عاصر 4 رؤساء برلمان.. حكاية مصور 4 آلاف لقطة لـ"وداع عبدالعال" وفوز جبالي
كتب- عبدالله عويس:
لإيمانه بقيمة الصورة، وثقته بأنها جزء من تاريخ البلاد، ظل أسامة منازع واقفا يترقب. يقبض بيديه على الكاميرا، وعينه لا تخطئ الهدف، حتى وثق بصورتين حال رئيس سابق وحالي لمجلس النواب. يجلس الدكتور علي عبد العال، ليس من وراء ظهره إلا حائط، يرفع يده كما لو كانت إشارة وداع، بعد أن جلس في مقاعد الأعضاء. وعلى النقيض وفي صورة أخرى، يضبط المستشار حنفي جبالي رابطة عنقه، فيما يبسط أمين عام المجلس له يده ليتقدم لمنصة البرلمان، بعد فوزه برئاسة المجلس، وما بين الصورتين، ساعات من العمل الدؤوب التقط خلالها أسامة ما يزيد على أربعة آلاف صورة، كانت هاتان منهم الأكثر أهمية.
من الساعة الثامنة صباحا وحتى العاشرة من مساء أمس الثلاثاء، كان أسامة على موعد مع أول أيام جلسات الفصل التشريعي الثاني، لمجلس النواب المصري، خلال تلك الفترة لم تتوقف عدسته عن التقاط الصور، التي حرص أن تكون بقدر كبير من التميز. عايش الرجل مجالس سابقة ورؤساء سابقون لها، بداية من فتحي سرور انتهاء بحنفي جبالي، ويملك أرشيفا ضخما لتلك الفترة التي عمل فيها مصورا برلمانيا لجريدة الأخبار، إحدى الصحف القومية. بدأ فيها فنيا بمعمل التصوير، ثم صار يصور للجريدة وغيرها، حتى أنه أصبح أصغر مدير تصوير لنحو 14 مجلة عربية في تسعينات القرن الماضي: «كنت مصور الفنان محمد عبده، وأمراء السعودية، وأسرة القذافي، وفي الألفينات دخلت البرلمان المصري كمصور».
كان أسامة ينتظر وصول الدكتور علي عبد العال إلى المجلس، يعرف الرجل أن للصورة التي سيلتقطها أهمية، فهي وإن لم تكن سابقة برلمانية بعودة رئيس المجلس إلى مقاعد الأعضاء، إلا أن ذلك لم يتكرر إلا مع الدكتور صوفي أبو طالب عام 1983 فحسب: «المصور الصحفي مش مجرد حامل كاميرا، لازم يكون عنده رؤية وتفكير، وتوقع باللي هيحصل» يحكي الرجل، الذي انشغل غيره من المصورين بالتقاط صور الأعضاء وهم يتلون اليمين الدستورية، فيما انشغل هو بالرئيس السابق للمجلس، فاختار لنفسه زاوية محددة، وانتظر الصورة التي رسمها في مخيلته مسبقا: «كنت عارف إنها هتكون لقطة النهاردة، ربنا كرمني بكذا صورة بس كنت شايف إن دي أفضلهم».
بحكم عمله في الصحافة، ولعلاقاته المتعددة داخل المجلس، كان أسامة على معرفة بأن عبد العال لن يرشح نفسه لرئاسة المجلس، وربما يغيب عن الجلسة الافتتاحية، ولذلك كان حريصا على تلك الصورة، بمجرد حضوره إلى الجلسة، والتقطت عدساته الصورة قبل أن يؤدي الرئيس الأسبق لمجلس النواب اليمين الدستورية: «حسيت إن في حركته إيده وداع، مع ابتسامة مكسورة، وحتى مكانه في القاعة كان آخر صف وموارهوش غير الحيط». وبعد أن ألقى عبد العال اليمين الدستورية غادر المجلس سريعا، فيما بقي المصور الصحفي لاستكمال عمله: «من 8 الصبح لحد 8 بالليل مكنتش حطيت حاجة في بطني ومش ملاحق على التصوير، وفضلت قاعد لحد 10 ونص بالليل تقريبا».
كانت الساعات تمر، أقسم النواب، ثم بدأت الانتخابات على مقاعد رئيس المجلس ووكيليه، وترشح كل من المستشار حنفي جبالي، مدعوما من حزب مستقبل وطن، والنائب محمد صلاح أبو هميلة، عن حزب الشعب الجمهوري، والنائب المستقل أحمد دراج، والنائب محمد مدينة، عن حزب الوفد، وذلك على منصب رئاسة المجلس. فاز بها جبالي، رئيس المحكمة الدستورية السابق.
كان منازع يعرف أن لجبالي حظوظا كبيرة في الفوز برئاسة المجلس. حين أُعلنت النتيجة، كان المصور يعرف جيدا أين يقف، وأين ستكون عدسة الكاميرا حتى يحظى باللقطة التي ينتظرها وخطط لها في مخيلته طويلا.
«طبعا كنت مصوره قبلها صور عادية، لكنه المرة دي فائز برئاسة المجلس، فحطيت الكاميرا بزاوية معينة تضيف ليه مزيد من العظمة والضخامة، كما لو كان زعيم» يحكي منازع، الذي رأى في الصور الأخرى لرئيس المجلس وهو على المنصة، تقليدية غير مميزة. «قام (جبالي) من على الكرسي بتاعه، وأمين عام المجلس المستشار محمود فوزي، فارد إيده وبيشاور له عشان يروح يطلع المنصة» وكانت تلك اللحظة التي اختارها لتوثيق المشهد. (اعتذر فوزي الأربعاء عن رئاسة الأمانة العامة لمجلس النواب).
لدى منازع أرشيفا كبيرا من الصور الصحفية من داخل المجلس، فقد عاصر ثلاثة رؤساء قبل جبالي. إلى جانب مجموعة أخرى من الصور لمشاهير ومسؤولين، يخطط المصور المخضرم لتقديم عمل لم يحدد ملامحه بعد يجمع فيه أرشيفه: «لأني مش بصور البرلمان بس، عندي أرشيف لصور تانية ناوي في يوم أقدم بيها حاجة مختلفة».
فيديو قد يعجبك: