من القمح لزراعة اللب.. لماذا هجر فلاحون محاصيل استراتيجية؟
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب- محمود عبدالرحمن:
بحثا عن ربح أكثر، وربما لتغطية احتياجات شخصية في ظل غلاء المعيشة، وارتفاع نسب التضخم، هجر فلاحون زراعات تعرف بالاستراتيجية كالقمح والأرز إلى صالح زراعات أخرى مثل المانجو واللب وغيرهما، على أمل تحقيق عائد مادي أكبر.
طيلة 20 عاما مضت، اعتاد عبد الفتاح محمد، تخصيص جزء كبير من أراضيه لزراعة قصب السكر، الذي يعد محصولا أساسيا في محافظة قنا، لارتباطه بتوريد القصب سنويا لشركة السكر والصناعات التكاملية بالمحافظة، لكن ذلك اختلف هذا العام، ليقلل مساحة الأرض المنزرعة بالقصب إلى النصف، وزراعة أشياء أخرى تعود عليه بالنفع المادي، لارتفاع تكلفة الزراعة.
"سعر طن القصب قليل جدا ومش مكفي يسدد تكاليف الزراعة"، يقولها عبد الفتاح، الذي وجد نفسه مجبرا بعد ارتفاع تكاليف زراعة القصب من أسمدة وعمالة وغيرها من مصاريف أخرى في ظل انخفاض العائد، بالبحث عن محاصيل أخرى أكثر دخلا من هذا المحصول الذي اعتاد على زراعته لسنوات طويلة على مساحة فدانين: "سعر الطن 1100 وده قليل جدا بالنسبة للتكاليف"، ليقترح عليه أحد جيرانه من المزارعين تحويل تلك المساحة لزراعة المانجو باختلاف أصنافها وأنواعها التي يكثر عليها الطلب من المواطنين يقول "فلوس المانجا ضعف فلوس القصب" يقولها عبد الفتاح.
"كل جنينة وليها سعرها وأقل واحدة تجيب فلوس أكتر من القصب"، يستكمل عبد الفتاح صاحب الـ52 عاما، بحسب ما أخبره جاره الذي قام بتحويل مساحة أرض "فدان" لديه إلى جنينة، وجنى أولى ثمارها العام الماضي بزيادة أكثر من الضعف مقارنة بمحصول القصب يقول عبد الفتاح "كل حاجة سعرها زاد وتكلفة الزراعة بقت صعبة على الفلاحين"، لذا وجد أن الحل الأمثل هو الاستجابة لنصيحة جاره واستغلال الأراضي التي يملكها في زراعة محصول أكثر دخلا.
أحد أبرز الزراعات التي اتجه لها بعض مزارعي الوجه البحري، كانت "لب الكاوتش" الذي ينتج الفدان منه ما بين 600 كيلو إلى 800 ويستخرج من البطيخ، ولا يحتاج الأمر سوى 90 يوما، ثم بيعه أو تصديره.
"الفلاح في الوقت الحالي ممكن يجري خلف الربع جنيه الزيادة"، على نفس المنوال يقول عبد الكريم الحسيني نقيب الفلاحين في الشرقية، مبررا الأسباب التي تدفع العديد من الفلاحين التخلي عن زراعة بعض المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز والقمح وغيرها، والبحث عن محاصيل أخرى أكثر دخلا لزراعتها قائلا "العمالة بقت غالية جدا والجاز غالي والفلاح معذور"، لذا يرى أنه من الطبيعي توجه بعض الفلاحين إلى محاصيل أخرى أكثر دخلا.
"في محاصيل رغم إن دخلها قليل بس لازم نزرعها"، يستكمل عبد الكريم، الذي يجد نفسه مضطرا لزراعة الأرز على الرغم من قلة دخله مقارنة بمحاصيل أخرى، لما يمثله الأرز من محصول أساسي للغذاء لكافة المصريين يقول: "لازم نزرع الرز عشان التوريد وخريطة الجمعية الزراعية"، التي تلزم الفلاحين بزراعة بعض المحاصيل في وقت معين وتوريد أطنان معينة من تلك المحاصيل الاستراتيجية إلى الصوامع بكل محافظة: "الرز مهم جدا بس كمان المفروض الدولة تراعي الفلاح أكتر من كده".
يقارن "عبد الكريم" تكاليف زراعة 3 أفدنة من الأرز وما يدرونه من ربح، مقارنة مع تكاليف السماد والعمالة والري : "الفدان بالعافية يجيب 3 طن رز والطن سعره مختلف بـ15 ألف جنيه"، بينما تقارب تكلفته الـ9 آلاف جنيه من أسمدة وري بخلاف المجهود الشخصي الذي يبذله المزارع وأولاده في خدمة الأرض: "الفلاح يطلع من أول الصبح كل يوم هو وأولاده ويروح المغرب"، موضحا أن تكلفة ري القيراط الواحد ارتفعت إلى 150 جنيه بينما ارتفع سعر حرث القيراط إلى 90 جنيها.
يتفق سعد الدالي نقيب الفلاحين في بني سويف، مع كلام عبد الكريم الحسيني، الذي يرى أن الفلاح من السهل أن يقوم بزراعة أي محصول تحتاج له الدولة ولكن بشرط أن يكون هناك تعاقد يوفر له تكاليف زراعة هذه المحاصيل يقول: "الفلاح لما يلاقي أنه مرضي هيلتزم بزراعة أي محصول"، مضيفا أن الفلاحين يعانون من ارتفاع تكاليف الزراعة مع قلة الإنتاج، حيث وصل إيجار الفدان إلى 14 ألف سنويا بجانب ارتفاع تكاليف السماد يقول: "شيكارة السماد بقت بـ480 جنيه"، بجانب ارتفاع أسعار المواد البترولية حيث يحتاج الفلاح أسبوعيا ما يقارب من 300 جنيه سولار لري أرضه: "التكاليف دي كلها المفروض من إنتاج الأرض"، لذا ليس هناك حل آخر أمام الفلاح سوى البحث عن زراعة أشياء تعينه على الإنفاق.
"السنة الفاتت القطن سعره ارتفع عشان كده هنزرع"، يستكمل الدالي، الذي ينوي زراعة القطن بعدما شهدت محاصيل العام الماضي ارتفاعا كبيرا حيث وصل سعر القنطار الواحد إلى 6 آلاف جنيه مقارنة بالأعوام الماضية التي لم يتخطى فيها الألف جنيه نتيجة فتح التصدير: "لأول مرة من سنين السعر يوصل كده"، مما دفع بالعديد من الفلاحين إلى زراعته خلال العام الحالي.
"محدش يقدر يستغنى عن القمح"، يستكمل الدالي، وذلك لما يمثله القمح من قوت أساسي للأهالي في محافظات الصعيد مثل غيره: "إحنا بنزرع عشان نورد وكمان عشان نعمل منه عيش شمسي"، بجانب ارتباط المزارعين بتوريد 12 أردب من القمح على كل فدان: "الفدان يجيب أكتر من 12 أردب من القمح"، لذا هناك فرصة أمام الفلاحين بتقسيم المساحات لزراعة أكثر من نوع محصول في آن واحد: "الفلاح بيهندس في أرضه يعني ممكن يزرع قطعة أرض عشان التوريد والتانية تجيب فلوس".
فيديو قد يعجبك: