لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حصار أسرة صلاح.. نجريج "وزارة تضامن اجتماعي"

08:43 م الأحد 29 أبريل 2018

كتبت - نانيس البيلي

تصوير - علاء القصاص

"تجهيز العرائس، وسداد الديون، والتكفل بالعلاج، وعمرة لفك مس الجن".. كانت هذه عينة من مطالب يضعها مئات المواطنين "على باب" محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنجليزي ولاعب المنتخب الوطني.

من محافظات مختلفة، توافد المواطنون على منزل أسرة صلاح في قرية "نجريج" التابعة لمركز بسيون بالغربية، وافترش العشرات منهم عتبات بيت اللاعب الدولي والبيوت المجاورة يترقبون فتح الباب على أمل الحصول على مساعدة من "صلاح" الذي اشتهر بمساعدة الآخرين، وازداد إقبال المواطنين قبل شهر بعد شائعة تجهيزه عشرات العرائس الأيتام.

2

يوم الجمعة الماضي، افترش عشرات الأفراد من أعمار مختلفة شارع أسرة صلاح الذي لا يتجاوز عرضه 8 أمتار، الجميع أبصارهم شاخصة صوب منزل اللاعب الشهير، يترقبون أي حركة للبوابة التي لم تفتح غير مرة واحدة طيلة ساعتين جلسنا فيهما، وقتها خرج والد صلاح سريعًا واستقل سيارته مغادراً، هرباً من مطاردات القابعين أمام بيته.

منزل بسيط من 3 طوابق يقع وسط قرية نجريج، لا يختلف كثيراً عن بيوت القرية المتواضعة، سوى بدرجات سُلمه الرخامية وكاميرتي مراقبة يلاحظهما من يدقق النظر على جانبي بوابته الحديدية.

"على باب صلاح": أرامل وأيتام وزوجات غارمين ومواطنة تطلب "عمرة للجن"

للوهلة الأولى، يظن المار بالشارع من غير أبناء القرية، أن الأفراد الممسكين بورق مُهترئ وأشعة تحاليل، يقصدون منزل أحد المسئولين الذي يملك سلطة الحل والعقد والمنح.

عمرة للجن

على عتبة مواجهة للمنزل المنشود، جلست "فاطمة" وهي تضع إحدى يديها على خدها، تنظر نحو الباب. تقول إنها جاءت من قريتها بالمحلة الكبرى أملاً في مساعدة "صلاح" لإنقاذ ابنتها "منى" صاحبة الـ20 عامًا التي طُلقت بعد 10 أيام فقط من الزواج، "جوزها سابها، دوخت بيها على الدكاترة النفسيين وبعدين عرفت أن معمولها عمل من الجن".

بنصيحة من أهالي قريتها ومن عدد من "الشيوخ" الذين لجأت لهم، قصدت السيدة الأربعينية منزل اللاعب الشهير "قالوا ده صلاح بيجوز وبيساعد كل الناس"، تطلق تنهيدة وتقول إنها تأمل في مقابلة والد "صلاح" لكي يلبي طلبها "مش عايزة جنيه، عاوزة عمرة بس لهم عشان يرضوا على البت" في إشارة إلى الجن الذي تعتقد أنه سبب معاناة ابنتها.

كفالة يتيم

بالقرب منها وقفت "نعيمة" القادمة من محافظة المنوفية تحمل رضيعها على يديها، بنظرات استجداء تحكي الشابة التي جعلتها علامات الشقاء تبدو في الأربعين بينما لم تكمل الـ24 عامًا، مطالبها التي قصدت القرية من أجلها، وتقول إنها مطلقة ولا تعمل وليس لديها عائل لها "عاوزة صلاح يتكفل بيه، ممعييش أجيبله بامبرز، وعنده شرايين قلبه ناقصة عاوز عملية، وبياخد لبن صناعي العلبة الواحدة بـ 150 جنيه، وممعييش أجيبله هدوم الصيف".

3

قبل حوالي شهر وتحديداً بعد انتشار شائعة "تزويج صلاح لـ70 عروسة يتيمة"، بدأ توافد المواطنين على قرية اللاعب الشهير بأعداد كبيرة تصل إلى المئات يوميًا طلبًا لمساعدته، بحسب شهادة أهالي قريته الذين تحدثوا مع "مصراوي".

يقول "سامح" و"سعد" الشقيقان اللذان يملكان محل بقالة متواضع بالقرية وتربيا مع "صلاح" منذ الصغر: "كل دقيقة واحد فايت، ناس من كل حتة من الفيوم وبنها والدقهلية".

يذكر "سامح" ابن الـ30 ربيعًا الذي يكبر اللاعب الشهير بـ5 سنوات، آخر المطالب التي كان شاهداً عليها عندما قدم شخص من مركز كفر الزيات بذات المحافظة ويعمل محصلًا لفواتير المياه، وقابل والد "صلاح"، الخميس الماضي، وطلب مساعدته بعدما سرقت منه عهدته وقيمتها 40 ألف جنيه.

التعلق بالباب

يقطع همسات الواقفين، صوت سيدة تطالب إحداهن بإعادة الطرق على بوابة منزل "صلاح" قبل أن تجيبها الأخرى "بنخبط من الصبح ومحدش بيفتحلنا"، لتصيح غاضبة بضرورة أن يقابلهم أحد أفراد المنزل "إحنا مش هنسيب بلادنا ونيجي لباب بيته غير لما نكون محتاجين وكفرانين".

على ذات "البسطة"، جلست عجوز ستينية جاءت من محافظة دمنهور، تحمل في يدها ورقة وبجوارها تجلس ابنتها الشابة. توضح "فتحية" لمصراوي وهي تشير إلى الورقة أنها شهادة وفاة زوجها أحضرتها معها لتقدمها إلى والد صلاح، ليتكفل بجهاز ابنتها اليتيمة والمخطوبة منذ أكثر من عامين "قسما بالله ما معانا أجرة السكة، ده إحنا سالفينها من ناس وقولنا لما نيجي لصلاح نخبط على بيته ربنا هيراضينا ونروحوا نسدوه".

التصوير بشرط

في حين وافق بعض حاملي المطالب على التقاط الصور، اشترطت سيدات إخفاء وجوههن خشية أن يطلقهن أزواجهن الذين جاءوا دون علمهم إذا عرفوا بقدومهن لطلب مساعدة.

4

كما رفض البعض التصوير لتلافي ما اعتبروه "فضيحة" لهم لأسباب مختلفة، وقالت سيدة أتت لطلب مساعدة لتجهيز ابنتها: "لو شاف الصورة ممكن يسيب البت يقول ده رايحين لصلاح يشحتوا ويقولها أهلك مش قادرين يجهزوكي".

بداية التوافد

منذ نهاية العام الماضي خاصة بعد تأهل مصر لكأس العالم، بدأ توافد أهالي القرى المجاورة بأعداد بسيطة "كانوا بييجوا بس خفيف"، يقول "سعد"، مشيرا إلى أن الشائعات التي أطلقتها السوشيال ميديا في الأسابيع الأخيرة دفعت المئات للقدوم إلى القرية طمعًا في الخير الذي يقوم به صلاح "بيقولوا إنه بيحل وبيدي الناس فلوس".

الشائعات تسببت في ضغط كبير على أسرة صلاح، وفقا لتأكيدات "سعد"، الذي أشار إلى عشرات المواطنين المحيطين بمنزلهم.

يذكر "سامح" آخر تلك الشائعات: "الأسبوع الماضي، قالوا إنه تبرع بـ5 فدادين أرض لعمل محطة صرف صحي للقرية، والحقيقة مفيش الكلام ده، الصرف الصحي في البلد بيتعمل بجهود ذاتية".

ذكية: "قولي لهم مايجوش تاني ويوفروا على نفسهم.. هو بيطلع لأهل بلده بس"

يلتقط أطراف الحديث شقيق سامح ويقول إن مئات الزائرين يوميًا يتوافدون على القرية، وهذا فوق قدرة صلاح أو أي شخص آخر "صلاح مش هيشيل هم شعب بحاله، يعتبر الشعب المصري كله بيجيله".

"إحنا أولى"

"الدنيا كلها بتقول كل ما يجيب جون يدبحوا عجل، ومجوز ييجي 70 بنت، ودافع 8 مليون جنيه للصرف الصحي في بلده وعاملهم معهد".. قالتها سيدة قادمة من محافظة الشرقية طلبًا مساعدته في تجهيز ابنتها، قبل أن تلتقط أطراف الحديث سيدة أخرى قادمة من بنها لذات السبب وهي تصيح "إحنا أولى من المعهد الديني اللي بيتبنى، مايدينا إحنا".

حديث أهالي قرية "الحاجة نبوية" بمحافظة البحيرة عن الأعمال الخيرية التي يقوم بها اللاعب الشهير، جعلها تفكر في القدوم إليه لمساعدتها في مصاريف علاجها من الكبد، "قالولي محمد صلاح هيديكي فلوس ويعالجك، إحنا مرضى والله جايين من بعد دسوق".

تضيف السيدة الستينية أنها عقدت العزم على التوجه إلى "نجريج" بعد سماعها إحدى حلقات البرامج في التلفاز، "بيقولوا بيجوز وبيدبح وبيعمل خير لكل الناس، جيت ع الإشاعات".

حصار ثلاثي

منزل عمدة القرية، وبيت الشيخ محمد البهنسي مسؤول الجمعية الخيرية المسماة باسم اللاعب، ومنزل والد صلاح، هي الثلاث أماكن التي يقصدها الزوار القادمون يوميًا حاملين مطالبهم، بحسب "سامح": "الشيخ البهنسي نفسه زهق، الراجل مش عارف يقعد في بيته كل دقيقة حد جاي يخبط عليه من بلد شكل".

يذكر "سامح" أنه ذات مرة سأل "البهنسي" إذا كانوا يعطون أموالاً لهؤلاء الأفراد فأخبره بأنهم لا يدفعون أي أموال غير مبلغ 50 ألف جنيه توزع على عدد من أسر القرية ما بين أيتام وأرامل ومطلقات ومسنين، "قالي مفيش حد بيجي من بره بياخد، إحنا مش هنشيل هم ده وده".

"فلوس العشاء"

برفقة ابنتيها "حنان" 19 عاما و"وفاء" 18، وقفت "زينب" على بعد أمتار من منزل "صلاح"، تقول إنها جاءت من إحدى قرى الدقهلية قاصدة منزل اللاعب الشهير لمساعدتها في جهاز نجلتيها المخطوبتين "بربي في يتما وعرفت من النت والتليفزيون إنه بيساعد".

"ده مبالغة يا جماعة، مبيعملش كل ده ما انتوا عارفين كلام التليفزيون"، قالتها إحدى السيدات قبل أن تقاطعها "حنان" بثقة: "حصل عالنت، قالوا إنه بيجوز وبيدبح"، تهندم شقيقتها وفاء حجابها وهي تقول باستجداء "إحنا جايين المواصلات بفلوس العشا والله، طيب يعملنا أي مساعدة وخلاص".

5

في البيت المقابل لمنزل العمدة، وقفت "ابتسام" 21 عاما تضع "الحصير" على السور لتشميسها، تضحك بسخرية وهي تقول إنها تتعجب من الشائعات التي لا تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي "حتى في التليفزيون من يومين لقيت المذيع بيقول ده صلاح مجهز 70 عروسة ودافع آلافات عشان الصرف الصحي.. كنا بنضحك ونقول كدابين، كذب مفيش حاجة من دي حصلت".

تشتكي "ابتسام" من الأعداد الكبيرة التي تصطف أمام منزلهم لمقابلة العمدة "الناس بتبقى حاجة فظيعة، إمبارح العمدة كان قاعد مش عارف يخش الدار منهم".

وتذكر أن أعداد القادمين زادت قبل نحو شهر، وأن الإثنين الماضي يوم مباراة ليفربول وروما وبعد يوم من فوز "صلاح" بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي شهد توافد عدد كبير ربما تخطى المئات "سمعت واحد بيقول للعمدة أنا عليّ مليون جنيه خلي صلاح يديهوملي، وواحدة ست بتعيط وتقول أنا جوزي عليه ديون 400 ألف جنيه خلي صلاح يتبرعلي".

نجريج غاضبة

بلهجة غاضبة، يعبر "سامي" صاحب محل بقالة بجوار منزل العمدة عن ضيقه من الشائعات "البلد كلها مضغوطة ومشحونة من المواضيع اللي زي دي".

ويقول إنه بحكم تنقله في أكثر من بلد مجاور لظروف عمله وبمجرد علم أهالي تلك المناطق بأنه من نفس قرية اللاعب الشهير يتحدثون عن تلك الشائعات باعتبارها حقائق "بيقولولنا ده محمد صلاح بيديكوا رواتب شهرية وبيدبح عجول ومجوز البنات.. والله أبدا والله العظيم محصلش".

وتشير زوجته "أم محمد" إلى مشاهدتها لعشرات الأفراد القادمين من مختلف المحافظات بمطالب مختلفة "الناس بتسمع فبتيجي، مفكرة إن أهل صلاح هيطلعوا ويدوهم".

ويقول "سامي" إن التزاحم الذي تشهده القرية هذه الأيام ربما يكون بداية لحل المشكلة التي يعانون منها منذ شهر "إن الناس لما تيجي هنا هتعرف الواقع فالإشاعات تبطل".

200 جنيه من "صلاح الخير"

6

قبل عامين، بدأت "حنان" 41 عاما من أهالي القرية تحصل على شهرية قيمتها 200 جنيه من أسرة صلاح لابنها "عبد الرحمن" ذي الـ10 سنوات لكونه يتيم الأب، تقول وهي تجلس على سلم منزلها بجوار حماتها وطفلها إنها تتوقف كل 6 أشهر وتعود لها مرة أخرى بعد نفس المدة "بيقطعها عشان يجدد لغيرنا اللي زينا، واللي مخدوش يديهم فرصة ياخدوا".

50 ألف جنيه هي المبلغ الشهري الذي تُخصصه جمعية "صلاح الخير" المدرجة باسم اللاعب وتخدم أهالي القرية، بحسب عدد من الأهالي والجيران تحدثوا لمصراوي، يتقاسمها "أيتام، وأرامل، ومطلقات، ومسنون" وتبلغ حصة الواحد حوالي 200 جنيه.

تقول "ذكية"، حماة حنان، وهي أم لـ4 أبناء توفي زوجها قبل 7 سنوات، إن أسرة صلاح وزعت على أهالي القرية خلال رمضان الماضي لوازم تموينية للشهر الكريم "جابولنا سمنة وسكر وزيت وجبنة ولحمة ومكرونة".

تتعجب السيدة السبعينية من المئات الذين يأتون يوميًا لطلب مساعدات من ابن قريتها، "بقول لحنان قولي لهم مايجوش تاني ويوفروا على نفسهم، هو بيطلع لأهل بلده إنما بره مبيطلعش".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان