لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بهجة فوق الأنقاض.. كيف يواجه أطفال سوريا الحرب بالفن؟

12:46 م الثلاثاء 02 أبريل 2019

مسرح عرائس وسط الأنقاض في سوريا

كتبت- شروق غنيم:

لا سُلطان للحرب على روح وليد أبو راشد، نفض الحزن عن نفس أطفال ريف إدلب السورية، قرر أن يُدخل البهجة عليهم، يتجول بعبارة "ما أحلى أن نعيش في زمان خير وسلام" المكتوبة على مسرحه الخشبي البسيط، بينما تقبض يديه على دُمى تقص للأطفال حكايات، أراد الشاب السوري أن يحدث ثورة مُبهجة وسط رُكام الأحزان، يرسم الضحكة على وجوه أطفال مدينته "بعد ما أهلكتها بشاعات الحرب، هما برضو ما إلهم ذنب". فكان مسرح الشارع.

منذ ست سنوات ولم تنقطع حكايات أبو راشد للأطفال، تطوع مع فريق الكرفان السحري عام 2013 ، وفي عام 2018 أسس مسرح عرائس خاص "وصار في 6 من رفقاتي بيساعدوني بعروض للأطفال، وعم ندرب على عروض مسرحية للكبار"، فيما اتخذ من الحارات سكنًا لمسرحه، يجوبه ويُلقي بحكايات بسيطة لأهله.

1


في البداية اضطرب الأهالي من فكرة الشاب السوري "كانو خايفين بالأول، بس بعد ماشافوا تفاعل الولاد صاروا يجيبوا ولادهم للبيت لعندي ويطلبوا مني عرض مسرحي"، لقت فكرته نجاحًا في إدلب، كذلك حين قدم عروَا في ريف حماة "صار يطلب مني أعمل مسرحية دايمًا، حتى أما أقلهم ما في نص لسة جاهز، كان الأهالي يقولوا لي في أو ما في بدك تعمل مسرحية" يضحك الشاب السوري، إذ بدا الأمر بالنسبة للأهالي ملاذًا من ويلات الوضع.

يقف أبو راشد في ساحات واسعة لأن مبانيها قد تهدّمت، يستقر مسرحه الخشبي على الحطام، فيما يصبح الطوب المُنكسر أدوات للتثبيت، يرتدي شعرًا مستعارًا زاهي اللون، ويطل على الأطفال من نافذة صغيرة، بينما يداه تمسك بدمى على شكل فأر لتحكي للأطفال حكاية عن الثقة بالنفس والشجاعة.

2

لم يكن الفأر ذي شخصية قوية، يهتّز كلما سخرت حيوانات الغابة منه، منزويًا باتت حالته حتى قرر طلب المساعدة من الأسد ملك الغابة "الأسد بيقلعوا (يطردوا) وما برد عليه"، يزداد الفأر حُزنًا، ويظل مُهملًا حتى يقع الأسد في شباك الصياد "الأسد بطلب المساعدة، بفكر الفأر شلون يساعده، فبيقطع الحبال بسنانو وبيهربوا وبصير الفأر شخص شجاع وواثق من حاله"، يُنهي الشاب السوري حكايته بينما تبدأ وصلة تصفيق من الأطفال.

حكايات بسيطة أراد أبو راشد أن يقصها على الأطفال "عشان يعيشوا سنهم"، لكن للحرب ظلال أيضًا على القصص "شي مرة عملت حكاية عن مخلفات الحرب حتى لا يقربوا عليها ويحموا أنفسهم"، فيما يستعين الشاب السوري ببعض الأطفال في مسرحيته "مشان يحسوا بإنهم جزء أساسي من نجاح المسرح".

3

كل 15 يومًا يكون الأطفال على موعد مع حكاية جديدة، لا يغيب أبو راشد عنهم في الأوقات التي اشتدت فيها حدة قصف الطائرات "عملنا المسرح تحت الأرض، لحتى نقول إننا راح نضحك الأطفال ونفرحهم حتى لو من تحت الأنقاض"، قبل بداية العرض يطغى التوتر على الأجواء، يرتعد الأطفال "بيكون في أصوات انفجارات والعالم بتخاف، بس نبتدي العرض بنخفف نسبة الخوف بالمسرح، صحيح نحنا بأي لحظة ممكن نموت، لكن راح نواجهه بالفرح".

لكن أحيانًا لا تسير الخطط وفق ما يريد الشاب السوري، منذ شهرين توقف تمامًا عن تقديم أي عروض " كانت حملة القصف كتير شرسة، قررنا نوقف عروض لحتى ما نعرّض حدا للخطر، وحتى أما الأطفال كانوا بيطلبوا عروض كنت أقلهم بس يوقف القصف بنعمل عرض جكر بالطيران؛ عندًا في القصف.

4

وقد كان، كثّف أبو راشد العروض في السابع والعشرين والثامن والعشرين من مارس الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح "والناس رجعت من تاني تحضر عروضنا"، حين ظهر للأطفال بمسرحه انمحى آثار آخر شهرين، يرى تفاعلهم مع حكاياته " ولما بخلص عرض وبرجع مرة تانية على المكان بشوفهم عم يلعبوا كأنهم شخصيات ويمثلوا زي ما بعمل في المسرح".

إلى جانب مسرح العرائس يقدم أبو راشد مسرح خيال الظل "بطلب من صديقي رسومات أطفال، بقعد معه أحكيله كيف مواصفات الشخصية وبيرسمها وأنا أفرغها وبعدين بحكيها للأطفال"، يحاول أن يحافظ على الفنون التقليدية السورية، في الوقت الذي أدرجته منظمة اليونسكو في قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل في نوفمبر من العام الماضي.

5

كانت إدلب قِبلة السوريين المُهجرين، وصل عدد النازحين بها قرابة 1.5 مليون نازح، فلجأ الأهالي إلى مسرح الشاب السوري "بعد تهجير المناطق على إدلب صارو الأهالي يطلبوا مني عروض لندمج الثقافة والعادات ويتعرفوا الأطفال على بعض"، وما كان من المسرح إلا أن يُقرب الأطفال من بعضهم "حاليًا الأطفال بيعرفوا بعض وبيعملوا مسرح عرائس مع حالهم بألعابهم".

لا يتوان أبو راشد عن تقديم عروض مسرح العرائس وخيال الظل، يجد فيها الأمل ليعيش الصغار طفولتهم، كما أنها تُجدد البسمة على وجوه الكِبار أيضًا، يقاوم الأنقاض والقصف بمسرحه الخشبي البسيط ودمى لا تملك سوى حكايات تبسط الأطفال وتبعدهم عن أجواء الحرب "لأن الحرب انفرضت علينا، نحنا قمنا ثورة بناء البلد والنظام عملها حرب، ما بدي الأطفال تتشوّه روحها بسبب هيك حرب".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان