لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"نروح لمين؟".. مأساة مسافري السعودية أمام معامل "الصحة" بسبب "كورونا"

04:17 م الأحد 08 مارس 2020

كتبت- رنا الجميعي:

تصوير- روجيه أنيس:

في الثانية عشر ظهرَا كان الزحام على أشده عند شارع ريحان بوسط القاهرة، الذي يقع فيه الإدارة المركزية للمعامل التابعة لوزارة الصحة والسكان، جاء مئات المصريين لعمل تحليل فيروس كورونا، فقرار السعودية الذي جاء مفاجئَا مساء أمس أفزع جميع المسافرين، ليقفوا منذ الصباح الباكر أمام الأبواب.

أمام البوابة وقف محمد فكري وزملائه مرتدين الجلابية الصعيدي، قدموا للتو من محافظة أسيوط حين علموا بقرار السعودية، ومنذ الصباح الباكر وقفوا منتظرين أية معلومة مؤكدة لكن لم يطمئنهم أحد.

تلك هي المرة الأولى التي يذهب فيها فكري الي السعودية، ليعمل هناك، لكنه لم يقم بحجز تذكرته بعد.

أمام البوابة يقف الرجال محاولين الضغط لكي يتم فتح الأبواب لهم، فيما يقوم بعض الموظفين بالتحدث معهم عبر النوافذ فحسب، وتنأى السيدات بنفسها عن تلك الحشود، بعضهن جئن بمفردهن، وأخريات بصحبة أزواجهم، من بين هؤلاء زينب التي وقفت على الرصيف منتظرة زوجها حتى يأتيه بالخبر اليقين "مفيش حد معبر حد، وواحد يطلع من الشباك يتكلم والباقي ميسمعش قال ايه"، تعبر زينب حانقة على الوضع غير المنظم.

كلمات متضاربة تقال للحشود ويتناقلوها بين بعضهم "وطبعَا مفيش ثقة اتأكد منين ان اللي جمبي ده سمع المعلومة صح"، علمت السيدة بالقرار عبر صفحة القنصلية امس، وشعرت بالخوف لأنها سوف تسافر الأربعاء القادم الي السعودية.

لا تفهم زينب أسباب عدم التنظيم ذلك حتى أنها تقول ساخرة "يعني الزحمة دي مش ممكن تجيب لنا كورونا".

لا أحد يملك معلومة مؤكدة، البعض تعبوا من الوقوف لساعات فافترشوا الارض، وفاضت الشوارع الفرعية بالناس الجالسين على الأرصفة، فيما وقف البعض متمسكين بأسوار المباني المقابلة للادارة المركزية، وآخرون اعتلوا الشجرة أمام بوابة المعامل، وبصعوبة شديدة تعبر السيارات الشارع.

لأكثر من ساعتين ظلت زينب واقفة تنتظر زوجها خالد عبد الحي، الذي أتى يخبرها بمعلومة ابلغه بها الموظفون عبر النوافذ أن الاولوية للمسافرين يوم الاثنين والثلاثاء، وعلى من حجزوا تذاكر السفر يوم الأربعاء القدوم غدًا، لكنه لا يعلم كيفية الدخول إلى المعامل مع وجود ذلك التكدس.

حيرة تمتلأ بها نفوس الجميع، بالاضافة إلى التعب الذي نال من السيدة الفلسطينينة حنان شاكر، حيث قدمت برفقة اختها من المنصورة رأسًا، فقد علما أن إجراء التحاليل من الإدارة المركزية فقط "سألنا في المنصورة عرفنا ان مينفعش التحليل هناك"، ورغم وجود قائمة بعدد من المعامل المركزية داخل القاهرة لكن تم رفضهم ايضًا من قبل أحد المعامل بمصر الجديدة "وعشان كدا جينا على هنا".

تعتاد حنان زيارة أختها كل عام لمدة شهر، وهو ما فعلته هذا العام ايضًا، لكنها تفاجئت بالقرارات الصارمة وما تلاها من الفوضى التي جرت.

أحيانًا يأتي أحد الظباط ليطمئن الناس، فيتحلقون حوله، ضمن تلك الحلقات وقف كريم جمعة الذي سيسافر إلي السعودية يوم ٢٦ القادم "بيقولوا فيه اجتماع جوة وشوية هيعلنوا القرارات من الميكروفون".

يعمل جمعة كمحاسب بالسعودية منذ ٣٥ عامًا، رغم تلك السنوات لم يمر عليه حالة تخبط مثل تلك.

بين الحشود وقفت ايضًا دكتورة بسنت سليمان حائرة، لا تدري أين تذهب، تعمل بسنت كدكتورة صيدلانية بالسعودية منذ ١٢ عام "دلوقتي بيقولوا اللي مسافر التلات هيعمل التحليل ويطلع في ٢٤ ساعة، طيب ما كان من الاول التقسيمة دي تكون موجودة بدل التكدس ده".

احتاطت بسنت بارتداء الكمامة "الكمامة دي أصلا كنت جايباها للطيارة"، وتستغرب لماذا لا توجد أماكن أخرى مجهزة للتحليل، حيث تقول إنه تحليل بسيط "دا الموضوع مسحة بق بياخدوه بس"، ولا يستغرق أكثر من ٢٤ ساعة "مش اربع ايام زي ما بيقولوا".

رغم اشتداد الشمس لكن الناس لازالت موجودة أمام المعامل تنتظر معلومة اكيدة من المسئولين، ووراء شجرة احتمت رحمة وبناتها الثلاث من الحر، مرتدين جميعهم الكمامات، وقد قدموا من نبروه بمحافظة الدقهلية لإجراء التحليل، فيما يمتلأ قلبها بالخوف "انا مسافرة بكرة بالليل ولسة مش عارفة اعمل ايه ولا ادخل ببناتي ازاي في الزحمة ده".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان