إعلان

بالصور- في مهرجان قرية "تونس".. معرض خشب بإيد "عيلة شاطرة جدًا"

01:32 م السبت 03 نوفمبر 2018

كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:
تصوير- محمود بكار:

الحب يكفي أحيانًا، يورث أصحابه القوة لمواجهة الأزمات، يجعلهم أكثر شجاعة، لذلك لم يحتَج محمد جعفر وزوجته فاطمة أمين وقتًا ليتركا حياتهما في القاهرة، وينتقلان للفيوم، ثم يفتحا سويًا مشروعًا بعيدًا عن عملهما الأساسي؛ معرض "جلوريا" في قرية تونس كان تحديًا، فالنحت على الخشب ليس يسيرًا، خاصة في قرية يحترف سكانها الصناعات اليدوية، لكن الصبر أثمر أخيرًا؛ بات الزوجان مشهوران بما يقدمان، فيما يساعدهما الأبناء وأفراد العائلة.

صدفة بحتة جمعت فاطمة أمين بقرية تونس. تمتلك الأم جمعية خيرية بجانب منزلها بمنطقة يوسف الصديق، قبل عام تمت دعوتها لحضور فعالية فنية في القرية "خدت أطفال من الجمعية وجينا نحضر واتفاجئت إن عندنا مكان الناس بتجيله من العالم كله".

1

تزوجت فاطمة ومحمد منذ تسع سنوات، طوال تلك الفترة عاشا في القاهرة، كانت الفيوم محافظة الأهل والأقارب فقط، لكنهما قررا العودة لها قبل ٣ سنوات "كنت مكتئبة جدا لحد ما بدأت الجمعية وانشغلت وبعدها الجاليري"، ما أن وضعت قدميها في "تونس" حتى لمعت الفكرة في ذهنها "نعمل محل نعرض فيه شغل الناس وشغلنا". تركت الأم عملها في مجال إعداد البرامج وتفرغت للمشروع الجديد.

في نسخته الثامنة، كان لفاطمة وزوجها محمد مكانًا بين المشاركين في مهرجان قرية تونس للفخار والخزف الذي افتتح أمس الخميس ويستمر حتى غدًا السبت. شغف كبير نما في نفس الثنائي تجاه نبات البامبو، فصنعوا منه أشكالًا عديدة عرضوها في معرضهم بالقرية "حسينا إنها حاجة مختلفة عن اللي موجود هنا ومش هيبقى فيه منافسة لينا".

2

محل مرتفع بعدة درجات عن الأرض، له سُلم ومنزلق لصعود وهبوط مقعد فاطمة المتحرك، تزين أعمال البامبو واجهته، بعضها للديكور وأخرى للاستخدام، بينما يعج من الداخل بالاكسسوارات، المرايات المرصعة بالأحجار والقلل الملونة "الشغل منقسم بيني وبين محمد، كل واحد ليه تخصص" تحكي فاطمة ضاحكة.

منزل السيدة الثلاثينية أشبه بخلية نحل، يساعدها أقاربها في الأعمال اليومية، فيما تركز هي على مذاكرة دروس ولديها وصناعة منتجات الجاليري "انا شيلت عفش أوضة بحالها وبَقت ورشة نشتغل فيها". يتفق الزوجان عادة على الأشكال التي سيتم صناعتها "اَي حاجة فيها منشار وتقطيع محمد بيعملها وانا بكمل سواء صنفرة أو ورنيش".

3

لأول مرة يشارك الزوجان في المهرجان، شعرت فاطمة أنها فرصة جيدة لتسويق منتجاتهم والتعرف على أشخاص جدد، تعمل هي وزوجها في مشاريع أخرى تدر ربحا أكبر "عشان كدة بنعتبر الجاليري مكان نخرج فيه فننا أكتر ما نكسب منه"، بينما التقطت منها طفلتها صاحبة التسعة أعوام الفن "بقت تحاول تقلد أو ترسم على الجبس والسيراميك".

الأجواء داخل المنزل ملهمة، تسللت حالة العمل محمد وفاطمة إلى نفس ابناؤهما، فكرت الابنة الأكبر روميساء، في صناعة مشروع خاص بها مثل والديها. بداية صغيرة لكن في نظرهما تحمل الكثير من التقدير، ومن رأس مال يبلغ ستة جنيهات، ومكونات بسيطة، صنعت الفتاة أشكالًا بيضاء اللون لشخصيات كارتونية. مجرد أشكال جاهزة من مادة السيلكون، وإضافة جبس ثم تدعه للزمن والطقس ليثقله ويمسي صلبًا في النهاية.

4

على مقربة من الجاليري، نصبت روميساء مشروعها، تراصت قطع صلبة من الأشكال الكرتونية، بينما يجلس شقيقها الأصغر خالد بجانبها، إذ يتولى مهمة بيع منتجات شقيقته، بشغف يترقب الأقدام المارك أمامه، يتمنى أن تجذب بضاعتهما اهتمامهم، فيكلل مشروعهم الصغير بنجاح كما يتابعان تجربة والديهما.

داخل عرفة العمل بالمنزل تمتد أيادي الأربعة أشخاص على أدوات العمل "ممكن ينسوا الأكل والشرب أو ينامو على نفسهم وهما بيساعدونا، اللي يناول مامته مسمار، أو يديها آلة محتاجاها في الشغل" يحكي الأب الثلاثيني.

تحمل كل قطعة في الجاليري شيئًا من روح كل فرد في الأسرة الصغيرة، عفوية وحماس صغارهم تجاه التجربة تتحول إلى طاقة أفكار يتشربها الوالدين فتصبح مُنتجًا. في المعرض استقر مجسم على شكل حمار "كان فكرة خالد، شافه في صورة وقالي اعملي زيه يا بابا" يضحك محمد إذ يتذكر ما قاله الصغير "قالي هاجي معاك أحرسه عشان ميتبعاش ويمشي بعيد" يفخر الثنائي بصنبع ابناؤهم حتى إن اقتصرت المساعدة على غرس مسمار في مجسم.

في السابعة صباحًا تتواجد الأسرة في القرية، تتراقص آشعة الشمس على لافتة المعرض، صنعتها روميساء ببضعة ألوان وورقة بيضاء، خطّت الحروف الأولى من اسم كل فرد في أسرتها الصغيرة كعلامة مميزة لهما، تملأ الهمّة نفس الزوجين، في انتظار رزق يوم جديد، بينما ينظران بفخر لمشروع ابنيهما ويشجعان الصغيران "أي حاجة هتعملوها حلوة".

فيديو قد يعجبك: