"أوتار مصرية".. حكاية السمسمية من حفر قناة السويس لحرب أكتوبر
كتبت- رنا الجميعي:
كانت السمسمية هي الآلة التي آنست غُربته، خلال فترة دراسته بأمريكا، وحينما عاد لم ينْس عمرو حسين حُبه لها، فقرر صناعة فيلمًا عنها أسماه "أوتار مصرية".
خلال فترة دراسة حسين في مجال إخراج الأفلام التسجيلية كانت الموسيقى الشعبية هي الملاذ الآمن له، سواء كانت السمسمية أو الطبل البلدي أو الربابة وغيرها، فنما داخله اهتمامًا بالموسيقى الشعبية المصرية، لذا قرر أن يصنع عدة أفلام عنها أولها كانت السمسمية في مدن القناة، ورغبة منه في دحض الاتهام القائل "إننا ليس لدينا موسيقى شعبية على غرار الهندية أو الصينية"، يقول حسين لمصراوي، كما لاقت السمسمية هوى في نفسه بالذات "لاحظت أن الفنان الشعبي الذي يكتب تلك الأغاني الموجودة وقت حرب الاستنزاف كان لديه قدر كبير من التفاؤل".
لم يكن حسين أوّل من يصنع فيلمًا عن السمسمية "فيه أفلام مثل النداهة التي أنتجته فرقة الطنبورة في بورسعيد"، لكن مثل تلك الأفلام كانت تتحدث عن تاريخ الآلة نفسها، وهو ما لم يُرد التحدث عنه، حيث جاء الفيلم في مدة 27 دقيقة يتحدث عن الظرف الاجتماعي والسياسي التي كان سبب ظهور السمسمية وازدهارها في فترات تاريخية معينة "هي مدخل للتحدث عن فصل كامل من تاريخ شعبنا ممتد على مدار 150 سنة منذ حفر قناة السويس".
يبدأ الفيلم بالحديث عن ظهور السمسمية مع العمال القادمين من الصعيد لحفر قناة السويس، مستعينًا بعدد من المصادر، ثم ينتقل لفترات تاريخية مهمة في نضال أهل مدن القناة؛ بداية من ثورة 1919 ثم ثورة 1925 ثم العدوان الثلاثي 1956، والمرحلة الأهم في حرب الاستنزاف ثم حرب السادس من أكتوبر.
استغرق حسين شهرًا في تصوير الفيلم، وقبلها لجأ للكاتب الصحفي "محمد الشافعي"، الذي ألف عدد من الكتب عن تاريخ مدن القناة، وبدأ التعاون معًا "وقدم المادة التاريخية والعلمية"، كما ظهر في الفيلم كضيف، وعن طريقه تمكّن حسين التواصل مع فناني السمسمية في الاسماعيلية وبورسعيد والسويس، حيث ظهر الشاعر محمد عبد القادر من بورسعيد، وابن الكابتن غزالي الذي حكى عن سيرة والده في تكوين فرقة أولاد الأرض، واحدة من أشهر الفرق الغنائية المقاومة خلال حرب الاستنزاف، كما ظهر الشاعر كامل عيد من الاسماعيلية، والفنان يحيى موللر الذي كان عازفًا في فرقة الصامدين في الاسماعيلية.
تخلل الفيلم مواد أرشيفية عن العمال في قناة السويس ومشاهد من مظاهرات في مدن القناة، استقى حسين تلك المواد من فيلم وثائقي فرنسي ومن الأرشيف البريطاني، كما احتوت خلفية الفيلم الموسيقية العديد من أغاني السمسمية مثل "ياريس البحرية" وأغاني أخرى، لكن الفيلم احتوى على ثلاثة أغاني مُسجّلة خصيصًا له "واجهتني مشكلة عدم إتاحة الأغاني بجودة عالية"، لذا استعان مخرج الفيلم بفرقة اسماعيلية يقودها موللر.
واختار حسين أغنية من كل مدينة، فمن الإسماعيلية أغنية "على هدير المدافع"، ومن بورسعيد "في بورسعيد الوطنية"، وهي الأغنية التي تحتفل بتأميم قناة السويس، وتسخر من قادة العدوان الثلاثي، ومن السويس أغنية "غني يا سمسمية".
بجانب الفترات الأبرز في تاريخ مصر، إلا أن المصادر بالفيلم ذكرت عدة حوادث غير شهيرة منها أسر ضابط إنجليزي اسمه "مورهاوس"، وتم ذكره لأن هناك أغنية للسمسمية تحتفي بأسره.
لم ينتهِ مشوار حسين عند ذلك، حيث ينتوي إكمال بحثه في بحار الموسيقى المصرية، ومنها مشروع عن الموسيقى الروحية كالصوفية والترانيم القبطية.
فيديو قد يعجبك: