"عندي 15 سنة وعايزين يجوزوني".. حدوتة مريم على مسرح البرلس
كتبت- شروق غنيم:
تصوير- روجيه أنيس:
مع صباح يوم جديد؛ تُلقي هدير أغا نظرة على البحر الممتد أمام شرفتها في البرلس بمحافظة كفر الشيخ، تنبض جدران المدينة بألوان زاهية في شهر أكتوبر من كل عام بالتزامن مع إقامة ملتقى البرلس للفنون، لكن هذه المرة وقع بصرها على مشهد مختلف؛ مسرح خشبي بسيط، مُغلق الجوانب بملاءات منزلية، فيما تجمع حوله عشرات أطفال المدارس، فما كان منها إلا النزول لاكتشاف الحدث.
تبدّلت ملامح المدينة في الفترة من الأول من أكتوبر حتى 14 أكتوبر هذا العام، إذ أقيمت النسخة السادسة من ملتقى البرلس للرسم على الجدران والمراكب الذي تنظمه مؤسسة دكتور عبدالوهاب عبدالمحسن للفنون، وللسنة الثانية على التوالي تتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي شارك بفعاليات فنية أخرى، واختار ثمة للحدث وهي العنف ضد المرأة.
بإمكانات بسيطة أعّد ثمانية شباب المسرح من فريق الدقهلية؛ صندوق خشبي، أغطية قماشية باهتة وأجهزة صوت، وراء كل قرار سبب للفريق "لازم المسرح يكون قريب من المكان اللي بنقدم فيه"، فيما اختاروا توقيت عرض المسرحية مع انتهاء اليوم الدراسي، فنالوا مرادهم، عشرات الطلاب تجمعوا أمامهم بالزي والحقيبة المدرسية في انتظار العرض.
"اسمي مريم عندي 15 سنة، وعاوزين يجوزوني".. تبدأ المسرحية التي تناقش قضية زواج الأطفال، إذ تأتي محافظة كفر الشيخ الأعلى في نسب زواج القاصرات بحسب المجلس القومي للمرأة هذا العام، تعتمد المسرحية على التفاعل، كما يحكي الدكتور أحمد صلاح، مسئول شبكة تثقيف الأقران، إحدى مبادرات صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر منذ عام 2005 وتوجد في 25 محافظة.
مع انتهاء كل مشهد، يسأل صلاح الحضور عن آرائهم "يا ترى مريم المفروض تقول إيه لأهلها؟" تتعالى صيحات الأطفال، يرفضون ما يجري، يقفز سيف صبحي "أنا عندي 12 سنة ولسة في ساتة ابتدائي، إزاي واحدة قدي ممكن تتجوز"، يتأثر الصغير بالمشاهد، تتبدّل ملامحه من الحماس للحزن، يتعايش مع القصة وكأنها واقعًا "في بنات في العيلة بتتجوز صغيرة كدة".
خلال نصف ساعة، مدة العرض، انقلب حال المكان، أطفال صغار يملأون الساحة أمام المسرحية، فيما سحب من يجلس على المقهى المقابل مقعده للمشاهدة، ورغم بساطة الحكي إلا أنه مّس الجميع، الصغار يتجاوبون مع كل سؤال من مُقدم العرض، وكذلك الكبار.
جسدت يمنى مختار، صاحبة الـ17 عامًا شخصية مريم، مع كل كلمة تقولها على المسرح تمر أمامها تجارب لصديقاتها تزوجن في سن صغيرة "من وأنا في أولى إعدادي وبتعزم على أفراح صحابي"، تحكي ابنة محافظة المنصورة، فيما تشعر بها هدير أغا من البرلس إذ خاضت صديقاتها تجربة مماثلة.
حملت أغا، صاحبة الـ28 ربيعًا، بنتها على كتفها، تشاهد بشغف تتابع أحداث المسرحية، تنفعل حين تحكي البطلة مريم عن والدتها التي لفظت أنفاسها خلال ولادتها لأنها تزوجت صغيرة "عندي صحاب من المدرسة تعبوا ودخلوا مستشفيات بسبب ده"، تُكمل مشاهدة بينما تحرص على متابعة ابنتها هي الأخرى للعرض "هي لسة عندها سنة وشهرين، بس عاوزاها من صغرها يبقى عندها وعي ومتتأثرش بأي تقاليد غلط زي زواج القاصرات".
تابع موضوعات الملف:
في ملتقى البرلس.. حين تحول منزل عائلة لـ"بيت البحر" - صور
"عندي 15 سنة وعايزين يجوزوني".. حدوتة مريم على مسرح البرلس
تاج الألم.. من البرلس رسامة "بنجلاديش" تحمل رسالة لنساء العالم
"مش للرسم وبس".. كيف أثر صندوق الأمم المتحدة للسكان على ملتقى البرلس؟
ملتقى البرلس للفنون.. "ونس" العزبي ورفاقه بعد الخروج على المعاش
فيديو قد يعجبك: