لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حجم أقل واختفاء من المخابز.. رحلة البحث عن "رغيف عيش بنص جنيه" (صور وفيديو)

04:38 م الأربعاء 01 فبراير 2023

كتب- محمود عبد الرحمن:

ما بين مخبز بلدي وآخر سياحي بمنطقة أرض اللواء بالمهندسين، تنقل عاطف صلاح بحثا عن رغيف الخبز الذي يباع بنصف جنيه، والذي اعتاد على شرائه طيلة الفترة الماضية، نظرا لانخفاض سعره وتقاربه مع حجم الرغيف الذي يباع بـ75 قرشا لكن دون فائدة، وذلك بعدما امتنع أصحاب المخابز عن بيعه، واستبداله بالرغيف الأصغر حجما وبيعه بجنيه، منذ أوائل ديسمبر الماضي، حين بدأت أسعار العيش تتصاعد تدريجيا لتتجاوز ضعف ثمنها كما يروي عاطف.

"كل ما كنت أروح مخبز يقولوا مفيش غير أبو جنيه"، يقول صلاح، الذي يعمل في مصنع رخام ويعول أسرة مكونة من 5 أفراد تنفق يوميا ما يقارب من 30 جنيه لشراء الخبز، والذي يعد المكون الغذائي الرئيسي على مائدة الأسرة المصرية باختلاف مستوى معيشتها، يقول صلاح: "الرغيف أبو نص جنيه كان أوفر من غيره وخصوصا لو معاك أسرة كبيرة"، والذي لم يعد موجود بعدما أخبره أحد العاملين بإحدى المخابز بالتخلي عن بيعه، نظرا لارتفاع أسعار جميع المكونات المستخدمة في رغيف العيش، من خميرة وزيت ودقيق ليكون ارتفاع سعر الرغيف إلى جنيه هو الحل الأمثل لهذه الأزمة، من وجهة نظر أصحاب المخابز.

6

وتنقسم المخابز في مصر، إلى مجموعة من الأنواع من أهمها أفران العيش المدعوم "المخابز البلدية"، والتي تمثل نسبة 83 % من إجمالي المخابز المختلفة بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي تضم الشريحة الأكبر من المواطنين بإجمالي 72 مليون مستفيد من إجمالي أعداد المصريين، وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة التموين، ليس من بينهم عاطف وأسرته، بينما النوع الثاني مخابز العيش السياحي والتي يرتفع أسعار الخبز فيها على عكس نظيره المدعم الذي تصل تكلفته إلى 75 قرشا وتتحمل الدولة 70 قرشا عن كل رغيف يشتريه المواطن يوميا، وفقا لتصريحات الدكتور إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين للاستثمار.

"طن الدقيق كان بـ9 آلاف دلوقتي بقى بـ13 ألف الفرز الثاني"، يقول سمير علي، الذي يمتلك إحدى المخابز السياحية في منطقة أرض اللواء بالجيزة، والذي وجد نفسه مجبرا مثل غيره من أصحاب المخابز بالاستغناء عن بيع رغيف فئة الـ50 قرشا و75 قرشا واستبدالهما برغيف العيش الذي يباع بجنيه واحد، مرجعا السبب إلى ارتفاع أسعار الدقيق المبالغ فيها، بالتزامن مع موجة الغلاء التي طالت أغلب السلع الغذائية في الآونة الأخيرة.

5

"الأسعار ارتفعت جدا ولما طن الدقيق ارتفع لـ6 آلاف قللنا حجم الرغيف مع ثبات سعره"، يستكمل سمير، وفعل ذلك تجنبا لرفع سعر الرغيف على المواطنين الذين لم يتقبلوا الأمر ليعزف بعضهم عن الشراء والبحث عن مخابز أخرى: "لما قللنا حجم الرغيف الناس كانت تتريق وتروح مخبز تاني"، يتذكر كم الأسئلة المتكررة من المواطنين وغضبهم بسبب انخفاض أحجام أرغفة العيش يقول "المواطن عارف إن كل حاجة ارتفع سعرها بس مش متقبل ده".

وفي ظل تصاعد الأزمة والارتفاع المتكرر ما بين الحين والآخر لأسعار الدقيق الذي وصل سعر الطن في بعض أنواعه إلى 23 ألف جنيه، لجأ أصحاب المخابز إلى التخلي عن تقليل الحجم وإلغاء الفئات الأصغر والاعتماد على بيع الرغيف الذي يباع بجنيه، بحسب محمد سعيد، صاحب مخبز آخر في المنطقة على أن يكون حجم الرغيف 90 جراما.

"صاحب المخبز يعمل إيه في ظل ارتفاع الأسعار ده؟" يتساءل محمد الذي يمتلك مخبزا منذ 20 عاما، موضحا أنه ليس من مصلحة أصحاب المخابز رفع الأسعار على المواطنين: "لو عليا مش عاوز اخسر زبون واحد"، لكن مع ارتفاع أسعار الدقيق وجد نفسه مجبرا على تعديل الحجم والسعر، يتذكر محمد عندما أخبره أحد تجار الدقيق الذي يتعامل معه بارتفاع سعر الطن 400 جنيه: "كل ما أكلم التجار ألقي سعر غير سعر اليوم اللي قبله ومجبر على الشراء".

4

وأضاف محمد صاحب الـ51 عاما، أن الأمر لم يقتصر على ارتفاع أسعار الدقيق فقط، بل الارتفاع الكبير في الإيجارات وبعض التكاليف الأخرى منها نقل الأنابيب التي يتم استخدامها في المخابز، بجانب ارتفاع أجرة العاملين بالمخبز يقول: "كان كل عامل ياخذ 150 جنيه، مقابل 10 ساعات عمل"، لكن مع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية طالب العاملين برفع اليومية إلى 200 جنيه "لو قولت لا يمشوا وهقفل المخبز خالص"، يقولها الرجل.

ارتفاع أسعار العيش الحر الذي يعتمد عليه عاطف وأسرته، دفع وزارة التموين منتصف أكتوبر الماضي، بإصدار قرار وزاري حمل رقم 144 لسنة 2022 بشأن إجراءات صرف الدقيق الفاخر لإنتاج الخبز الحر بسعر 10 آلاف للطن يتم صرفها من مطاحن القطاع الخاص المنتجة للدقيق 72% التي تتعاقد مع الهيئة العامة للسلع التموينية، تيسرا على المواطنين في الحصول على الخبز السياحي بأسعار مخفضة، على أن تقوم المخابز بعرض الأوزان والأسعار المحددة: "الأسعار كل يوم في ارتفاع ورغيف الـ50 قرش مش جايب همه"، يقولها عبدالله محسن، الذي يعمل في إحدى المخابز.

7

"أغلب الناس كانت تسأل على رغيف الـ50 قرش"، يستكمل عبدالله، يتذكر الشاب أسئلة المواطنين المتكررة عن الرغيف فئة النصف جنيه، والذي يعتبر أكثر شراء من قبل المواطنين، لانخفاض سعره وقرب وزنه من الرغيف الأكبر بـ75 قرشا يقول "رغيف النص جنيه كان 50 أو 55 جراما"، لكن مع الوقت تقبل المواطنين عدم وجوده: "الناس عارفه الظروف وإزاي كل حاجة ارتفعت".

وأضاف عبدالله الذي يعمل "صنايعي عجان" منذ خمس سنوات، أن الرغيف فئة النصف جنيه يتم عمله خصيصا في الوقت الحالي لأصحاب المطاعم الذين يقومون بشراء كميات كبيرة، يقول: "في مخابز أكتر شغلها للمطاعم عشان كده بتعمل أبو نص جنيه بس".

في الآونة الأخيرة الماضية، عانى مواطنون كثيرا من التحديات والصعوبات في الحصول على رغيف الخبز المدعوم، ولم تقتصر تلك الصعوبات على القدرة المالية فقط في ظل الارتفاع المتكرر لمكونات الإنتاج عالميا، وإنما الانتظار وقتا أكثر في الطوابير المزدحمة أمام المخابز للحصول على قوت يومهم واحتياجات أسرهم من الخبز أو بعضها، وذلك وفقا لما ذكرته الدراسة التي أعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مارس عام 2014، وحملت عنوان "الخبز البلدي المدعم في مصر"، مشكلات إنتاجه وتوزيعه، في ظل ارتفاع متوسط حصة الاستهلاك السنوي للفرد من الخبز إلى 889 رغيفاً، وهو ما يعتبر أعلى معدل استهلاك على مستوى العالم، بحسب الدراسة.

2

"المخابز بتعمل كميات قليلة ولو جيت متأخر العيش بيكون خلص"، يقولها أحمد طارق، الذي اصطف في طابور أمام إحدى المخابز البلدية في منطقة أرض اللواء للحصول على العيش. منذ سنوات طويلة اعتاد أحمد الاستيقاظ مباكرا والقدوم إلى مخبز العيش القريب من محل إقامته للحصول على الخبز قبل الذهاب إلى عمله في أحد محال الأجهزة الكهربائية، وذلك تجنبا لرحلة طويلة في البحث عن مخبز آخر يلبي احتياجاته.

"المخابز البلدي بتخلص بسرعة"، يستكمل الشاب الذي ينفق على أسرة مكونة من ثلاثة أفراد "زوجته وطفلين"، يتذكر المرات التي لم يتمكن فيها من الاستيقاظ مبكرا وتجوله على عدد من المخابز للحصول على الخبز لكن دون فائدة يقول: "كل المخابز بتبقى موت من الزحمة"، ليكلفه الأمر شراء الخبز السياحي ذو السعر المرتفع.

ووجه عدد من النواب انتقادات حادة إلى الدكتور علي المصيلحي وزير التموين خلال حضوره في الجلسة العامة يوم الثلاثاء 3 يناير الماضي، بشأن عودة الطوابير وازدحام المواطنين أمام المخابز للحصول على العيش، وقال النائب أحمد بلال عضو مجلس النواب، إن الطوابير في العديد من المحافظات والمدن في مصر، وهو ما أرجعه النائب إلى سياسيات وزارة التموين، وهو ما أكده النائب عبدالمنعم إمام عضو مجلس النواب، بجانب تراجع ضوابط الخبز السياحي من حيث الوزن والجودة قائلا: " في ناس مش لاقيين الرغيف، الطوابير من 5 الفجر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان