"رحلة تساؤل".. مبادرة لتعليم الأطفال مهارات البحث والابتكار
-
عرض 2 صورة
-
عرض 2 صورة
كتبت- مروة محي الدين:
منذ عام مضى رأت حنين جمال إعلان عن مبادرة "رحلة تساؤل"، التي أطلقها برنامج "اديوكويست" التعليمي، لتعليم الأطفال كيفية البحث والتساؤل حول ما يشغل تفكيرهم، بدا الإعلان جذابًا لها "بيدور حوالين إن أنا بسأل 3 أسئلة وبعمل عليهم بحث، وكان بيتكلم إنها رحلة، كنت عايزة أجرب لأنها حاجة جديدة"، لذا شعرت بالحماس تجاهه خاصة أنه يخاطب الأطفال في سنها، وعلى الفور انضمت إلى المبادرة.
قالت نورهان جمال، المدير التنفيذي لمبادرة رحلة تساؤل ومدير مشروعات "اديوكويست"، إن المبادرة انطلقت في بداية انتشار كورونا "بعد قرار وزير التعليم لاستبدال الامتحانات بتطبيق الأبحاث على طلاب المدارس خلال العام الماضي"، مضيفة إنها مجانية عبر الإنترنت، وتهدف إلى تعليم الأطفال مهارات البحث والتساؤل والاستكشاف لدى الأطفال، عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة التي تدور داخل عقولهم وتثير فضولهم خلال جلسات المبادرة.
وكان الدكتور طارق شوقي أعلن في رسالة مُصورة العام الماضي عن جدول المشروعات البحثية لطلاب سنوات النقل من الصف الثالث الابتدائي إلى الصف الثالث الإعدادي.
مؤكدًا شوقي اعتماد هذا النهج خلال السنوات القادمة وعدم اقتصاره على أزمة جائحة كورونا، لأنه يساعد الطلاب على تعلم مهارات جديدة منها البحث والابتكار.
ذكرت المدير التنفيذي للمبادرة أن أحد أهم أسباب إطلاق المبادرة "اكتشفنا إن الأولاد مبيعرفوش يعملوا أبحاث، معندهمش أدوات البحث، مبيعرفوش يطلعوا معلومات، ومعندهمش القدرة إنهم يعملوا إعادة صياغة للمعلومات اللي طلعوها في صورة بحث علمي"، موضحة أن هذا ما جعلهم يفكرون في تدريب الأطفال على مهارات التعلم عن طريق التساؤل من خلال المبادرة.
يمكن للأطفال من سن 9 حتى 17 سنة التقديم بالمبادرة، فقط يقومون بإدخال بياناتهم على الموقع الخاص، إذ يكتب الطفل 4 أسئلة داخل استمارة التسجيل، هذه الأسئلة تعبر عن اهتماماته، وتحدد ما الذي يرغب في معرفته عن الحياة، ومن ثم يستقبلها المُيسرين خلال جلسات المبادرة، ويختار مع الطفل سؤال واحد يُدرب عليه، لإنتاج قصة خلال فترة التدريب، حسب توضيح نورهان جمال، مدير مشروعات برنامج "اديوكويست" لموقع مصراوي.
وتضيف أن الأسئلة تتيح للطفل البحث عن المعلومات المرتبطة بسؤاله، وذلك كان سببا في تسمية المبادرة "رحلة تساؤل"، ويُوثقها في شكل قصة تُقيّم في نهاية التدريب دون تدخل من مؤسسي المبادرة، لكن بتوجيه منهم في شكل القصة وعدد الكلمات التي تحتوي عليها.
هذا ما دفع الطفلة حنين ذات الـ 14 عامًا إلى المشاركة بالمبادرة، حيث تطرح أسئلتها التي لطالما شغلتها ودارت حول "ليه 9 شهور اللي بنبقى في بطن أمنا مبيتحسبوش من عُمرنا بما إنها مرحلة تكوين زيها زي لما بنكبر"، وكان السؤال الثاني " ليه منكتشفش العالم كله، ممكن تبقى في حتة في العالم فيها حضارة إحنا لسة مشوفناهاش، بيتكلموا لغة مختلفة، ناس إحنا منعرفهمش خالص".
700 طفل من مختلف المحافظات والمدراس بأنواعها الحكومية أو الخاصة أو اللغات، أقبلوا على التقديم بعد ثلاثة أيام من نشر الإعلان الخاص بالمبادرة، بدهشة تصف نورهان "مكناش نتخيل الرقم كبير، لقينا في تعطش للنوع ده من المبادرات"، قوبل منهم 270 طفل في أول موسم من إطلاقها "لأننا كنا محتاجين مع كل ميسر 6 اطفال بس"، خلال فترة التدريب والتي مدتها شهر وأسبوع.
وكانت من ضمن المقبولين بالمبادرة الطفلة حنين بعدما أجرت مقابلة على برنامج "زوم"، فرحة عارمة شعرت بها حنين عندما تواصلت معها المُيسرة وأبلغتها بقبولها ضمن أحد فرق المبادرة. توضح نورهان أن "المُيسرين يعني مدرسين ماشيين بمفهوم التيسير، بنساعد الطفل يتعلم مش بنعلم الطفل مش مُعلمين للطفل".
لذلك قبل الإعلان عن المبادرة حرص مؤسسيها على إعداد المُيسرين جيدًا، حيث خصصوا لهم عددًا من الاستشاريين النفسيين، لتمكينهم من أن يكونوا متفائلين ولتلقي أسئلة الأطفال بترحاب خلال الجلسات، كما تم تدريبهم على استخدام برامج الانترنت، استغرق التدريب ثلاثة أسابيع، وهذه كانت إحدى أهداف المبادرة.
تذكر نورهان جمال إن دور المُيسرين يكمن في كيفية تدريب الأطفال على الأسئلة التي يطرحونها عليهم عبر "ازاي يفككوها ويطلعوا منها كلمات يقدروا يبحثوا عن الكلمات دي، وازاي يحولوا الأسئلة دي لأسئلة صحيحة مفهومة، بدل ما تكون متى اخترع الطائرة دي أسئلة الامتحانات القديمة، فكانوا بيحولوا الأسئلة دي لكيف تم اختراع الطائرة، هنسأل حوالين الجاذبية لأن دا مهم في اختراع الطائرة وحوالين الفكرة جت لصانع الطائرة ازاي، ليه احتاجنا الطائرة، ماذا لو لم تكن موجودة الطائرة، خلينا الأولاد يشوفوا الموضوع من زوايا مختلفة متعددة، كل واحد بيشتغل على سؤاله المهتم بيه ويفككوا ويطلع منه كلمات والمصادر عندنا بتاعة البحث مهمة جدا عشان يدربوا إنهم يبحثوا في أكتر من مصدر عشان يقدروا يفرقوا بين الحقيقي وبين الرأي والنظرية".
سارت الجلسة الأولى كما روت حنين بهذا الأسلوب "المُيسرة سألتنا إزاي السؤال ده جه في دماغك، وليه بالذات السؤال ده، جربت تبحث عنه ولا لسة، بدأت تخلينا نطلع حاجة اسمها شبكة معلومات، كنا بنمسك السؤال نفرعه لحاجات كتير جدا، السؤال يطلع منه أسئلة كتير"، وبذلك تقودهم إلى معرفة إجاباتهم عن السؤال الذي طرحوه في البداية.
ونظرًا لاهتمامهم بأن يعرف الطفل كيف يبحث ويصل إلى مصادر في بحثه، كانوا يسهلون عملية التواصل بين الأطفال والمصادر الخاصة بموضوعات بحثهم، إذ يجعلونهم يتواصلون مع مختصين في موضوعاتهم، تقول حنين "كان في مُعلم دراسات سألته، وكان معايا مواقع كتيرة من جوجل".
فضلًا عن توجيههم للبحث على الانترنت للحصول على المعلومات التي يريدونها للموضوع، غير قيامهم بعمل زيارات ميدانية ممتعة مع والديهم، وتدوينهم لكل الأشياء التي يرونها خلال الزيارة، توضح نورهان الفكرة "يعني الأولاد اللي كتبوا عن الأهرامات راحوا شافوا الأهرامات، بنوجههم لدا ويكتبوا كل دا في قصة حكاية إنهم يشوفوا عملية التعلم بنظرتهم هم خلال الشهر بيحكوا الحكايات دي".
حظت المبادرة بردود فعل إيجابية من قبل الكثير من أُسر الأطفال، على الرغم من "في الأول مكانوش فاهمين إحنا بنعمل إيه، بعدين بدأو يشجعوا أولادهم وكانوا بيرجعولنا يقولولنا الولد مهتم مثلًا بالفضاء، وديناه متحف عشان يشوف، وفي أهالي كانت بتجيب جوايز لأولادهم" حسبما سردت نورهان، وأكدت حنين استجابات أسرتها للفكرة "ماما كانت بتشوف إنها حاجة مفيدة ملت وقتي، وإخواتي كنت بستعين بيهم وبسألهم كتير"، كما خصصت بعض الأُسر مواعيد لزيارات لأماكن مختلفة.
وبعض أولياء الأمور طالبوا بمد فترة التدريب، مُعبرين عن استفادة أبنائهم من المبادرة، فكانوا يحضرون 4 جلسات أسبوعيًا لكل جلسة ساعتين طوال شهر التدريب، غير التواصل مع المُيسرة عبر الواتساب، بذلك اعتبر فريق اديوكويست أن أهدافهم قد تحققت في توصيل رسالتهم وتغيير فكرة أولياء الأمور عن النظام التعليمي المتعارف عليه.
وأهم إنجاز كان استفادة حنين من المبادرة "كانت طريقة مختلفة نعرف بيها أسألتنا بدل جوجل بيدينا مواقع كتير وكانت الاجابة مشتتة"، لما بجيب سؤال مبقتش بدور على السؤال نفسه بس، بقيت بسأل نفسي أسئلة كتير جدا عن السؤال ده، وغصب عني بتبقى الأسئلة معروفة وبقيت بقدر أجيب إجابة السؤال، فكرة إن إجابة السؤال تيجي في دماغي من غير ما أدخل على موقع وفهمت السؤال"، لذا بلهفة انتظرت حنين الموسم الثاني من المبادرة وشاركت فيه مرة أخرى.
أشادت نورهان جمال بجهود لجنة حُكام وأُدباء الأطفال لتطوعهم ومشاركتهم في تقييم القصص التي أنجزها الأطفال خلال رحلة تعلمهم والتدريب بالمبادرة، فضلًا عن جهودهم في نشر مجموعة من القصص التي أُنتجت من قبل الأطفال تم تجميعها في كتاب "رحلة تفاؤل"، ومجموعة أخرى على الموقع الخاص بالمبادرة.
أثنت المدير التنفيذي للمبادرة جهود الجهات التي تولت الاهتمام بالمبادرة وهما نهضة مصر ودار عالية للنشر والكتابة للطفل، لتضامنهم مع فكرة المبادرة ومنح الأطفال كُتب مجانية لتحمس الأطفال، وتعزز مهارة القراءة لديهم.
في الوقت التي تود طفلة الصف الأول الإعدادي المواظبة على إطلاق مثل هذه المبادرات، متمنية انتهاء فترة كورونا لإقامة رحلات تجمعها مع فريقها الملازم لها طوال فترة التدريب عبر "زوم"، تستعد "اديوكويست" لمبادرات جديدة.
فيديو قد يعجبك: