مدير أول مستشفى للاختلافات الخلقية بمصر: لدينا أكثر من مليون طفل باختلاف خلقي وهذا سبب اختيارنا اسم
حوار-هبة خميس:
قبل أيام قليلة افتتح اللواء "محمد شريف" محافظ الإسكندرية مستشفى "نيل الأمل" المتخصص في جراحات الأطفال للاختلافات الخلقية بالمجان بتكلفة 250 مليون جنيه ليصبح الأول من نوعه في الشرق الأوسط وأفريقيا بأحدث التجهيزات لاستقبال كل الأطفال الذين يعانون من الاختلافات الخلقية منذ الولادة وحتى سن النضج.
بُني المستشفى في الإسكندرية، بالجهود الذاتية لمجموعة من رجال الأعمال لتكون مستشفى أهلية قائمة على التبرعات و مجانية بالكامل.
يتكون المستشفى من 6 طوابق ويضم أكبر عناية مركزة للأطفال تتسع لـ40 طفلًا، ومركزاً للأشعة التشخيصية وآخر للبحث العلمي ومركزاً لطب الأجنة سيكون الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، بخلاف وحدات العمليات الجراحية والعلاج التكاملي والنفسي.
التقي مصراوي بالدكتور "محمد عبد الملاك" استشاري جراحات الأطفال ومدير مستشفى "نيل الأمل"، تحدث الطبيب عن فكرة المستشفى وسر تسميته ومراحل الإنشاء منذ وضع الخطة حتى الانتهاء منه، كما تطرق للحديث عن الحالات التي يهتمون بها وكيف تتم آليات علاج الأطفال.
-في البداية من وجهة نظر طبية من هو طفل الاختلاف الخلقي؟ و هل يندرج أطفال الاحتياجات الخاصة تحت ذلك المسمى؟
طفل الاختلاف الخلقي هو الطفل المولود بمشاكل خلقية سواء كانت مشاكل ظاهرية مرئية للناس أو مشاكل باطنية داخل جسده، مثل عدم اكتمال المريء أو القولون ومشاكل القلب والكلى وكل عضو من أعضاء الجسم.
لذا تغطي المستشفى علاج كل أمراض الاختلافات الخلقية نستثني منها الأورام، بسبب وجود المستشفيات المتخصصة في علاجات الأورام، وفلسفة المستشفى تقوم على تقديم الرعاية الكاملة لأطفال الاختلاف الخلقي من أشعة وتحاليل وجراحات وإقامة حتى العلاج النفسي والتأهيلي.
ويعتبر أطفال الاحتياجات الخاصة من ذوي الهمم وأطفال متلازمة داون أطفال اختلافات خلقية لذا بالطبع تغطي المستشفى علاجهم من جميع الجوانب حتى جوانب التأهيل والتخاطب.
-ما هو عدد ونسبة أطفال الاختلافات الخلقية الذين يشملهم العلاج في المستشفى؟
نسبة أطفال الاختلافات الخلقية من الأطفال العادية نسبة كبيرة جداً، ففي كل 33 طفل يولد في مصر هناك طفل اختلاف خلقي.
وعدد أطفال الاختلافات الخلقية في مصر حوالي مليون و200 ألف طفل يشمل العدد ذوي الهمم ومتلازمة داون ويعتبر ذلك عدد ضخم جداً وبالرغم من ضخامته إلا أنه على مدار سنوات طويلة لم تخصص لهم مستشفى لعلاجهم.
-في رأيك.. ما هو سبب تلك النسب الكبيرة للاختلافات الخلقية لدى الأطفال؟
الاختلاف الخلقي هو خلل في تكوين الجنين ويتسبب في ذلك الخلل عدة عوامل أولها هو تعرض الأم الحامل للإشعاع أو التلوث الكبير مثل السكن في المناطق الصناعية أو تناولها الأدوية بدون استشارة الطبيب.
باقي العوامل وراثية ويسبب زواج الأقارب زيادة في حدوث ذلك الخلل، فنجد بعض العائلات بها أعداد من الأطفال والكبار باختلاف خلقي ولعلاج تلك الحالات يجب علينا توعية العائلات نفسها وعمل خرائط الجينات وأحياناً التدخل الجراحي للأجنة.
بالنسبة لذلك التدخل في الأجنة؛ فخلال مراحل التشغيل القادمة للمستشفى سيكون لدينا مركزاً للتشخيص المبكر للأجنة والتدخل المبكر لعلاجهم، وذلك التخصص ليس موجوداً بشكل واضح حتى الآن في مصر، لكن تمكننا من التواصل وعمل بروتوكولات التعاون مع الكثير من المراكز والمستشفيات بالولايات المتحدة وإنجلترا والسعودية بسبب ندرة ذلك التخصص، وأيضاً للتعاون كي نعرف أكثر عن الحالات النادرة.
-كيف يساعد المستشفى في تحسين جودة حياة طفل الاختلاف الخلقي وما الفارق بين وجوده في مستشفى متخصصة له ومستشفى عادية؟
طفل الاختلاف الخلقي عنده مشاكل في جودة الحياة نفسها، كيف يعيش وكيف يتحرك وكيف يلتحق بالمدرسة، هذا بخلاف حالته الاقتصادية نفسها، فأحد مبادئ مبادرة حياة كريمة هو تحسين جودة الحياة فالأسرة التي لديها طفل اختلاف خلقي لديها استنزاف مادي طوال الوقت، لذا يجب علينا دعمها وليس مواجهة ما يحدث بمفردهم.
قبل وجود "نيل الأمل"، الطفل الذي يعاني اختلافاً خلقياً في أكثر من عضو تتحرك به أسرته في جميع المحافظات، تتدمر الأسرة بأكملها ، لكن في "نيل الأمل" سيجد الطفل الذي يعاني اختلافاً خلقياً العلاج وسيظل هنا بأسرته حتى يشفى وأيضاً تتم متابعة حالته بعد الجراحات بسبب العلاج التكاملي. هدفنا توفير علاج آدمي للأطفال يضمن لهم ولأسرهم الراحة والعناية الجيدة.
-للمستشفى اسماً مميزاً… ما قصته؟
منذ سنوات كنا نقوم بعمل قوافل طبية تابعة لجمعية أصدقاء مرضى جراحات الأطفال وجامعة الإسكندرية لتنزانيا حتى عام 2020، في تلك القوافل كنا نقوم بعمل جراحات الأطفال لأن الوضع هناك متأخراَ، وعاماً بعد عام أدركنا أننا المركز في الإسكندرية وتخرج منا الفروع لأفريقيا، فأسمينا القوافل "نيل الأمل" كأنه نهر النيل لكن بشكل مختلف، وبعد سنوات قبلت جامعة الإسكندرية 22 طبيبًا من تنزانيا للدراسة فيها في منح لجميع التخصصات، لأن التعليم أقوى وسيلة للنهوض بالمجتمعات فذلك العدد من الأطباء سيعود إلى بلاده ليعلم آخرين.
-كان المستشفى مصنعًا للحلويات قبل إنشائه.. كيف حدث ذلك التحول؟
قصة إنشاء المستشفى ترجع لعام 2014، في تلك السنوات كنت وضعت مع دكتور "صابر وهيب" رئيس مجلس إدارة المستشفى خطة تطوير قسم جراحة الأطفال في مستشفى الشاطبي، كان هناك 7 حضانات عناية فقط للأطفال، بالطبع كان هناك تكدساً كبيراً.
وضع دكتور "وهيب" الخطة لتطوير قسم جراحات الأطفال بالكامل ووقتها لم يكن لدينا متبرعين، بالصدفة هناك رجل أعمال تواصل معنا لعمل جراحة لطفلة قريبه بشكل عاجل لكن حالة الطفلة كانت متأخرة وتوفيت بعدها بثلاثة شهور، سألني رجل الأعمال وقتها ماذا لو كنا لا نملك المال لعلاجها ؟.. حكيت له عن خطة تطوير القسم و بالفعل ساهم معنا وأيضاً توصل لمتبرعين وفي عام 2016 قمنا بتطوير القسم لتصبح سعة العناية المركزة 30 مريضًا وحضانات.
بعد وقت أدركنا أننا لازلنا في حاجة لباقي التخصصات للأطفال، ومن خلال جمعية أصدقاء مرضى جراحات الأطفال خرجت للمدارس للتوعية في مشروع يدعى "إيد على إيد نعلم" فوجئت بالوضع المزري لأطفال الاختلافات الخلقية؛ كان هناك طفل في المدرسة لا يستطيع التحكم في البراز فوضعته المُعلمة آخر الفصل على ورق الجرائد وتمسح حوله بالمطهرات، حينما رأيته فكرت كيف سيعيش ذلك الطفل بهذا القدر من الإهانة؟
تحدثت مع المتبرعين ليقرر رجل الأعمال الأول أنه سينقل مصنعه للحلوى وسيتنازل لنا عن المبنى لنقوم بإنشاء المستشفى.
-ما هي خطوات إنشاء المستشفى بداية من وضع الخطة حتى مراحل التشغيل؟
من 2017 بدأنا التخطيط بدأ رجال الأعمال في عمل مجلس الأمناء لضخ التبرعات للمستشفى وتم تشكيل مجلس الإدارة وبمساعدة 7 مكاتب استشارية هندسية بدأت تكتمل مراحل تأسيس المستشفى.
لكن بعد افتتاحه قررنا أن تكون تلك البذرة لمستشفى أخرى أكبر إلى أن يجد كل مريض اختلاف خلقي المكان الذي يتلقى فيه العلاج بآدمية.
-كيف تتم خطوات معالجة المريض بالمستشفى بداية من توجه الأسرة له؟
هناك نوعان من مرضى الاختلافات الخلقية؛ الأول هو الرضيع المولود حديثاً، تأتي الأسرة بالتقرير عن الطفل فنتواصل مع الحضانة الموجود بها الطفل لنقله وحينما يتم نقله نبدأ في عقد اجتماع أطباء في مختلف التخصصات لعلاج الطفل، وبعد الجراحات يخرج الطفل لكن نتابعه في العيادات الخارجية باستمرار.
النوع الثاني هو الطفل الأكبر سناً وهو طفل مولود باختلاف خلقي وخضع بالفعل لجراحات ويريد استكمال علاجه فيكمل علاجه والجراحات في المستشفى.
-افتتح المستشفى منذ أسبوعين تقريباً، كم عدد الحالات التي توافدت عليكم حتى الآن للعلاج؟
حتى الآن قمنا بعمل أكثر من 56 جراحة للأطفال، وتم الكشف على أكثر من 250 طفل في العيادات الخارجية.
ذلك العدد ضخم لأننا حتى الآن لم نكمل مراحل تشغيل المستشفى لكن كان هناك تعطشاً لوجود المستشفى لذلك يخبر الناس بعضهما البعض فنجد أن هناك مرضى يأتون إلينا من الصعيد ومن معظم المحافظات لتلقي العلاج.
-هناك مركز بحثي في المستشفى وآخر للتدريب تابع لشركة سيمنز.. ما هدف وجود تلك المراكز في المستشفى؟
قبل إنشاء المستشفى ذهبنا لمستشفى 57357 كي نرى آليات العمل هناك ومن ضمن ما وجدناه كان مركزًا تدريب الفنيين، فقررنا عمل المركز لتخريج عدد من الفنيين قادرين على عمل فيلم أشعة دقيق، والآخر لتدريب الأطباء والتمريض للتعامل مع طفل الاختلاف الخلقي بشكل مناسب.
فيديو قد يعجبك: