حكاية قرار إزالة 18 عقارًا في ترسا بسبب "متر ونصف".. والأهالي يستغيثون بالرئيس
كتب- محمود عبدالرحمن:
منتصف يناير الماضي، تفاجأ ياسر عبدالوهاب ببواب العقار الذي يقيم بطابقه الرابع، بشارع ترسا بالجيزة، يخبره بأن لجنة معاينة من حي الطالبية جاءت إلى البرج وأدرجته ضمن 27 عقارا بالشارع تمهيدًا للإزالة لمخالفتها شروط التنظيم، وعليه كأحد قاطني هذه العقارات الذهاب إلى مقر الحي؛ لإنهاء إجراءات تسليم الوحدات وتسلم التعويض قبل البدء في عملية الهدم.
شارع ترسا الموازي لشارع الهرم يشهد عملية تطوير لتحويله لمحور مروري بديل لشارع الهرم، الذي سيتم إغلاق قطاعات منه لسنوات خلال الفترة المقبلة، بسبب الأعمال الإنشائية للخط الرابع لمترو الأنفاق، وتعود عملية تطويره إلى منتصف العام الماضي، حينما هدمت المحافظة 162عقارًا، يعود إنشاؤها إلى ثمانينيات القرن الماضي؛ لتوسعة الشارع، وخيرت أصحابها بين التعويضات المادية أو تسلم شقق سكنية بديلة.
وبحسب القرار ستتم إزالة 18 عقارًا من بين الـ27 لإضافة متر ونصف للشارع؛ ليصبح عرضه 40 مترًا.
الخبر الصادم بحسب وصف ياسر، دفعه للذهاب إلى مقر الحى، لفهم ومعرفة طبيعة هذا الإدراج، خاصة أن الشارع تمت توسعته ورصفه مجددًا بعد إزالة عدد من الأبراج؛ ليؤكد له موظف الاستقبال المسؤول بالحي أن إزالة هذه العقارات تأتي تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء، رقم 2651 لسنة 2020 بشأن نزع ملكية العقارات المتعارضة مع مشروع محور محمد أنور السادات "ترسا سابقا"، وبهدف استكمال أعمال التوسعات التي تنفذها المحافظة، وتتم وفقا لدراسة متكاملة؛ ليكون عرض الشارع المخطط تحويله إلى محور مروي 40 مترًا؛ ليَسَعَ الكثافات المرورية التي يشهدها حاليًّا شارع الهرم.
قبل عامين، اشترى ياسر شقته بشارع ترسا؛ ليكون عش الزوجية بنفس العقار الذي تقيم فيه أسرة زوجته. يرى صاحب الـ32 عاما أن عملية التطوير التي شهدها الشارع منذ إقامته بالشقة، والتي شملت توسعات وأعمال رصف؛ جعلت الشارع أفضل، وأسهمت في تطوير المنطقة، وهو ما استقبله بالترحاب، وهون عليه المبلغ الذي استدان جزءًا منه من أجل استكمال ثمن الشقة، وما زال يسدد فيه، "عليا ديون غير مصاريف الزواج وبعدين الشقة تتهد؟!".
مخطط تطوير الشارع 40 مترًا، لكن مساحته الحالية بعد التوسعات التي تمت حتى الآن تتجاوز 38 مترًا أمام العقار الذي يقيم فيه ياسر، "يعني علشان أقل من مترين البرج يتزال رغم إنه مرخص ومفيش أي مخالفات في عملية البناء".
"حرام بعد العمر ده كله يبهدلونا من مكان للتاني"، تقول السيدة السبعينية بهجة محمد، التي تقيم بشقتها بشارع ترسا منذ 35 عامًا، عندما غادرت منزلها القديم بمنطقة شبرا الخيمة؛ لتكون قريبة من عملها آنذاك بأحد البنوك الحكومية، وكانت وقتها المنطقة تعاني من نقص شديد بالخدمات، "حتى سوبر ماركت مفيش"، وبعد سنوات من المعاناة شهدت فيها المنطقة تطويرًا في كل شيء، يطلب منها ترك المنطقة كلها رغم أن العقار مرخص، ولا يوجد به أي مخلفات.
إقامتنا في المنطقة هنا ليست مرتبطة بالشقة، يقول أحمد عبدالعال، أحد المتضررين الذي يقيم بالمنطقة منذ 15 عامًا، اعتاد خلالها على تنظيم حياته داخل المنطقة "أولادي في مدارس قريبة من السكن"؛ لذا يرى أنه من الصعب التخلي عن شقته والإقامة في الشقق البديلة بالحي الـ11 بمنطقة السادس من أكتوبر التي اقترحتها المحافظة على السكان، "طلعونا من الشقق بس وفروا لنا شقق في أماكن قريبة من مدارس ولادنا وشغلنا".
"فلوس التعويضات متشتريش أي حاجة"، يقول مجدي متولي، مهندس زراعي بالمعاش، موضحًا أن التعويض الذي وضعته محافظة الجيزة للسكان أقل بكثير من سعر الشقق الحالية التي يتراوح سعرها بين 500 و750 ألفا، "أنا ساكن في شقة 200 متر بس 3 غرف"، والمحافظة وضعت 40 ألف جنيه تعويضا على كل غرفة أي 160 ألفا للشقة بغض النظر عن مساحة الشقة "يعني الشقة اللي 100 متر زي الـ200 متر، موضحًا أن مساحة الشقق البديلة صغيرة ولا تتجاوز 90 مترًا، بخلاف بعدها عن القاهرة والجيزة، يقول صاحب 67 عامًا "مين اللي هيروح أكتوبر في السن ده"، معتبرًا أن ما يتعرض له ظلم، ويهدر "شقا عمره".
الأسبوع الماضي، اجتمع رئيس حي الطالبية الدكتور أشرف تامر بممثلين عن السكان- وعددهم 422 أسرة، وفق ياسر محمد، أحد السكان- يقيمون بـ27 عقارًا مطلوبًا هدمها، وطلب منهم شطر المتر ونصف المتر من 18 عقارًا من بين العقارات المطلوب إزالتها على نفقة الأهالي، وبمعرفتهم دون أي مسؤولية على المحافظة، لكي يكون عرض الشارع أمام هذه الأبراج 40 مترًا، في هذه الحالة لن تتم إزالتها، وهو ما رفض عدد من مسؤولي حي الطالبية ومحافظة الجيزة، الذين تواصل معهم "مصراوي" للرد أو التعليق على ما يقوله الأهالي.
بينما العقارات الـ9 الأخرى غير المتتالية، المتبقية من الـ27 الصادر لها قرار الإزالة، يتراوح عرض الشارع فيها بين 35 و38 مترًا سيكون مصيرها الإزالة حتى يكون عرض الشارع 40 مترًا في النهاية، وهو ما رفضه الأهالي الذين توجهوا بالاستغاثة إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان على أمل حل مشكلتهم.
فيديو قد يعجبك: