من الإنجليز إلى المنيا.. حكايات نساء الصعيد مع العلاج بالسينما (صور)
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
-
عرض 18 صورة
كتابة وتصوير- شروق غنيم:
المشاعر تصل، لا تأبه للحدود ولا اختلاف الثقافات. إذا تشعر إمرأة في أمريكا بأعراض اكتئاب ما بعد الولادة، فإنها ستمّس قلب أخرى تجلس في الجانب الآخر من العالم، وإذا ناقشت مسألة الأمومة من خلال أفلام أوروبية، فإن سيدة تجلس في مقاعد المتفرجين بمحافظة المنيا، سيهتّز شعورها لما رأت. وهذا ما حدث خلال برنامج "ميدفيست".
قبل عامين أخذت فعاليات "ميدفيست" مكانها في مصر، أسسه الطبيب مينا النجار، كأول ملتقى عربي يمزج ما بين الصحة والطب والأفلام. من خلال عرض مجموعة من الأفلام السينمائية تحمل في طياتها جانب صحي ونفسي، كحكاية البطل مع مرض معين، أو تعافي آخر من وعكة أصابته، وكيف يساعد ذلك المشاهدين على الحكي والتفاعل مع أزماتهم الصحية بشكل سديد.
الفكرة بدأت من لندن، حين قابل النجار صديقه الطبيب -سوداني الأصل- خالد علي "حكالي عن ميدفيست اللي بيتعمل هناك"، لكن في العاصمة البريطانية، تقام الفعاليات في الدوائر الطبية وبين طلاب كليات الطب "حبيت لما أنقله هنا يبقى لجمهور عام، وكنت حابب أخلق حالة حوار عن أمور صحية من خلال الأفلام".
يتعّدى "ميدفيست" كونه مجرد برنامج يعرض عددًا من الأفلام القصيرة التي تعالج قضايا صحية ونفسية "لازم يكون في مناقشة بعدها من متخصصين، اهتمامنا كله بالنقاش ما بعد الأفلام نفسها". بدأ الملتقى العام الماضي بثيمة أساسية تناقش الصحة النفسية "زي الذُهان والاكتئاب"، فيما أخذ هذا العام طابعًا نسائيًا للحديث عن صحة المرأة متخذّا شعار "عنها".
في أكثر من محافظة تنقّل الملتقى، من القاهرة إلى الإسكندرية وبورسعيد وصولًا إلى المنيا. في مكتبة مصر العامة بالمنيا انطلقت الفعالية الجمعة الماضية، شاشة عرض كبيرة تتعاقب عليها اثنى عشر فيلمًا قصيرًا، ما بين الوثائقي، التوعوي والرسوم المتحركة. على فترتين قُسم البرنامج، تعرض ستة أفلام ثم يعقبها مناقشة من قِبل أربعة متخصصين.
مُهِمة المجئ إلى الصعيد كانت في عقل القائمين على "ميدفيست"، حتى ظهر زوسر تيتو، الشاب الذي يدرس الطب، ويقطن بني مزار، ليُنسّق معهم أولى زيارتهم إلى الجنوب عبر المنيا. في كلمته وقف الشاب العشريني يحكي عن أهمية الحدث بالنسبة له، فيما يُهدي ذلك إلى الصحفي الراحل حازم دياب الذي ألهمه وحوّل دفة اهتمامته وهو لايزال في أولى صفوفه الثانوية.
ثمّة رابط أساسي جمع الدفعة الأولى من الأفلام. في فلك الأمومة دارت الستة أفلام. من أمريكا ناقش فيلم "ادفعِ" قضية وفاة السيدات أثناء الولادة، و"مع الأم" وثائقي يحكي عن دور "الدايات" في جواتيمالا، بينما فيلم أيرلندي يحمل اسم "كيف كان يومك؟" كان له بُعدًا أكثر جرأة في الطرح، ماذا لو أنجبت السيدة طفلًا ليس سليمًا بشكل كلي ويعاني من قصور وظيفية؟، بينما "يائل" برسوم متحركة زرقاء اللوّن نقّب في نَفس الأمهات عن اكتئاب ما بعد الولادة، و"إما" فيلمًا صامتًا من فرنسا إلّا أنه منح بموسيقاه الهدوء للأجواء، فيما اختتمت أولى الفقرات بمزيج من الضحك والألم معًا مع الفيلم المصري "صباح الفُل".
خلال العرض الأعين مشدوهة إلى شاشة، فيما بدأت الألسنة تنطق بما تُكنه الصدور حين بدأت المناقشة، ترفع فتاة عشرينية يديها لتحكي عن نظرات التقصير التي توّجه لها حاليًا وهي لا تزال في شهورها الأولى في الحمل، سيدة أخرى تسرد العبأ الذي يقع على كاهل المرأة وحدها في الحياة الزوجية، بينما يتحدث رجال أيضًا عمّا مسهم في الأفلام.
اختيار القضايا التي تُناقَش في الأفلام تمر بمراحل عِدة، يحكيها النجار لمصراوي "بنعمل استبيان لأطباء وسيدات عشان يكسروا تيمة صحة المرأة في الأفلام لموضوعات" ثم تبدأ مَهام اللجان الأخرى في اختيار الأفلام الملائمة، والتي تعد كبرى التحديات التي تواجه القائمين على "ميدفيست".
"بندور في الأفلام اللي اتعرضت آخر 4 سنين في المهرجانات الكبيرة زي كان وبرلين ودبي وقرطاج والقاهرة"، فيما يُعلن النجار عن فتح الأبواب لصناع الأفلام بالتقدم لعرض أعمالهم داخل الفعالية "كمان بنلجأ لطلاب كليات الطب عشان يختاروا معانا الأفلام بحيث نستقر على برنامج أشمل".
حين انتهت عروض الأفلام، صعدت اللجنة إلى المنصة، والمكوّنة من السيناريست مريم نعوم، الدكتورة ألفت علام استشاري علم النفس، الدكتورة زينب حيدر استشاري النساء والتوليد والصحة الإنجابية، ودكتور ميرفت أبو عوف، وأدار الجلسة الدكتور شريف الهراوي جراح عظام، وكاتب حر.
أمام المنصّة تراص الحاضرون، من خلال الفيسبوك عرف أغلبهم عن الحدث، فيما كان القِطاع الأكبر من كليات الطب، من بينهن دعاء غلاب. للفتاة العشرينية نفس توّاقة لفعاليات من ذاك النوع، تحكي ابنة المنيا عن انتظارها لأي حدث يتناول الطب بمنظور مختلف في بلدتها "بحيث إننا نفهم المرضى أكتر ومنتعاملش معاهم على إنهم مجرد حالة".
في المناقشة استهّلت السيناريست مريم نعوم بحديثها عن صناعة الأفلام المعروضة بحرفية، وكيف تخلق نقاشًا حيويًا حول مسألة هامة مثل صحة المرأة دون تلقين، فيما أخذت الدكتورة ألفت علام النقاش إلى منطقة نفسية، تتحدث عن فكرة الأمومة بشكل عام هل هي غريزة أم صفة مكتسبة، ومن خلال تعاملها مع أمهات أخذت تحكي "هل إحنا ملزمين نبقى أمهات؟ إحنا في مجتمعنا مبنتفهمش فكرة استعداد الست للخِلفة من عدمه، وبيحملوها أكتر من طاقتها لو قالت غير كدة، بشوف أمهات مبتعرفش تحب ولادها لإنها مكنتش عارفة تحب نفسها".
فيما تتلقّف ميرفت أبو عوف، أستاذ قانون الإعلام بالجامعة الأمريكية، طرف الحديث، تحوّل دّفة الحكي إلى المشاعر أكثر "في أفلام بتناقش القضايا بشكل صادم، زي ما تكون بتديلك قلم فتفوق، زي أفكار الانتحار ما بعد الولادة، إزاي الاهتمام كله بيبقى منصِب على الطفل ومحدش بياخد باله من الأم".
من الناحية الطبية كانت تتحدث الدكتورة زينب حيدر أهمية الفحص قبل الزواج، تستعين بذكر الفيلم الأمريكي "ادفعِ" والأيرلندي "كيف كان يومك؟"، تحكي عن مأساة عدم توافر أقسام ولادة في مستشفيات الدول النامية أو عدم استعداد الأم والأب سويًا لمسألة الإنجاب.
كان الجمع متفاعلًا مع المناقشة، يغلب عليهم الحضور النسائي، تُرفع الأيادي للسؤال عن قضايا الفيلم، وليس الصناعة نفسها، وهو ما ينشده "ميدفيست" في المقام الأول، فيما تحكي علام عن أهمية الحدث لهذا السبب تحديدًا "الجمهور بيبدأ ينتبه لنوع من القضايا ويربّط الحكايات ببعضها، زي الطب وعلاقتها بتفاصيل حياتية هما بيعيشوها، ومن غير ما يبقى في مصطلحات صعبة عليهم مثلًا".
في الشِق الثاني من الفعالية؛ كانت الأفلام أكثرها عربية، من مصر، الإمارات والسعودية، تناقش قضايا عالقة في الوطن العربي، من التمييز على أساس الجنس في الفيلم المصري "ابن بنوت"، إلى التحرش في الفيلم السعودي "مصاصة"، وعدم احترام الاختلاف الآخر في فيلم "كاروما من الإمارات"، أو العنف ضد المرأة في "أحمر"، الختِان من خلال قصة "أمنية"، وأخيرًا فيلم أمّا أنا عما وراء الإصابة بسرطان الثدي.
تمتّن أبو عوف لوجودها لأول مرة في الملتقى، تسعد بالنقاش، والموضوعات الحساسة التي ألقاها على عتبات الجمهور "مهم إن الناس تبص للمواضيع دي من منظور الستات، ده بينوّر قضايا كتير في دماغهم وبخلفية طبية وحقيقية بغلاف درامي من غير فذلكة".
فيما يتذكر النجار لحظات فارقة بالنسبة له في فعاليات الملتقى، حين عُرِض فيلم "أمنية" لأول مرة في القاهرة، مناقشة مسألة الخِتان، ثم رفعت إحدى الحاضرات يدها لتعلن أنها بطلة الفيلم "كان في تسقيف كبير لدعمها وأغلب الحاضرين عيطوا"، بينما يشعر بالنجاح إذا وجد بعد انتهاء الفعالية "اتنين بيتناقشوا عن حاجة اتذكرت في القاعة".
كما يُغير "ميدفيست" في الحاضرين، كذلك حدث في حياة النجار، الذي امتهن الطب لاثنى عشر عامًا "الطب بيعزلك عن الناس اللي بتتعامل معاها، الملتقى بيفتح الباب للتواصل مع المريض كإنسان، وبيحصل بشكل واضح بالأفلام"، فيما يتمنى أن يُصبح الملتقى أساسيًا في كل مدينة بها كلية طب "وميبقاش متوقف عليا أنا بس"، يذكر هذا بينما يستعّد للسفر رفقة البرنامج إلى لبنان والإمارات "زي ما روحنا تونس".
فيديو قد يعجبك: