كيف تضغط المدينة على الوحيدين واليتامى ؟.. لمحات من الرواية الفائزة بالبوكر العربية
كتبت-هبة خميس
منذ أيام فازت رواية "دفاتر الوراق" لكاتبها الأردني جلال برجس بجائزة البوكر العربية لعام 2021، والرواية الصادرة عام 2019 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر أشبه برواية بوليسية بلغة فنية و شاعرية.
البطل في الرواية هو "إبراهيم الوراق" صاحب كشك لبيع الكتب بوسط البلد في مدينة عمان، إبراهيم هو أحد أبناء الطبقة الفقيرة بالمدينة الذي فقد مكان عمله بجرة قلم من موظف ما، ليمتليء بيته الضيق بأكوام الكتب التي قرأ معظمها وتقمص شخوص رواياتها.
يناجي إبراهيم نفسه طوال الوقت؛ يحكي ماضيه، موت أمه، انتحار والده وهجرة أخوه الوحيد كلاجيء في إحدى الدول ليصبح إبراهيم وحيدًا تمامًا مثل باقي شخوص الرواية، اليتامى وساكني الملاجيء والوحيدون، فتصبح الوحدة هنا هي الضياع.
في ليلة بينما يكلم إبراهيم نفسه يستكشف الشخص الغامض بداخله، الهلاوس التي تهاجمه وتحركه ليدور في الشوارع لتنفيذ جرائمه أثناء سيطرة ذلك الجانب عليه، ويصاحب ذلك تدوين إبراهيم للدفاتر التي يعترف فيها بأسرار ومكنونات نفسه.
منذ صغره استمع إبراهيم إلى الحكايات المخيفة عن والده بسبب اعتقاله السياسي من قبل، ليقرر نقل أسرته من القرية إلى مدينة عمان التي بدأت في المعاناة من سوء الأوضاع الاقتصادية ما إن انتقل إليها، وتتفكك الأسرة سريعًا وتذبل، ويواجه إبراهيم مصيره وحده.
هناك أيضًا شخصية ليلى التي عاشت في الملاجيء التي يشتبك مصيرها مع إبراهيم ومع الصحفية "ناردا" التي تحكي حكايتها بين الأردن والاتحاد السوفييتي لتلتقي بإبراهيم وليلى لاحقًا.
الرواية هي الرواية الثالثة لكاتبها "جلال برجس" الذي فاز عام 2015 بجائزة كتارا للرواية العربية عن روايته "أفاعي النار"؛ حكاية العاشق على بن محمود القصاد، ويكتب "برجس" الشعر والقصة، ووصلت روايته "سيدات الحواس الخمس" للقائمة الطويلة للبوكر العربية من قبل.
ولد "برجس" عام 1970 في قرية حنينا بالأردن ليدرس هندسة الطيران، ويعمل بذلك لمجال لسنوات قبل أن يحول مساره للصحافة ليتدرج بالمناصب حتى يصل إلى مدير تحرير عدد من المجلات الثقافية، وبعد ذلك قرر هجر الصحافة والعودة للعمل بالهندسة مع التزامه بالكتابة الأدبية فقط.
يهتم "برجس" من خلال كتاباته بالمكان، وكيف يؤثر على شخوصه، ففي الرواية الفائزة بالبوكر العربية "دفاتر الوراق" يبدو المكان ضاغطًا على الشخوص ليعمق شعورهم بالوحدة والاغتراب، ويضخم رغبتهم الشديدة في الانتقام مع خلفية عيشهم لطفولة صعبة وخائفة طوال الوقت، يتحرك "إبراهيم" بين الشوارع و الأزقة مُحدثًا نفسه طوال الوقت، وتقاطع مساراته مسارات باقي الشخوص التي تشعر بنفس الأزمات، وتُعاني من تلك الحياة الوحيدة واليائسة.
فيديو قد يعجبك: