فيه مع إدارة المستشفى، حين رفضت الأخيرة حصولها على الإجازة المستحقة أثناء ترشحها للانتخابات البرلمانية وتم إنهاء الأمر بعد تدخل نقابة التمريض.
فور القرار تواصلت "فايد" مع فريق إعداد برنامج "يحدث في مصر"، الذي حاول الوصول إلى شكل ودي لإنهاء المشكلة، التزمت حينها الممرضة الصمت، لكن المستشفى تمسكت بموقفها الأتي على لسان مديرها "لسنا في حاجة لخداماتها خلاص.. عدد الممرضين اللي عندنا كافي"، فيما قالت كوثر محمود، نقيب التمريض، إن من حق الممرضة التظلم أو رفع قضية طالما أنها لم تخطئ، لكن يظل من حق رئيس المستشفى تسريحها طالما كانت بعقد مؤقت حسب قولها.
ترى "فايد" أنه حقها ليس فقط الاستمرار بعملها، لكن إخطارها على أقل تقدير، فيما أوضح "الغُر" أنه لا يوجد بعقد الممرضة ما ينم على ذلك. لم ينكر مدير مستشفى عين شمس التخصصي عمل الممرضة طيلة ثلاث سنوات لكنه قال "في الأخر اسمها يومية ولو المشاكل الصحية في مصر متوقفة على هذه الممرضة اللي كل الناس بتتكلم عليها يبقى عايزين نتكلم في أي حاجة وخلاص".
طيلة 24 عامًا تعمل "فايد" في مجال التمريض –منذ عام 1993- غادرت مستشفى التأمين الصحي، بعد عمل لثلاث سنوات كانت فيها ممرضة مُعينة "كنت بقبض 150 جنيه على كل حاجة بالسهر والمكافئة"، غادرت لتجوب عدد من المستشفيات بين القطاع الخاص والعام وأخيرًا الجامعي، الذي كانت تنتظر التعيين فيه خلال أشهر قليلة "كان المفروض أكون من الدفعة اللي اتأخر تثبيتها من 2015 بسبب قانون الخدمة المدنية".
بعد فشل المفاوضات الودية كما قالت "فايد"، توجهت أمس إلى مكتب رئيس جامعة عين شمس ونقابة التمريض للتقدم بشكوى، قررت السيدة الأربعينية استكمال الإجراءات القانونية وكذلك موقف مدير المستشفى الجامعي قائلاً "في بينا وبينها القانون".
فيديو قد يعجبك: