مَنحَه شيكابالا الشهرة.. حكاية «صانع أحذية» أصبح لاعب كرة ورسامًا محترفًا
كتب- عبدالله عويس:
مثل أبناء جيله، كان عبد الستار فايز، يلعب كرة القدم في الشارع. لكنه أظهر مهارة وتميزا فصار مطلوبا بالاسم للعب في بعض المباريات. حسب الصغير أن اللعب بهذا الشكل سيكون نهاية المطاف، لا سيما والذهاب للأندية والتدريبات تتطلب مبلغا ماليا كبيرا يفوق إمكانيات أسرته، التي غاب عنها الأب بعد الوفاة، فعمل في عدة أمور كان أولها في ورشة أحذية إلى أن انتهى به الحال «رساما»، غيرت الفرشاة كثيرا من تفاصيل حياته.
كانت هذه اليد التي تحمل الفرشاة، وترسم بالألوان ما يبهج الأعين، تحمل فيما مضى الأحذية لرتق الجلود، وتغيير النعال، وتصنع الجديد. كان حينها طفلا على أعتاب المرحلة الإعدادية التعليمية. سبق الأمر وفاة والده، تاركا زوجة و4 أطفال، فايز أحدهم. فاتجه الصغير للعمل مبكرا، وكانت البداية في ورشة أحذية، تعلم فيها الكثير، وتشرب بضعة أمور على رأسها الإتقان، وألا تخطئ يده في إنش واحد، فمن شأن ذلك أن يكلفه خسارة عمله.
على أن ذلك العمل لم يكن الأخير في حياته، عمل بعدها في محل لبيع ملابس الأطفال، ثم محل لبيع ملابس السيدات، وحين لجأ إلى الاثنين كانت رغبته كسب أكبر قدر من المال ليعينه على الذهاب إلى الأندية التي يتدرب فيها: «حين بدأت لعب كرة القدم، كان الكثيرون يقولون لي إنني مميز، حتى لعبت لنادي الري» يحكي ذو الـ21 سنة، والذي اتجه بعد ذلك لإحدى الأكاديميات الخاصة بكرة القدم، بمنطقة سكنه بشبرا الخيمة، ومنها انطلق إلى عدة أندية، مثل نادي دريم، والجونة، انتهاء بنادي إيسكو، ويبحث الآن عن فرصة بأحد أندية دوري الدرجة الثالثة.
«الذهاب إلى التدريب، وثمن الطعام الصحي، إضافة إلى مصروفات الدراسة، دفعتني للبحث عن عمل» يحكي الشاب، والذي يدرس في معهد للنظم والمعلومات، ولم تكن مبالغ العمل كافية لمصاريف ذلك كله. إلى أن تغير ذلك كله بمحض صدفة، بعيد ميلاد أخيه الذي يكبره.
قبل أيام من عيد ميلاد شقيقه، قرر فايز أن يرسم صورة لأخيه. كان يحب الرسم في طفولته، ولم يعرف هل ستعجب الرسمة أخيه أو غير ذلك. لكنها حازت إعجاب الجميع، إلى الحد الذي شجعه لنشرها على حسابه على فيس بوك، لتلقى الصورة صدى كبيرا، ويفاجئ الشاب بعشرات المطالبات لرسومات مختلفة، يتلقى في مقابلها أجرا: «هذه اللحظة غيرت كثيرا في تفاصيل حياتي، صرت أربح بعض الأموال، وأستطيع من خلالها دفع مصروفاتي الدراسية، واستكمال اللعب بالأندية، إلى أن تأت فرصة مناسبة».
تحولت موهبة فايز إلى مصدر رزق كامل، يرسم بألوان المياه، وأقلام الرصاص والجاف، والفحم، وأي طلاء، وبكل الفرش. وخلال الشهر الواحد يأتيه ما بين 10 طلبات للرسم إلى 15 طلبا. لكن الشهرة الحقيقية اكتسبها الشاب بعد رسمة للاعب كرة القدم محمود عبدالرازق (شيكابالا)، ويراه الشاب لاعبا استثنائيا ومميزا، لكنه يختلف معه في بعض الأحيان: «لكنه إنسان طيب القلب، وكنت أكره كل أشكال التنمر التي يتعرض لها، ولذلك وافقت حين أتاني طلب لرسمه».
داخل منزل بمركز بسيون في محافظة الغربية، كان الشاب يعمل على رسم صورة لشيكابالا، مستخدما ألوانا عدة، وأكثر من فرشاة، على مدار 8 ساعات، وما إن تمت الرسمة على أفضل شكل، التقط معها صورة وهو يرتدي فانلة الأهلي، بينما كان صاحب المنزل يرتدي فانلة الزمالك. وكانت رغبة الشاب من تلك الصورة، أن يشير إلى نبذ التعصب الرياضي ولو برسمة: «وسبق لي أن رسمت محمد صلاح، ومشاهير آخرين، وقدمت أعمالا في كافيهات ومنازل، وطلبات خاصة للبعض».
حتى الآن يمارس الشاب عمله في الرسم، إضافة إلى دراسته، وبين الاثنين يلعب كرة القدم، على أمل أن يلتحق بأحد الأندية الكبرى في دوري الدرجة الثالثة، ويرجو أن يحقق حلمه سريعا: «ألعب أحيانا كمدافع، وأحيانا أخرى أكون صانع ألعاب، وتعلمت من الكرة والرسم ميزة الصبر». وما فعلته صورة شيكابالا مع الشاب والشهرة التي حققها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت كثيرين لطلب عدة رسومات منه، سواء كانت في محال تجارية أو داخل منازل.
فيديو قد يعجبك: