بالصور - كيف يروج مترجمو الإشارة للغة الصُم في معرض الكتاب؟
كتبت- إشراق أحمد:
تغيرت خطة فريق مترجمين الإشارة مع تفشي فيروس كورونا، لم تعد هناك ندوات بإمكانهم ترجمتها مباشرة للصم وضعاف السمع، لذا حينما تحدد موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان لابد من إيجاد بديل"قررنا نطور فكرة زمايلنا وننزل نعلم الناس لغة الإشارة بالذات الأطفال" تقول فيروز الجوهري، المترجمة الرئيسية للمجلس القومي لشؤون الإعاقة.
بالأمس، بدأت الدورة 52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب المؤجلة عن ميعادها في يناير المنقض بسبب جائحة كورونا.
في قاعة رقم 3، أقام المجلس القومي لشؤون الإعاقة ركنه المتضمن لأنشطته. أمامه تنتظر نوران جمال مرور الزائرين، تستوقف فتاتين، تستأذن أن تقتطع من وقتهما دقيقة، بابتسامة تسألهما مترجمة لغة الإشارة عن معرفتهما بتواصل الصم وضعاف السمع، ثم تعرفهما بكيفية نطق أسمائهما بأيديهما. لا يستغرق الأمر طويلاً، تكرر نوران فعلها مع المزيد، لكن المؤكد أن لا أحد يمر إلا ويحاول إعادة التدريب على تلك الإشارات.
كانت نوران وزميلتها آلاء صاحبة فكرة تعليم رواد معرض الكتاب شيئًا عن لغة الإشارة ولو لدقيقة واحدة. هذه المرة الثانية في معرض الكتاب لخريجة قسم الإعاقة السمعية والبصرية في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. تختلف المشاركة بالتواصل المباشر مع مجتمع المتكلمين أكثر من الترجمة للصم وضعاف السمع، لكن الحماس يملأ الشابة "قابلنا ناس مرحبة جدًا ومبسوطة وحابين يتعلموا".
نحو 5 فتيات يداومن من الأمس على التوعية بلغة الإشارة، وكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة السمعية، تؤكد نوران لأحدهم "بنقول عليهم الصم وضعاف السمع مش طرش ولا خرس".
انخفض عدد مترجمي الإشارة المشاركين في معرض الكتاب لأول مرة هذا العام بسبب كورونا. تقول فيروز، قائدة الفريق "من 8 سنين وأحنا موجودين في المعرض بنخدم ذوي الإعاقة السمعية كل سنة بنحاول نكتر عدد المترجمين عشان يغطوا عدد أكبر من الندوات الموجودة".
بلغ عدد المترجمين في الدورة الماضية نحو 12 شخصًا لا يتوقفون عن ترجمة الندوات ومساعدة الصم في القاعات، لكن مع تحول الفاعليات إلى الإنترنت، اقتصر دورهم على التواجد في الركن المخصص للمجلس، إلا أن الهدف لم يتوقف.
تحرص المترجمات على الحديث مع الأطفال خصيصًا، ترى نوران أن الأجيال الأكبر عمرًا شهدوا ما يكفي من التنمر ورفض التقبل لذوي الإعاقة، لذا على "الجيل اللي طالع يتعلم ويعرف أن لو زميلي اللي قاعد جنبي والدته أو والده من الصم دي مش حاجة عيب". تعرفت مترجمة الإشارة على نماذج وصل بهم الحال إلى كره والديهم ذوي الإعاقة لتعرضهم للمشاكل والسخرية منهم، وأخرين يصرون على تعليم لغة الإشارة للجاهلين بها "ومن جواهم يقولوا عشان أجيب حق بابا وماما".
الحديث بالأيدي يجذب الصغار، يتوقف تالين وشقيقها محمد، تتحدث نوران، أن هناك عطايا منحها الخالق من سمع وبصر ولسان، يسارع الصبي ذو الثمانية أعوام "بس في ناس ما بتتكلمش"، تشجعه المترجمة لنباهته، وتخبرهما أن مثل هؤلاء "بيتكلموا لغة مختلفة بس بإيديهم"، تقاطعها الصغيرة "الناس اللي ما بتتكلمش دول فين؟"، تبتسم الفتاة وتجيبها بمقابلة زميلتهم آية.
تتقدم آية ترحب بالصغيرين، فيما تتولى آلاء ونوران الترجمة لمحمد وتالين، تعرف الشابة التي تعاني من الإعاقة السمعية أسماء الشقيقين، ثم تقرر أن تعلمهم كيف تكون أسمائهما بلغة الإشارة، ترسم آية بيدها كل حرف، ويقلدها الطفلين في سعادة، قبل أن يرحلا حاملين البلاونات المهداة لهما بعدما تحققت رغبتهما سريعًا، ومع وداع أخير من نوران بلغة الإشارة "أنا فرحانة أني شوفتكم في معرض الكتاب".
كذلك ارتسمت الفرحة على وجه آية، تعرف الشابة كم يعاني الصم كواحدة منهم. كثيرًا ما تعرضت للمضايقة "في ناس لما تلاقيني اكلم حد فيديو في التليفون تتريق عليا. لازم اوضح أني صماء وبتكلم كده لأن مفيش وسيلة تانية"، فيما تلمس في المعرض استيعاب أكبر "فرحانة عشان في ناس كانت بتخاف من ذوي الإعاقة ودلوقت بدأوا يعرفوا أن كلنا من صنع ربنا مفيش فرق".
يواصل المترجمون في المجلس القومي لشؤون الإعاقة التواجد على مدار أيام معرض الكتاب، داخل كل منهم سبب دفعهم لتعلم لغة الإشارة وتوعية الآخرين بأنها ليست أمرًا صعبًا، لا يرغبون إلا في شيء واحد "لما تشوف أصم ما تمشيش قوله مش عارف إشارة أو حاول تتعامل معاه اكتب له مثلاً وهو هيستوعب".
فيديو قد يعجبك: