إعلان

الجانب الآخر من حادث "البحيرة".. "قطر المناشي عمران بالغلابة"

08:50 م الأربعاء 28 فبراير 2018

كتبت- إشراق أحمد:

في محطة مصر بمنطقة رمسيس، بدت الحركة عادية على خط المناشي، بعد ساعات من حادث تصادم قطارين بإيتاي البارود، بمحافظة البحيرة،  على ذلك المسار نفسه، ولكن حركة القطارات لم تتوقف، فقط يُعلم محصل التذاكر من يريد الركوب بعد محطة "مديرية التحرير" بوقع حادث على الطريق، وإن رغب الراكب فليصل لتلك النقطة ويستقل سيارة أجرة، وغالبا هذا ما سيفعل طالب التذكرة.

يقع خط المناشي في المساحة الخلفية لرصيف رقم 11، خط قبلي، يتجمع المسافرون إلى أسوان على الرصيف، فيما يسير ركاب آخرون في الاتجاه العكسي، جهة اليمين لما بعد كوبري يقع أعلى المحطة، لا يحتاج المترددون إلى إشارة لمعرفة المكان، لكن اللافتة الموضوعة على كشك خشبي، وكتب عليها "مكتب تذاكر قطارات خط المناشي" ربما كانت ذات جدوى للغريب.

مع دقات الرابعة والنصف حضرت دينا، الطالبة الجامعية إلى الرصيف، كان القطار متأخرا عن مكانه، يقف بعيدا عن الحافة بنحو قضيبين، ومع ذلك امتلأ بالركاب الذين نزلوا على القضبان لاستقلاله، فلم تلحق به الفتاة.

لم تسمع دينا بالحادث إلا حينما وصلت، سألت بعدما صاح فرد الأمن بينما يتحرك القطار "يلا يا ولاد آخر قطر"، توترت الشابة قليلاً لكن سرعان ما هدأت معلقة "زي ما تيجى بقى".

تستقل طالبة الفرقة الثانية القطار حتى محطة "نكلا"، تمر على 9 محطات حتى بلوغ وجهتها، ومع ما تجده من مشاكل تتعلق بالتعطل والزحام، لم تتراجع عن ركوبه منذ التحقت بالجامعة "بركب بجنيه ونص رايح جاي لأني معايا اشتراك، فأنا على وضعي" تقول الطالبة مبتسمة.

للسبب ذاته تفضل نورهان مندوه خط المناشي، ذلك عامها الأول مع القطار، لكن المواصلات بالنسبة إليها معاناة أكثر "عشان أروح المحاضرة 7 الصبح هنزل 5 من بيتنا لكن القطر بنزل 6 ".

فوجئت الطالبة بوقوع حادث على الخط، تساءلت "ورد فعل الناس في المحطة ايه" خشيت أن تتعطل الحركة، لكنها اطمأنت بقدوم قطار ثانٍ مع السادسة إلا الثلث مساء.

5 عربات تشكل أي قطار على خط المناشي، عدد كراسي العربة الواحدة يبلغ قرابة 64 كرسياً "بتتضرب في 2 لأن في ركاب بتقف وتقعد على الأرض" كما يقول محصل التذاكر، موضحا أن هناك ساعات ذروة، حال الثانية ظهراً، معها يزداد ضغط قطع التذاكر التي تخرج من ماكينة قديمة مرقمة.

لم يتوقف تردد الركاب لقطع التذاكر، وكذلك مشهد الهرولة على القضبان والرصيف مع كل قطار ينطلق.

مع السابعة إلا الثلث مساءً، تحرك القطار الثالث منذ الرابعة عصراً، استقله محمد علي، موظف نادي هيئة التدريس. لقرابة 15 عاماً يلازم الشاب العشريني خط المناشي "من أيام ثانوي وأنا واخد عليه". سمع علي بالحادث حين وفد إلى المحطة، البعض تحدث بالجوار لكنه لم يكترث كثيرا "باسمع عن حوادث كتير وده طبيعي العربيات بتبقى زحمة جداً بس هنعمل أيه دي الوسيلة المتاحة".

الوقت والماديات حال جميع الركاب تدفع الشاب لملازمة القطار. بين الحين والآخر تحذره والدته من ركوب القطار، حينما تسمع عن حادث، لكن عدم استقلاله بالنسبة لعلي مرهون "لو حاجة حصلت قدام عيني يمكن مركبوش تاني".

على الرصيف وطيلة قرابة ساعتين لم يأتِ ذكر الواقعة إلا نادراً، البعض يخبر أهله باحتمالية تأخيره، فيما يمزح آخر بأنه يريد اللحاق بمباراة النادي الأهلي.

استند سليمان عبدالخالق إلى شباك التذاكر منتظراً انتهاء المحصل من صلاة المغرب، طيلة 28 عاماً يستقل الرجل الخمسيني القطار، في الصباح هو سائق لإحدى أساتذة جامعة الأزهر، وبالمساء ينضم إلى الراكبين.

"مفيش حاجة اتغيرت في الخط إلا أنهم لغوا قطر الساعة واحدة ونص واثنين ونص لكن الزحمة هي هي". يجد الرجل صعوبة في استقلال وسيلة أخرى "مش أقل من خمسة جنيه يوميا لكن هنا بدفع جنيه للمناشي".

يأمل "علي" أن يتم الاهتمام بمنظومة السكك الحديدية خاصة القطار الذي يستقله يوميا البسطاء، فيما لا يجد سليمان عبدالخالق ودينا ونورهان مفرا من ركوب القطار، متحاملين على نفسيهما، موقنين بأن "العمر واحد، والرب واحد".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان