بعد انتهاء التصويت في الجيزة.. "طلب إحاطة" من ناخب إلى نائب
كتابة وتصوير-إشراق أحمد:
بعدما أتمت التصويت، أصرت عائشة عبد الهادي أن تصحب ابنتها إلى لجنتها الانتخابية، ما إن علمت السيدة الخمسينية أن لذات الثمانية عشرة عامًا حق الانتخاب، حتى دفعتها للمضي، تتمسك ابنة منطقة بولاق الدكرور بالمشاركة في الانتخابات بشكل لافت، في كل مرة تذهب للإدلاء بصوتها تحمل رغبة واحدة "نفسي اللي يجي يصلح التعليم.. نفسي محدش من عيالي يسيب المدرسة تاني بسبب أني مش قادرة على المصاريف".
تنتهي المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2020، في اليوم الثاني للاقتراع تغلق أبواب 10140 لجنة تردد الناخبون على صناديقها في 14 محافظة، من بينها الجيزة. يبدأ فرز الأصوات، التي هي للمرشحين مقياس لتواجدهم في البرلمان، بينما لبعض المصوتين فرصة لدفع الأمل والرغبة في اهتمام النائبين، لعل ما يرجونه يكون يومًا "طلب إحاطة" خلال فترة تمثيلهم بالبرلمان.
تقيم عائشة في منطقة بولاق الدكرور، التابعة لدائرة الجيزة، غادرت التعليم منذ الصف الثالث الابتدائي، تمنت حينما تزوجت وانجبت ستة أبناء ألا يلاقوا مصيرها، لكنها لم تستطع أن تمنعه عن اثنين منهم "ابني الكبير عنده 23 سنة خرج من المدرسة في أولى ثانوي وبنتي انتصار مكملتش برضه".
المتطلبات المادية اضطرت الأم الأربعينية لإخراج الأبناء من الدراسة كما تقول "مفيش تعليم يوصل للثانوية والجامعة إن ماكنش معاكي فلوس وإيدك في بوق المدرس تديله كل شوية فلوس عشان الدروس مش هتقدري تكملي". تؤمن عائشة أن نائب البرلمان الصالح بإمكانه السعي لإيجاد حل مع المختصين لوقف الدروس الخصوصية لهذا لم تتوان عن الذهاب.
لم يكن باستطاعة عائشة دفع قرابة 400 جنيه شهريًا تكلفة الدروس الخصوصية لابنها، إلا أنها ما توقفت عن المطالبة بحقها "كان المدرسين بيخرجوا العيال ساعة بدري من المدرسة ويدوها للي بياخدوا دروس.. كنت اروح ازعق لهم"، تذكر حينما أخبرت إحدى المعلمات "الساعة اللي بتاخديها دي من حق ابني بتاخدي عليها فلوس من الدولة".
تعي عائشة جيدًا أن عليها المطالبة بحقها، تضع كل شيء في ميزان عقلها "أنا بشتكي من التعليم. ليه أفوت فرصة أني اختار حد كويس يجي يخدم الناس ما أنا لو مانزلتش الناس اللي ماتستاهلش هتاخد الكراسي"، وبهذا المنطق دفعت ابنتها انتصار للإدلاء بصوتها هي الأخرى، كما تفعل لاستكمال الدراسة بالمنزل.
وكما لا ترغب عائشة في شيء سوى التعليم الجيد لأبنائها، كذلك أدلى خالد عبد الحميد بصوته في اللجنة 117 بمنطقة الدقي، متمنيًا أن يجد يومًا في البرلمان جلسة يقدم فيها طلب إحاطة خاص بإصلاح التعليم.
على مدار أعوام لا يغيب المحامي صاحب الواحد والستين ربيعًا عن كافة الاستحقاقات الانتخابية. يفقد عبد الحميد الأمل في قدوم نائب برلماني "يهتم بمصالح الناس"، لكنه في الوقت ذاته لا يتخلى عن إيمانه بواجبه في الاختيار "يهمني أدلي بصوتي للشخص المقتنع بيه".
لا يعقد عبد الحميد آمالاً على الوافدين الجدد إلى البرلمان، فيما ينتظر أشرف أحمد من النائب الذي ينتخبه للمرة الثالثة على التوالي، أن يفي بوعده في المطالبة بإقامة نقطة شرطة بمنطقة تسقط من الحسابات في زمام بولاق الدكرور "حتة بيسموها أرض اللواء الجديدة، لكنها ما بين قسم العجوزة وقسم أرض اللواء لا طايلة دي ولا دي"، يقول الرجل الأربعيني أن التواجد الأمني سيخدم المكان ويجنبه الكثير من المشاكل.
وما بين المطالب العامة، تواجد مَن يحمل صوته همًا شخصيًا، في لجنة كلية التربية للطفولة كانت نعيمة أحمد تنتخب للمرة الأولى، لم تكن تعلم عن التصويت شيئًا سوى وضع علامة أمام المرشح الشهير في منطقة الدقي صاحب رمز المدفع، كل ما يحمله صوت السيدة الستينية أن تجد فيه السبيل لعودة ابنها العالق في ليبيا منذ نحو 6 أعوام "عايزة صوتي يوصل ويشوف لي طريقة ارجع بيها ابني".
يعمل ابن السيدة نعيمة حدادًا في ليبيا قبل أكثر من 7 أعوام، استقر بأبنائه الأربعة وزوجته، لكن سرعان ما انقلب الحال "قالي الميليشيات دخلت عليه وأخدوا كل اللي وراه وقدامه"، بات الابن الأكبر للسيدة رهين الديون "أخدوا الجواز بتاعه ومش راضيين يديهوله غير لما يدفع الفلوس اللي عليه"، وزادت الأمور كما تقول لمرضه بفيروس الكبد الوبائي.
وفدت نعيمة إلى اللجنة رفقة جارتها، فيما جاءت أم سعيد بصحبة ابنتها وأحفادها، بملامح سمحة وكلمات بسيطة، تعبر عن حال الكثير "عايزة البلد تبقى كويسة واللي يجي يبقى ولد حلال يعمل لنا الحاجات اللي أحنا عاوزينها"، لا ترغب السيدة السبعينية في الكثير، وقعت ببصمة الإبهام أثناء التصويت بينما يدور فكرها حول مشكلة المياه في كفر طهرمس التابع لبولاق الدكرور "دايمًا قاطعة وفيها مشاكل". اختارت أم سعيد مرشح "بلدياتها" كما تصف، لعله يومًا "يبص شوية لحال أهل بلده".
فيديو قد يعجبك: