لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مدرس "فرنساوي" يربي "الدود" من أجل بيئة أكثر نظافة

02:23 م الثلاثاء 10 يوليو 2018

كتبت-إشراق أحمد:

وقف خالد حلاوة أمام طالبات مدرسة ميت عساس التجارية، مطلع فبراير المنصرف، لا ليشرح درسًا جديدًا في اللغة الفرنسية، كما اعتاد أن يفعل منذ امتهن التدريس، بل حدثهم عن البيئة والمخلفات داخل المنازل وفي الشوارع، ثم أمسك علبة بلاستيكية تحوي ديدان صغيرة بينما يخبرهم عن وسيلته التي باتت هواية وعملاً جديدًا، تتلخص في تربية "دود الكمبوست".

منذ ثلاثة أعوام، أصبح يوم حلاوة منقسمًا بين التدريس صباحًا، ثم متابعة مشروعه مساءً. "بربي دود الأرض. النوع اللي بيعيش على الفضلات ويحولها لحاجة اسمها فيرمي كمبوست أو سماد عضوي يقدر يغنينا عن استخدام الكيماويات" يوضح معلم اللغة الفرنسية ما يقوم به، ملحقًا كلماته بإضافة سريعة "وده مش كلامي ده كلام مركز لبحوث المناخ التابع لوزارة الزراعة".

يهوى حلاوة الصيد، لذا كانت كل معرفته عن ديدان الأرض أنها طعم للأسماك، حتى واجه فِصال بائع معه حول كمية الطعم التي يريدها؛ حينها قرر ورفاقه تعلم تربية الديدان للاستغناء.

1

بعد بحث عرف حلاوة أن هناك مهام أخرى لتلك الكائنات الدقيقة، وزاد شغفه بعدما علم بمطالبة وزارة الزراعة من مركز المناخ استيراد مجموعة من الديدان لعمل تجارب إعادة تدوير المخلفات.

كان ذلك عام 2008. لم يُكذب معلم اللغة الفرنسية خبرًا، وتواصل مع مركز المناخ "قالوا لي مش هنعرف نقول حاجة غير لما نتأكد أنها –الديدان- مناسبة للتربة المصرية".

ظل اهتمام حلاوة قائمًا، حتى قرأ إعلان أول دورة لاستخدام دودة الأرض في تدوير المخلفات. في 24 أغسطس 2015 سافر ابن مدينة المحلة الكبرى إلى القاهرة، والتحق بالتدريب ضمن 24 شخصًا، حصلوا في الختام على 100 جرام من دود الأرض لبدء مزارعهم الصغيرة.

بدأ الأمر باستبدال معلم اللغة الفرنسية "دود الكمبوست" بصندوق القمامة في منزله "قشر بطاطس، بتنجان، تفل الشاي.. كل الحاجات اللي تطلع من المطبخ أحطها". فقط يضع قطعًا من الورق أو الكرتون المبلل ثم تودع الديدان مع الفضلات، وتبعًا للكمية يكون إنتاج السماد.

شيئًا فشيئًا زاد إنتاج السماد "الدودة الواحدة بتاكل نص وزنها يوميًا" يوضح حلاوة. بعد عام تحولت الهواية إلى مشروع ربحي؛ قرر حلاوة مشاركة زميل له اهتم بالفكرة "أخدنا بدروم وخليناه مكان نعمل فيه مزارع". تواصل مربي الديدان مع صفحات زراعة الأسطح، يعرض عليهم منتجه الطبيعي.

توسع تحويل الفضلات من منزل حلاوة إلى الرفقة ومحال العصائر المجاورة "باسكت الزبالة مبقناش نطلعه. واتفقت مع زمايلي اللي عنده تفل شاي أو قشر بيض وبنكلم أصحاب المحلات لما يطلعوا كمية من القشر نجمعها ونحطها في شكارة وناخدها".

إلى الجانب المادي من المشروع بسيط الإمكانيات "تكلفة الدودة الواحدة جنيه وبعد سنة بتتكاثر وتبقى 100". ظل حلاوة على تواصل مع مركز المناخ للتوعية باستخدام دود الأرض في تدوير المخلفات، يذكر ندوة جهاز شؤون البيئة في المنصورة، وكذلك التعاون مع إدارة البيئة والسكان في وزارة التربية والتعليم لتوعية الطلاب في الفصول بمدينة المحلة الكبرى.

لا يترك حلاوة مكان إلا ويتحدث فيه عن "دود الكمبوست"، يحرص على تعليم من حوله، يقنع كل شخص من مدخله، معتمدًا على معادلة يؤمن بها "دود كمبوست+ فضلات= سماد طبيعي= أكل صحي= ربح مادي= صحة سليمة وفي النهاية بيئة نضيفة".

2

يحكي حلاوة عن المعلمة التي كانت من المتأففين وقت ذهابه لمدرسة البنات التجارية، حتى استمعت لحديثه عن إمكانية الربح من الفكرة، فحرصت أن تحصل على عينه من الديدان، التي يوزعها حلاوة عقب كل لقاء له مع جمع "بديهم عينة مجانية زي اللي أخدتها من مركز المناخ لما اتعلمت أول مرة".

لم يسلم معلم اللغة الفرنسية من سخرية المقربين أو الغرباء "إيه يا مسيو. دود إيه اللي بتربيه.. إيه يا مسيو إيه اللي جرى". مثل تلك التعليقات دفعت حلاوة لإطلاق صفحة خاصة لنشر الفكرة، وقام بتغيير صورته الشخصية إلى أخرى كتب عليها "دود الكمبوست" حتى لا يرهقه مواصلة تبرير ما يفعل.

3 copy

منذ نحو عشرة أشهر، قَطع حلاوة مزيد من الخطوات نحو مشروعه، أصبح هناك تواصل مع الراغبين في شراء مزارع صغيرة، وأيضا مع المربين مثله "أحنا 4 على مستوى مصر بدأنا موضوع تربية الدود ده"، وكذلك وضع منشورات إرشادية لمن يرغب في بدء مشروع تجاري، فيما انتقل إلى مكان أوسع، ومعه شاركه ابنائه الثلاثة العمل.

4

يسعي معلم الفرنسية لنشر الفكرة دون أن يُغلب الجانب التجاري، لكن مواقف عدة واجهها تدور حول تشكك البعض، يذكر منها الرجل الذي قدم من جمصة إلى المحلة ليلتقي به، بعد 3 أسابيع من التواصل وبمجرد أن رأى الديدان قال متعجبًا "ده الدود البلدي بتاعنا" ولم يتمهل حتى يفهم الأمر وذهب.

يواصل حلاوة التحضير لمزيد من الندوات بالتعاون مع أخصائي مركز المناخ الزراعي، تبدلت حياته "مراتي بقت تقول لي كنت دخلت زراعة بدل الفرنساوي" مبتسمًا يقول مربي الديدان، متحدثًا عن اهتمامه الحديث بالزراعة وعزمه مع بعض أصدقائه إلى شراء فدان وزراعته واستخدام السماد المعاد تدويره، فيما يتمنى بلوغ غايته بأن تتحول صناديق القمامة في المنازل لمزارع "دود الكمبوست".

تابع باقي موضوعات الملف:

فتش عن المخلفات.. الكنز في إعادة التدوير (ملف خاص)

1

بالصور- في قلب الشيخ زايد.. بيت كامل من المخلفات

1

في حي الزبالين.. إعادة التدوير "فن ومدرسة"

3

8 معلومات عن إعادة التدوير في مصر (فيديوجراف)

4

"خشب" من حضن البحر.. كيف يحوله طبيب عظام إلى أثاث؟

5

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان