إعلان

"رز بلبن وحاجة ساقعة".. من الأمهات "حلاوة" نجاح الثانوية العامة

04:53 م السبت 14 يوليو 2018

فرحة الطلاب بأنتهاء الامتحانات

كتبت- شروق غنيم:

قبل ثمانية أعوام؛ كانت تتعجّل ماجدة السيد خطواتها من المدرسة الثانوية إلى شارعها في منطقة الهرم، تُسرع بينما لاتزال فرحتها طازجة، لاتزال تسير في منتصف شارع منزلها، حتى رآها شقيقها، أمارات البهجة على وجهها أخبرته كل شئ، حين وصلت إلى مكانه، كان الشارع عامرًا بالفرحة، زجاجات المياه الغازية في أيادي المارة وأصحاب المحال، فرّقها شقيقها احتفالًا بنجاح ابنها الأوسط بمجموع كبير.

لا تزال تتذكر السيدة الخمسينية المشهد؛ الهاتف المنزلي لا يكف عن الرنين، أقارب يتسائلون "أحمد عمل إيه"، الشارع تحوّل إلى كرنفال، ينتفض سعادًة، توحده الزغاريد و"حلاوة" النجاح "كنت ناوية أفرق لحمة ورز بس الظروف والوقت مساعدونيش، عملت شربات في البيت بسرعة وبقيت أوزّع على الجيران والحبايب"، فيما يأتيها المدد من بيوت المنطقة "بقت ناس تجيبلنا صناديق البيبسي الأزايز، واللي يدينا فلوس زي نُقطة الفرح كدة".

لم يكن الأمر غريبًا على أسرة ماجدة، تلك الأجواء كانت مُعتادة في المنطقة حين تظهر نتيجة الثانوية العامة"، حتى أن الطقوس نفسها تكررت العام التالي حين نجح ابن شقيقها في الثانوية العامة أيضًا، لكن بمرور الوقت بهتت الفرحة في الشارع "مبقاش في زي الأول ناس تزغرد وناس تجيب حاجة ساقعة، كإنها موضة وبطلت".

أول أمس؛ اعتمدت وزارة التربية والتعليم نتيجة الثانوية العامة، لكن الخبر لم يصل إلى ماجدة "الشارع هُس هُس، وأنا مبتابعش التلفزيون"، لكن في منتصف اليوم زار أذناها "كام زغرودة يتيمة"، حين سألت عن السبب عرفت أن نتيجة الثانوية العامة قد ظهرت.

تلاشت تلك الطقوس، تطور آلة التكنولوجيا أجهز على تفاصيل اعتادت عليها السيدة الخمسينية، أصبح الفضاء الإلكتروني والـ"الإنبوكس" بديلًا عن مكالمات الهاتف، وبالضغط على "بوست" في لحظة يعرف كل من في خانة الأصدقاء على الموقع الأزرق النتيجة، تهنئة صامتة بدون أصوات، أو مواساة عن بُعد.

قبل أن تظهر نتيجة نورهان محمد عام 2015 للمرحلة الثانوية؛ كانت تحتفظ والدتها بأفكار متعددة للاحتفال بها، لكن باغتها المرض، حين جاء الحدث المُنتظر كانت قد خرجت للتوّ من عملية استئصال لورم أصابها، لم تقوى على ذلك، لكن ما أشبه بـ"الندر" ظل عالقًا بذهنها، بعد عامين تحقق الحُلم "لما نتيجة أختى طلعت".

طاقة وتفجّرت في المنزل، هرولت الأم سريعًا إلى أحد المتاجر القريبة من منزلها في منطقة بولاق الدكرور، اشترت حاجتها وشرعت في العمل "عملت حِلل رز بلبن كتير جدًا، وجبنا علب بلاستيك ومليناها"، قرابة مائة وخمسين وعاء بلاستيكي كان مليئًا بصنيع أيادي والدة نورهان "بقت توزع على الجيران والقرايب واللي في الشارع، كانت طايرة بالفرحة عشان أختي نجحت وعشان قادرة تعملها حاجة".

كانت المرة الأولى التي تفعلها والدة نورهان، في المنطقة المُحيطة لم تكن الأجواء بمثل هذه الكمية التي أعدتها السيدة "الفرحة بتنسي أي تعب"، لا تزال نتيجة الثانوية العامة لها رونقها داخل الشارع الذي تسكن به الفتاة العشرينية حتى وإن بدت بسيطة "إمبارح واحد كان بيوزع شيكولاتة عشان بنته نجحت وأنا معرفوش ولا يعرفني وإداني منها".

منذ الصِغر اعتادت ندى حاتم على الأمر، حين يحّل حدثًا سعيدًا على الأسرة كانت جدتها توزّع حلوى في المنطقة "كانت تقولنا بجبر بخاطر الناس زي ما ربنا بيجبر بخاطرنا"، كالإرث استلهمت باقي الأسرة ما تفعله الجدة، حين نجح حفيدها لم تكن حاضرة للحظة، لكن روحها كانت موجودة "مرات خالي فرّقت بيبسي على العمارة وفي الشارع سواء ناس تعرفها أو متعرفهاش".

كان ذلك عام 2012 حين نجح ابن خال الفتاة العشرينية في اختبارات الثانوية العامة "كنت لسة في إعدادي، بس فاكرة مامته كانت فرحانة إزاي وكانت عاملة فرح"، زغاريد تملأ الشارع المتواجد بمنطقة القلعة "وده معتاد في الحتت الشعبية".

لم يتكرر الأمر مع ندى حين اجتازت اختبارات الثانوية العامة، المنطقة التي تسكن بها تفرض طبيعتها، لكن عادة الجدة لم تغِب عن المنزل "وزعنا فلوس على الناس جبران خاطر زي ما كانت سِتي بتقولنا"، فقط اكتفت الأسرة بتقديم المشروبات الباردة لمن يزورها من المهنئين "وزغاريد على الضيق كدة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان