سائق ومزارع وفرد أمن… الإذاعة "ونس" العاملين في شهر رمضان
كتبت- دعاء الفولي:
يتذكر محمد محمود صوت الإذاعة إذ يسري في الحقل حيث يعمل والده في جمع القمح. تعوّد الشاب على رفقة الراديو منذ كان صغيرا، صاحبته الإذاعات المختلفة مع والده طوال عملهما في الزراعة، بينما كان وجود الراديو في رمضان أمرا يقربهما من نفحات الشهر المعظم.
في عزبة سعودي بمحافظة الفيوم، يعيش محمود صاحب الـ33 عاما. لم يدخل التليفزيون قريته حتى عام 2003 "وبسبب دا ارتبطت أكتر بالراديو.. كان رمضان بالنسبة لنا هو المسلسلات اللي بنسمعها أو إذاعة القرآن الكريم وصوت العرب"، لم يتخلَ الشاب عن عادته حتى بعدما دخل التليفزيون القرية "وحتى لما بقى عندي إنترنت فضلت الإذاعة هي الأقرب ليا".
في رمضان، يعمل محمود بالأرض عقب الإفطار وحتى السحور "وساعات قبل الفطار الصبح بدري"، في جميع الأحوال يُشغل الراديو متنقلا بين أكثر من إذاعة "قبل الفطار بشوية بشغل القرآن الكريم عشان صوت محمد رفعت"، فيما يسأل أصدقاءه عن مواعيد المباريات المختلفة ليتابعها عبر إذاعة الشباب والرياضة "وبحب أسمع التحليل بتاعهم.. ولو قدامي تليفزيون ممكن مشوفش الماتش بس أسمعه على الراديو"، كما يقول.
في منطقة الشيخ زايد بالجيزة، يعمل محمد جمال فرد أمن، يغيب صاحب الـ23 عاما عن عائلته القاطنة بمركز ملوي بالمنيا طوال شهر رمضان لظروف العمل "لكن بيعوضني لمة زمايلي اللي شغالين معايا في المنطقة والإذاعة اللي بنشغلها وقت الفطار وبعد الفطار". بين مجموعة من الرفقاء يقضي الشاب الصعيدي وقته "ساعات نقعد نهزر ونتخانق مع بعض على الإذاعات وساعات اللي تلقط معانا من غير تشويش بنجيبها".
بالنسبة لجمال، فالأناشيد الدينية قبيل الفجر تبث فيه أجواء رمضان "خاصة بصوت النقشبندي"، فيما ينتظر يوميا ليستمع لصوت أم كلثوم عبر إذاعة الأغاني في الحادية عشر مساءً "ولو فيه فرصة ساعات بشغل إذاعة شعبي إف إم نروق على نفسنا شوية"، يقولها ضاحكا، فيما يحكي الحيلة الأساسية لإبقاء صوت المذياع نقي "بنجيب ورقة صغيرة ونحطها في فتحة السماعة في الموبايل مع السماعة فالصوت بيبقى كويس جدا".
نقاء الصوت، تلك الأمنية الوحيدة التي تلازم ناصر إسماعيل طوال طريق سفره من مصر للسودان. فالخمسيني الذي يعمل سائقا للنقل الثقيل ونقل البضائع، ينظر لمحطات الإذاعة كما الكنز "من غيرها ممكن أتجنن.. لأني بفضل على الطريق شهر وأكتر وساعات مبيبقاش معايا مساعد في العربية"، في شهر رمضان تتضاعف وحدة إسماعيل "بقضيه بعيد عن ولادي وبيتي بس لو حظي حلو بقدر أوفق مع زمايل تانيين ونتقابل في الطريق ونفطر سوا".
حينها، تصبح الإذاعة هي التلفاز بالنسبة لهم، يجتمعون حول الطعام ومن خلفهم صوت المذياع "دي بتبقى من أحلى الأوقات عشان بنحس إننا رجعنا بيوتنا تاني ويا سلام لو الراديو مفهوش تشويش"، بات إسماعيل بحكم خبرته يعرف أماكن بعينها تكون فيها الإشارة في أقوى حالاتها، كان أحيانا يُبطئ سيره أو يسرّع وتيرته ليتناول الإفطار فيها أو السحور.
لا يتوقف الأمر عند ذلك "أنا برضو بشوف الأماكن اللي شبكة الراديو فيها كويسة عشان أركن وانام فيها"، إذ لا رفيق له في وحشة السفر سوى موجات الراديو.
يعمل إسماعيل بتلك المهنة منذ 30 عاما "سمعت إذاعات ياما.. بس متعلق بإذاعة صوت الدلتا وإذاعة الأغاني والقرآن الكريم والشرق الأوسط"، يجد في تلك الإذاعات وجبة دسمة "بين الأخبار والقرآن والغنا والحكايات والمسلسلات والبرامج"، ولا يتخلى عن حُبه لكرة القدم، إذ يتابع أهم الأخبار الرياضية عبر المذياع أيضا.
فيديو قد يعجبك: