إعلان

الرحيل الثاني لـ"أمين".. كيف استقبل أهالي الحي السادس قرار إزالة مساكنهم؟

03:34 م الثلاثاء 11 يناير 2022

الرحيل الثاني لأمين

كتب-محمود عبدالرحمن:

داخل شقته الصغيرة، ببلوك 103 بالحي السادس، ناقش الأب الستيني، أمين مصطفي، مع بناته الثلاثة، المقترحات التي عرضها حي غرب مدينة نصر، على قاطني بلوكات ما يعرف بالمساكن الشعبية، مقابل مغادرتهم شققهم، ضمن خطة تطوير الحي، الذي يتجاوز عمره 60 عاما.

قبل أيام أعلنت محافظة القاهرة، عن خططها لتطوير الحي، والاستعداد لتلقي طلبات التعويض من قاطني البنايات المستهدفة، وحددت البدائل في ثلاثة اختيارات: تعويض مادي حسب سعر المنطقة، أو عودة السكان بعد التطوير مع صرف إيجار شهري لحين العودة، أو استلام سكن بديل ومفروش بمدينة السلام.

ff

مناقشات "أمين" مع بناته، الذين لا يتعدى عمر أكبرهن 18 عاما، لم يستطع حسمها في هذه الجلسة. الاختيار مش سهل، كما يصفه الأب الذي جاء من منطقة الجمالية بالقاهرة الفاطمية، للإقامة بالحي السادس بمدينة نصر في سبعينات القرن الماضي.

فعقب هدم المنزل الذي كان يقيم فيه مع أسرته "والده ووالدته وأخواته"، باعتباره آيل للسقوط، أخلت محافظة القاهرة العقار من قاطنيه ووفرت لهم أنذلك بديل بالحي السادس بمدينة نصر.

قررت المحافظة نقلهم إلى مساكن ناصر التي تغير مسماها إلى مساكن الحي السادس مؤخراً، مقابل دفع قسط شهري: "لما جينا كنا ندفع 2 جنيه ونص قسط"، قبل أن تقوم الإدارة العامة لأملاك المحافظة أواخر يناير عام 1989، بتمليك الوحدات لقاطنيها بعقود رسمية، تنفيذا للتوجيهات الرئاسية أنذلك للتيسير على المواطنين.

الصورة الثانية

"دفعت فلوس لأخواتي عشان اطلعهم من الشقة وأتجوز فيها "، يستكمل أمين، الذي قرر عقب وفاة والده ووالدته، شراء نصيب أشقائه في الشقة -التي تتكون من غرفة وصالة وحمام ومطبخ- للزواج بها: "تزوجت وخلفت تلات بنات"، ليتفاجأ عقب تلك السنوات بقرار محافظة القاهرة بإزالة تلك المساكن التي وصفتها في بيانها بالمتهالكة، وبحسب ما أعلنته المهندسة ميرفت مطر، رئيس حي غرب مدينة نصر بالقاهرة في تصريحات صحفية، بأن عملية الهدم والإزالة من أجل الحفاظ على سلامة قاطنيها.

أمين وبناته، من ضمن 3500 أسرة، سيتم إزالة الوحدات السكنية التي يقومون فيها، وفقا للحصر المبدئي لمحافظة القاهرة، التي أكدت على لسان متحدثها الرسمي، أن السكان سيحصلون على كامل حقوقهم قبل أعمال الإخلاء والإزالة، ولن يتم إجبار مواطن على اختيار أي رغبة، وأن كل الخيارات متاحة ومفتوحة للسكان.

الصورة الثالثة

"طلبنا من المحافظة أننا نطور بيوتنا بأيدينا وعلى حسابنا بس رفضوا"، يقول محسن جاد، أحد أهالي مساكن الحي السادس، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده إبراهيم صابر، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، مع عدد من أهالي المنطقة، لمناقشة طلباتهم لإخلاء المنازل وحل الأزمة، ليقترح بعضهم ببقاء المنازل على أن يقومون بتطويرها حسب ما تراه المحافظة وهذا ما تم رفضه، يقول جاد "قالوا الإزالة ستتم لأن عملية التطوير ستتم بشكل منظم وشامل، واحنا بنحاول نوصل معكم لحل وسط".

الصورة الخامسة

"الشقق صغيرة أوى ولكنها غالية لأنها تعتبر مشروع استثماري جيد وناجح"، بسبب تواجدها بجوار جامعة الأزهر التي يأتي طلابها من جميع المحافظات مصر، يستكمل محسن، الذي يسكن هو وأسرته المكونة من 4 أفراد "زوجته وثلاث أطفال"، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، موضحاً أن المحافظة اقترحت على المواطنين سعر 7 آلاف جنيه للمتر الواحد، وهذا ما لا يمكنه من شراء شققه بنفس المنطقة، ولذلك سيكون مضطر للعودة إلى المنطقة واستلام شقته بها بعد تطويرها،لكن المشكلة في هذا الاختيار عدم قدرته على تحمل فارق الثمن بين شقته القديمة والتي سيستلمها بعد التطوير.

الصورة الرابعة

على وجهات بعض العقارات بالمساكن انتشرت العديد من اللافتات التي تحمل إعلان "شقة سكنية للإيجار"، لقرب تلك الوحدات من جامعة الأزهر والمدينة الجامعية يقول سعيد حمدي، أحد الأهالي "أغلب المنطقة هنا طلاب عشان جامعة الأزهر".

منذ ثلاث أعوام، قرر سعيد الذي يعمل مندوب مبيعات بإحدى شركات الأدوية بشراء شقة أخرى بالعمارة المجاورة له، وذلك بهدف تأجيرها للطلاب الذين يتزاحمون على المنطقة مع بداية كل عام بحثا عن مسكن قريب للكليات التي يدرسون بها: "قلت الإيجار يساعد معايا نهاية كل شهر"، ليتفاجأ مثل غيره من عشرات الأهالي الذين يستثمرون في تأجير الشقق بقرار محافظة القاهرة بالإزالة وبناء عليه توقفت عمليات البيع والشراء في المنطقة "مستحيل حد يشتري حاجة دلوقتي الفلوس راحت عليا".

d06c7092-9514-484b-b0b9-df0f3536a35d

داخل إحدى المحال، وقف محمد البربري، يتابع عمله في كي الملابس، يتساءل من وقت إلى آخر من أصحاب المحلات عن موقفهم من عمليات الإزالة وهل تم إدراجها من قبل المحافظة ضمن التعويض "لسه مش عارفين أصحاب المحلات موقفهم إيه".

بينما أمين مصطفي، الذي ترك منزله الذي عاش فيه طفلا وشابا مع والديه وأشقائه في سبعينات القرن الماضي، بسبب هدمه باعتباره آيل للسقوط، يتكرر معه نفس الموقف اليوم كأب ورب أسرة، وينتظر حسم قراره والاختيار من البدائل المطروحة مقابل شقة التي يتركها بسبب الإزالة للمرة الثانية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان