حكاية إسورة ورديّة اللون.. مبادرة لحماية مريضات السرطان
كتبت-شروق غنيم:
لسنوات تعايشت سمر سيد مع مرض السرطان، كانت ترى معاناة سيدات عقب عملية استئصال الثدي، تضطررن لبتر أجزاء من قمصانهن حتى لا تحتك الأقمشة بأذرعتهن فتُسبب تورُم، أو يمسسهن الضرر حين يلمس أحد أذرعتهن دون معرفة بالآثار السلبية لذلك وما يسببه من تضخم للأيدي.
أردات سمر أن تعفي أقرانها من ذلك، فكّرت في صُنع إسورة تحذيرية تُعلق بالأيدي المُهددة بالتورم حتى لا يمسسها أحد، لم يُمهلها المرض وقتًا كافيًا لتنفيذ الفكرة، رحلت سمر منذ ستة أشهر، لكن ما قالته لم يمُت بعقل صديقتها رحيمة الشريف، فقررت أن تصنع الإسورة وتحقق وصيّة صديقتها.
لم تكن رحيمة على علم بالتبعات الطبية لعملية استئصال الثدي، توجهّت إلى الأطباء المتخصصين وعلمت أنه بعد العملية تتعرض السيدات لاحتمال انتفاخ الذراع ما يُسمى طبيًا بـ"Lymphedem"، ويحدث ذلك التورم بسبب استئصال العقد اللمفاوية التي تزيل سائل الليمف من الذراع بدرجات متفاوتة.
تزداد درجة التورم في الذراع حينما يتعرض لاحتكاك أو خبطات من أي نوع، أو حينما يُأخذ فحص دم أو استخدام أي إبرة في ذلك الذراع، بالإضافة إلى ارتداء الأشياء الضيقة التي تخنق الجلد وتمنعه من تصريف سائل الليمف.
قبل شهر بدأت صاحبة مبادرة الست المصرية في تنفيذ وصيّة صديقتها، نفّذت قرابة ألف إسورة ورديّة اللون من الجلد الطبيعي تحمل تحذيرًا "لا تلمس ذراعي"، وأطلقتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لاقت انتشارًا واسعًا، من المحافظات المختلفة أخذت سيدات تطالب رحيمة بالحصول على الإسورة.
اقتربت رحيمة أكثر من السيدات ورأت المُعاناة، إحداهن روت لها أنها فقدت الوعي ذات مرة وحين دخلت المستشفى لم يكن يعلم الأطباء بعملية الاستئصال "واتحقنت في الذراع نفسه وزاد التورم"، كانت تلك الحكاية كفيلة بأن تُغيّر صاحبة المبادرة من تفاصيل الإسورة الورديّة.
بعدما أنتجت رحيمة قرابة ألف إسورة قررت التخلص منهم "كنت عاملة الكباسين معدن، وده معناه إن اللي لبساه هتضطر تقلعه لو دخلت تعمل إشعة، فقررت أخليه بلاستيك عشان يفصل في إيدها حتى لو دخلت مستشفى ويبقى تحذير للدكاترة" تحكي صاحبة المبادرة.
في ثلاثة أيام أنتجت ألف إسورة أخرى وأعلنت عنها، من الإسكندرية، المنصورة، الفيوم، ومحافظات شتّى أخذت سيدات تسأل عن المُنتج "اتخضيت من العدد، مكنتش متستوعبة إن في عدد كبير كدة محتاجها"، فيما قررت أن تُسلمها لمن تطلع على هويتهن وتقاريرهن الطبية التي تثبت الإصابة بالمرض.
منذ عام فقط، أطلقت رحيمة مبادرة الست المصرية، والتي تُعلّم سيدات الحرف اليدوية دون مقابل، خلال سنة واحدة علّمت قرابة سبعة آلاف سيدة "وهما اللي ساعدوني لما قررت أعمل موضوع الإسورة، كانوا بيعملوها بكل حُب ومساعدة".
لأول مرة تخوض رحيمة هذا النوع من المبادرات "اتخضيت في الأول لإني لسة جديدة على الموضوع ده"، لكنها تنوي أن تستمر في صنع الإسورة "ولو في حاجة أكتر ممكن أقدمها مش هتأخر"، لكنها تتمنى أن تنشر وزارة الصحة نشرات توعوية حول خطورة لمس الأذرع للمستأصل ثدييها "وإن الوزارة تقرر هي كمان تعمل إسورة وتقدمها مجانًا عشان توصل لعدد أكبر، حتى لو هيحتاجوا مننا إننا اللي ننفذها".
فيديو قد يعجبك: