إعلان

قصة صاحب الـ73 عاما مع الراديو: التوقف عن سماعه كأنه مرض الزهايمر

10:46 م الخميس 06 مايو 2021

راديو

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

ما يزال يتذكر محمود محمد أيام الشباب، منذ 50 عاما مضت، عندما كان الراديو رفيقه الأول، يمسكه في يده بسلسلة ويسير به في الشارع، قرآنه وأغنياته التي تصدح مصدر سعادته، وأداته للتعبير عن الحب وطلب الزواج ممن يحب.

لم يكن الراديو عابرا في حياة محمد، بل شاهدا عليها بالكامل ومكملها، رفيق الطفولة والشباب والشيخوخة، الشاهد على العمر وتحولاته، ولا أنسب من شهر رمضان لأقص عليك الحكاية، فعلاقة ابن القاهرة مع الراديو لها خصوصية أكبر في الصيام.

ورث محمد حب الراديو عن أبيه، وكان يملك واحدا، إن رأيته الآن عدته من التراث، بينما هو الآن تائه بين الكراكيب، بعد أن احتفظ به أخيه الأكبر لسنوات طويلة، لكن ما يزال له مكانة خاصة في قلب صاحب الـ73 عاما، من صوته تفتح وعيه على العالم، فيما امتلك أول واحد كهدية من صديق، اشتراه له من ألمانيا في الستينات، ومن وقتها لم يغادر سماع الراديو ليوم واحد، بات ذاكرة العمر والذكريات، كأن التوقف عن سماعه هو مرض الزهايمر.

تلك الذاكرة، والتي إن عادت بك إلى الشباب، حتما فإنها تعيدك إلى الحب، إلى تلك الفتاة التي خطفتك، لتستكمل إلى جانبها كل العمر، وما العمر إلا أغنية طويلة، لم يستلذها محمد إلا من سماعة راديو، تبدل قالبها بتقدم السنين وتسارع التكنولوجيا، حمل الشيخ واحد على شكل كرة، امتلك واحدا تشغله البطاريات، وآخر يعمل بالأسطوانات، لكن بقي صوت القرآن والحب نفسه دون تبديل، ساعة وساعة.

أما عن الحرب، فويلات وويلات. ما يزال يتذكر محمد سنوات الحرب مع إسرائيل، يتذكر صوتها بوضوح لم يخفت أبدا، كان الراديو مصدره لما يدور على أرض سيناء، تابع الرجل السبعيني مسار الحرب لحظة بلحظة، كان تردد الإذاعة حاضرا في كل ركن من بيت العائلة، سمع دوي الهزيمة مع نكسة 5 يونيو 1967، وأهازيج النصر في الـ6 من أكتوبر 1973، اختبأ مع صوته وقت أن غارت طائرات العدو، وخرج إلى الشوارع حامله وقت أن حلّ السلام.

كأن بثها ما يزال مباشرا إلى اللحظة، يعيد محمد أسماء برامج وشخصيات، هي أكثر ما ربطته بالراديو على مدار سنين العمر: "كلمتين وبس مع فؤاد المهندس، أبلة فضيلة، بريد الإسلام، قراءات نادرة، أم كلثوم، الشعراوي، عبدالباسط عبدالصمد".

يوميا، يستلقي محمد على سريره، في حوالي الحادية عشر مساء، ليكون على موعد مع إذاعة القرآن الكريم، عبر راديو حديث نسبيا، اشتراه ابنه له قبل حوالي 5 سنوات، حتى يغلبه النوم، فينام هانئا، مستيقظا على صوت القرآن، لتناول وجبة السحور وصلاة الفجر، قبل العودة إلى القرآن والنوم حتى صباح جديد، يستعين فيه الرجل بالراديو للاستماع إلى الابتهالات والقرآن حتى آذان المغرب، قبل تناول الإفطار وصلاة التراويح ثم العودة إلى برامجه الرمضانية، حتى النوم.

رغم مرور السنين، والتقدم التكنولوجي، ظهور التليفزيون والكومبيوتر، ما يزال يتمسك محمد بسماع الراديو، صاحب الـ73 يرى أنه "مزاج تاني خالص"، هو في مخيلته "صوت الأيام الحلوة بتاعت زمان".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان