لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بازارات الكريسماس.. مهمة إنقاذ "عيد الميلاد"

01:09 م الأربعاء 07 ديسمبر 2022

- مارينا ميلاد:

قطعت جانيت رمزي طريقًا ليس قصيرًا من بيتها بمصر الجديدة إلى إحدى كنائس منطقة الزمالك لأجل بازار سيقام ليوم واحد ويعرض منتجات الكريسماس بأسعار مخفضة ومناسبة.

زينة ملونة وهدايا وحُلي مصنوع يدويًا.. تراصت تلك الأشياء وغيرها على الطاولات وخلفها أكثر من مائة عارض بهذا البازار، محاولين الهروب من ركود السوق وإيجاد فرصة داخله للبيع والتسويق. وعلى الناحية الأخرى، يمر الزوار عليهم غير ملتفتين لمنتجاتهم كالمعتاد بقدر اهتمامهم بأسعارها هذه المرة.

وجدت "جانيت" هذا البازار الذي تستضيفه كاتدرائية جميع القديسين، "أكثر ملائمة في أسعاره مقارنة بالسوق". فسارعت لشراء الزينة ومستلزمات أخرى للعيد، تقول إنها زادت نحو ضعف سعرها في المتاجر الأخرى.

لم تَسلم منتجات الكريسماس من الزيادة التي شهدتها أغلب السلع في مصر، بعد انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاها من أزمة في الاستيراد.

بنسبة تقترب من الضعف، علت أسعار المنتجات بمتجر ميخائيل سليمان (صاحب أحد متاجر منتجات الكريسماس بمنطقة شبرا). عشرون عامًا عملهم الرجل في هذا المجال، ولم يواجه مشكلات في عملية الاستيراد مثلما حدث هذا الموسم، الذي يقول إن "كل شيء فيه قل عن الماضي".

في السابق، اعتاد "ميخائيل" استيراد نحو 10 حاويات تمتلئ بسلع قادمة من الصين، وهي المُصدر الأكبر لها، لكنه بالكاد استطاع جلب حاويتين هذه المرة بأسعار مرتفعة نحو 3 أضعاف وبعد تعطل دام 3 أشهر بانتظار انتهاء الأوراق الرسمية – حسب قوله.

ومن البديهي، انعكاس كل ذلك على أسعاره، فيذكر على سبيل المثال أن الشجرة الصغيرة التي كانت تباع في العام الماضي بـ 150جنيها قد وصل سعرها إلى 275 جنيها.

تلك الزيادة المفاجئة جعلت سوزي نصيف (المعلمة بإحدى المدارس الحكومية)، تعزف لأول مرة عن شراء زينة جديدة لشجرة الكريسماس واكتفت بالقديمة. فتقول: "لا أعرف كيف يمكنني تدبير ملابس العيد واحتياجاته العادية في ظل هذا الغلاء حتى أفكر في أشياء غير أساسية".

بينما لم ترِ "جانيت"، وهي ربة منزل، أن هذه الأشياء ثانوية إنما "مهمة جدًا لبهجة عائلتها في ظل الضغوط الحالية"، لذا لجأت إلى بازار الكنيسة.

ذلك البازار ليس الوحيد الذي يقام في هذا الوقت لكنه يعتبر الأقدم بين أمثاله. إذ بدأت أول نسخة منه عام 1978 على نحو ضيق، ثم توسع خلال الثمانينات والتسعينات. تاريخ يعتمد عليه مدحت جرجس (المشرف الحالي على البازار) في التسويق له، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي عززت من شهرته – وفقا لحديثه.

الصورة التي يعمل على صناعتها "مدحت" لـ12 عامًا، وهي مدة توليه مسؤولية البازار، جذبت له مئات العارضين الراغبين في المشاركة بهذا الحدث السنوي.

في شهر أكتوبر من كل عام، يجلس الرجل وأمامه عشرات الأوراق المتناثرة تمثل طلبات مقدمة له من عارضين. يفرز جميعها بدقة، يَعرف أغلب أصحابها بحكم اشتراكهم معه سابقًا، أما الجدد فيطلب منهم إرسال صور منتجاتهم ليتأكد من شكلها. يقول "مدحت": "إن لم تكن المنتجات المعروضة جيدة، فلماذا سيأتي إلينا زوار؟".

لدى "مدحت" معايير في اختياره، لعلها تتلخص في أمرين هما "التنوع والجودة"، فيقول إن "أكثر ما يحرص عليه هو اختلاف المنتجات لتناسب احتياجات الزوار ". على هذا الأساس؛ يختار عددا معينا حسب سعة المكان، وقد بلغ هذا العام 150 عارضا بزيادة نحو 40% عن السنوات السابقة.

تؤجر الكنيسة تلك المساحة الواسعة الموجودة بساحتها للعارضين مقابل مبالغ تذهب إلى الأعمال الخيرية كالمستشفيات وخدمات اللاجئين.

تلك الفكرة هي ما تدفع رامي عماد (أحد العارضين) للتمسك بهذا البازار عن بازارات أخرى، فهو يشارك به منذ 14 عامًا. إذ تتعدد مزاياه في رأيه ما بين "دعاية لعمله ومتجره، وجود جمهور جديد، التعرف على الأفكار والأذواق، كما أن الربح يذهب للخير".

المسألة لدى "رامي" لا تتركز على التجارة فقط. فكما يقول: "إذا فكرت هكذا، فمن المفترض أن الإيجار يمثل 10% من مكسبي في اليوم، وهذا لا يتحقق بالتأكيد، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية".

للأهداف نفسها، ينتقل "رامي" بين بازارات أخرى تجرى جميعها خلال شهر ديسمبر مثل "حديقة الأورمان، والجامعة الألمانية، ومؤسسة تراثنا، وكنائس بمنطقة مصر الجديدة"، لكنه يفضل ذلك البازار عن غيره. فواحدة من النقاط الأكثر إبهارًا له، هي جمع البازار لمسلمين ومسيحين ومصريين وأجانب.

تقف فضيلة الشريف التي تعرض الفضة والأحجار الكريمة بجوار "رامي" في منتصف ساحة الكنيسة. هنا، إحساسها وطريقة عملها مختلفة، فهي تبيع دائمًا عبر الإنترنت (أون لاين)، لكنها اليوم تتواصل مع مئات الزائرين من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية.

أجواء تنافسية تنتظرها "فضيلة" بين عام وآخر، صحيح أنها ترى فيها تشتيتًا إلى حد ما، لكنها ترى أن الأفضل والذي يقدم سعرًا مناسبًا يفرض وجوده.

بعكس "رامي" لم تستطع "فضيلة" الاشتراك في بعض البازارات الأخرى: "سعر الإيجار زاد عن السنوات الماضية، في هذا البازار وصل سعر الطاولة إلى 700 جنيه، بينما تخطى الإيجار في بازارات أخرى 1500 جنيه، وهو ليس في استطاعتي".

Untitled design

بنهاية العام، تتدفق إعلانات على منصات التواصل الاجتماعي عن بازارات مختلفة لمنتجات عيد الميلاد كبازار المعهد الفرنسي، النادي السويسري، والكنائس المختلفة.

يقول مدحت جرجس (المشرف الحالي على بازار كنيسة كاتدرائية جميع القديسين) إنه لا ينافس تلك البازارات الأخرى، فلكل منها طابعه وزواره حتى وإن تشابهت الفكرة. لكنه في الوقت نفسه، لا يختار ميعاد لبازاره يتقاطع مع بازار آخر حتى لا يُضعف الإقبال عليه.

ربما نجح "مدحت" في خطته، ودعمتها الظروف الاقتصادية بعد فترة فيروس كورونا وغلاء الأسعار. فوصل عدد زواره هذا العام لنحو 3 آلاف زائر، بينهم جانيت رمزي، التي تقول: "بالنسبة لي البازار ليس مكانًا للبيع والشراء فقط مثل المتاجر، إنما مكان جميل وواسع يجعلني أشعر بأجواء العيد".

اقرأ أيضا:

ربع كيلو.. كيف قاومت أسرة مصرية ارتفاع الأسعار في رمضان؟

حقيبة قديمة ومصروفات بالتقسيط: الأسعار تُغير "منهج" الأسرة في العام الدراسي الجديد

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان