لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

20 عاماً من سوق التونسي.. خردة وأنتيكات و"أثاث استعمال خفيف"

03:32 م السبت 09 يونيو 2018

كتبت- رنا الجميعي:

تصوير- شروق غنيم

في أربعينيات القرن الماضي، لمع أمام عيني الصبي الصغير ملعقة فضة، كانت الحاجة هي الدافع في نفسه، ليقوم بشرائها وبيعها بثمن أغلى، يلعب الحظّ حين يصادف كون الملعقة أصلية "كنت أشتريها بتعريفة وأبيعها بعشرة صاغ"، وقتها كان "محمد" في المرحلة الابتدائية، اضطر لترك التعليم بوفاة والده "كنا بنجري ع الدنيا عشان نعيش"، لتُصبح الخُردة هي مصدر رزقه، ويبدأ في حمل الشُّوال "كنت أسرح في الشوارع أنده ع اللي عنده حاجة قديمة".

1

"بيكيااا".. يُنادي محمد بعلو صوته من لديه أي شيء قديم لا يحتاجه "كانت البيوت كلها خير"، من شوارع مصر الجديدة إلى جاردن سيتي إلى الزمالك كان مشوار محمد "الحاجة اللي مفهمش فيها أوديها لخبير بتاع أنتيكات يعرف تاريخها"، مع الوقت أدرك بعين الخبير كل قديم "وأقدر أسعّره كمان"، لم يتحوّل الرجل إلى تاجر أنتيكات، لكنه صار أحد الهُواة المُغرمين بسوق التونسي، بينما لم يصبح الفقر جاره الأقرب، حيث أمسى واحداً من تجار قطع الغيار.

2

أين يذهب كل الأثاث القديم؟ إلى أسواق المستعمل. تحت كوبري التونسي بمنطقة السيدة عائشة يقع أكبر سوق للمستعمل في مصر، "سوق التونسي"، هُناك يذهب "محمد" من آنٍ إلى آخر، يُفتّش بعينيه عما يجذبه، أصبح زبوناً هاماً، يجلس بجوار أحمد زينهم، أحد التجار بالسوق، لا يبدو من فيهم التاجر والثاني الزبون، كأن علاقة الصداقة بينهما تمتدّ لسنوات طوال، وبينما كان الفقر هو الدافع لسير الحاج محمد في سكّة القديم، كان زينهم واحداً من عائلة تمتهنها منذ زمن.

3

تنقسم سوق التونسي إلى أماكن متجاورة، لا حدود بينهما، ولا يفصلهما سوى الأثاث، وأحياناً يافطة مرفوعة باسم المكان، ويعلق البعض صورة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لا تقتصر السوق على الأثاث القديم فقط، ينضم إليها المُستعمل أيضًا، كذلك الخُردة بأشكالها المختلفة، منذ عام 1997 انضمّ الحاج شعبان إلى تجار كُثر انتقلوا من سوق الإمام الشافعي -يقع بالقرب من التونسي- إلى المكان الجديد، ليُصبح مُستقراً لهم، "هنا ببيع المستعمل الخفيف"، حيث يبدو الأثاث كأنه لم يُلمس من قبل.

4

أما القديم الباهت فيأخذه التاجر الذي يعمل لديه "استورجي"، في سوق التونسي هناك من يبيع الأنتيك القديم بالخامة الفخمة، وهناك من يبيع أي خامة، يبيع الحاج شعبان "الموبيليا اللي استعمالها بسيط"، عبر الإنترنت تحديدًا، يستقدم التاجر الأثاث الذي يبيعه في السوق، أما المصادر الأخرى "لما زبون يحب يبيع حاجة بيكلمني".

5

لا يمتلئ المكان لدى "زينهم" بالأثاث فقط، هناك دفاتر قديمة، ألبومات صور، مرآة، لوحات وبراويز، يقول التاجر إن الهواة هم من يغويهم القديم "فيه ناس غاوية لبس وناس غاوية عربيات، وفيه اللي غاوي القديم، أي حد غاوي أنتيكات بيشتري تراث وقيمة"، هؤلاء الهواة بعضهم مسؤولون وشخصيات عامة، خلال حديث "زينهم" قدِم أحد هؤلاء الهواة، يلمس بيديه الأثاث، يبدو عليماً بأنواع الخشب والأسعار، استفسر عن سعر طقم الأنتريه القديم ذي الخمسين ألف جنيه "اللي بيشتري دا بيبقى خبير وعارف".

6

يستفيد زينهم في ذلك عند بيع اللوحات تحديداً "التكنولوجيا خربت الدنيا، دلوقتي يييجي واحد ياخد لوحة أصلية ويعمل زيها كتير"، لكن عين الغاوي تُدرك الفارق "الأصلي بتبقى ممضية ومش ملعوب فيها"، هكذا تعلّم زينهم سر المهنة "من كتر الممارسة بقيت فاهم".

7

لا تقتصر التونسي على الهُواة فقط "فيها كمان الناس التعبانة اللي مش قادرة تتجوز"، رغم ارتفاع الأسعار خلال الأعوام الماضية، إلا أن سوق القديم تُعتبر الملجأ بالنسبة للكثيرين، يأتون إلى التونسي من كل مكان "مش بس القاهرة، بييجي من محافظات، قنا وأسيوط والعريش.. من كل حتة".

8

بجانب المكان المخصص للحاج شعبان، تصطف قطع خُردة كثيرة على الأرض، حيث استقرّ الحاج عباس منذ بداية التونسي، تعاونه زوجته كريمة وابنها. دار عباس أسواق عديدة؛ من الزقازيق بالشرقية إلى المنيب بالجيزة ثم الإمام وزرزارة عند منشية ناصر، وأخيراً حلّ على سوق التونسي، يختلف ما يُباع في ذلك السوق عما يباع في الزقازيق "اللي بيتباع في الشرقية مستهلكات ما يمشيش هنا، هناك بياخدوا الحاجة المكسورة يصلحوها ويستخدموها".

9

تقف "كريمة" أمام الخردة التي تبيعها، من فوانيس محطمة وراديو لا يبدو عليه أنه سيعمل ثانية، إلى ألعاب أطفال وقطع عديدة أخرى، تعمل كريمة رفقة زوجها منذ أن جاء للإمام "إحنا بنبيع أي حاجة، فيه صنايعية بياخدوا الحاجات دي"، تقنع كريمة بعملها "كل واحد ولُه توبُه"، تُشير إلى قطع الخردة لديها، هناك من يشتري الراديو يُصلحه ليستمع لإذاعة القرآن في رمضان، تبدو الاحتمالات لا نهائية لاستخدام تلك القطع "فيه اللي ممكن بيجهز لمحل، ومش عايز يخسر، بياخد الحاجة من هنا، ويجرب يشوف المحل نجح وأما لو خسر، يبقى مخسرش كل حاجة".​

10

تابع باقي موضوعات الملف:

المضطر يشتغل في "الهدد".. حكاية بائعين في سوق المنيب

2

30 عامًا من "اللّف" في الأسواق.. أحمد خليل "غاوي شرا القديم"

3

من الصعيد للقاهرة.. يونس يتتبع هوايته في أسواق المستعمل

4

أحلامهم أوامر رغم الفقر.. رحلات كريمة في سوق الهدد "لاجل العيال"

5

"كل ما هو مستعمل".. سوق منطي "عتبة" الغلابة

6

"عفش قديم للبيع".. 7 معلومات عن أسواق الهدد (فيديوجراف)

7

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان