إعلان

"نفحات رمضانية" يقدمها الشيخ محمود الهواري: آداب الأسواق (24)

12:21 ص الإثنين 18 مايو 2020

الشيخ محمود الهواري

كتب - محمد قادوس:

في حلقات خاصة لـ"مصراوي"، وعلى مدار الشهر الفضيل، يقدم الدكتور محمود الهواري، عضو المكتب الفنى لوكيل الأزهر، وأحد خطباء الجامع الأزهر، إطلالة رمضانية روحانية تتجدد مع أيام هذا الشَّهر الطَّيِّب، متعرضا لنفحات إيمانية قيمة ونصائح نبوية غالية، ومنها آداب الأسواق.

يقول الهواري، عبر فيديو خاص نشره مصراوى عبر صفحته الرسمية على فيسبوك:

يتردَّد الصَّائمون كثيرًا على الأسواق في شهر رمضان، فبعض الصَّائمين يذهب للسُّوق من أجل حاجات بيته، وبعضهم يذهب لحاجات غيره، وأغلبهم يذهبون لحاجات العيد قرب ختام الشهر، فلا يستغني النَّاس عن الأسواق في الجملة.

وبالرغم من أهميَّة الأسواق في دنيا البشر، إلَّا أنَّها قد ينتشر فيها الغشُّ والخداع، والأيمان الكاذبة، والغفلة عن ذكر الله عزَّ وجلَّ، والمكان بحسب ما يغلب عليه، فإذا كان فيه دين وخلق كان من خير بقاع الأرض، وإذا انتشر فيه الكذب والغشُّ والزُّور، فهو من أبغض الأماكن إلى الله؛ ولذا يقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»[صحيح مسلم].

ولـمَّا كان النَّاس لا يستغنون عن الأسواق، وجب عليهم التَّعرُّف على آدابها، ومن أهم آداب السُّوق:

أولَّا: دعاء دخول السوق:

وإذا بدأ الإنسان بذكر الله تعالى عند دخوله السُّوق كانت بداية صحيحة مصحِّحة لما يأتي بعدها، فالذِّكر في موطن الانشغال، واليقظة عند الغفلة، ممَّا يعظم أجره، يقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من دخل السُّوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيءٍ قديرٌ - كتب الله له ألف ألف حسنةٍ، ومحا عنه ألف ألف سيئةٍ، ورفع له ألف ألف درجةٍ»[سنن الترمذي].

ثانيًا: التزَام الصِّدق في المعاملة:

وبعض النَّاس قد أغرتهم الأموال، والمكاسب العالية، فغضوا الطَّرف عن طلب الحلال، لكنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- خرج يومًا على أصحابه، فرأى النَّاس يتبايعون، فقال: «يا معشر التُّجار»، فاستجابوا لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: «إنَّ التُّجار يبعثون يوم القيامة فجارًا، إلا من اتَّقى الله، وبَرَّ، وصدَق» [سنن ابن ماجه]، ولم يستثن من وصف الفجور من برَّ وصدق من التُّجار فحسب، بل جعل من لزم الصِّدق منهم قرين النَّبيين والصِّدِّيقين والشُّهداء يوم الحشر، يقول النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «التَّاجر الصَّدوق الأمين مع النَّبيِّين، والصِّدِّيقين، والشُّهداء» [سنن الترمذيّ]

ثالثًا: احذَرِ الغشَّ والمكر:

وبعض النَّاس يرى أنَّ خديعة النَّاس في السِّعر، أو في الخامة، أو أيّ شيء ممَّا يتعلَّق بالسِّلعة، يعدُّه مهارة، ولباقة، وحصافة، ولا يدري أنَّ إخفاء عيوب السِّلعة يمحق البركة من الصَّفقة، يقول النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، - أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدَقا وبيَّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتَما وكذَبا، مُحِقَتْ بركةُ بيعهما»[متَّفق عليه].

وقد مرَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: «ما هذا يا صاحب الطَّعام؟» قال: أصابته السَّماء يا رسول الله. قال: «أفلا جعلته فوق الطَّعام كي يراه النَّاس، من غشَّ فليس منِّي» [صحيح مسلم]

رابعًا: السَّماحة في البيع والشِّراء:

وهذا خُلقٌ عظيم يجب أن يكون في أسواقنا، والسَّماحة أصل في المعاملة في الإسلام، دعا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لكلِّ مَن سامَح وتسامح، فقال: «رحِم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى»[صحيح البخاري].

ومِن السَّماحة: أن يقبل البائع رجوع السِّلعة إليه من المشتري إذا لم يتلفها، إن بان له ألا يشتريها، وهذا ما يسمى في الفقه الإقالة، وقد بشَّر النَّبيُّ –صلَّى الله عليه وسلَّم- أهل السَّماحة بقوله: «مَن أقال مسلمًا، أقاله الله عثرته يوم القيامة»[ابن ماجه، وأبو داود]

خامسًا: تجنُّب كثرة الحلف:

وما أكثر الأيمان المتنوعة في الأسواق، بالله وبكتابه وبرسوله وبالكعبة، ومن أسوأها الحلف بالطلاق، وكل هذه الأيمان من أجل أن يبيع السلعة إما بسعر أكبر مما تستحق، أو ليثبت أنَّها جيدة وغير رديئة.

والتَّعرض للحلف مذموم في البيع والشراء، فإن الحلف وإن أنفق السِّلعة، لكن يقابله عدم البركة؛ قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الحلِفُ مَنْفَقةٌ للسلعة، مَمْحَقةٌ للربح»[متَّفق عليه].

والأشدُّ من ذلك أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- رتَّب أربع عقوبات على من يحلف كاذبا ليبيع أو ليشتري، فيقول-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ»، قرأها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ثلاث مرار، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبِل، والمنَّان، والمُنفِّق سلعته بالحلف الكاذب»[صحيح مسلم]

سادسًا: غضُّ البصر عن النَّظر إلى النِّساء اللَّاتي اعتدن أن يخرجن إلى الأسواق.

سابعًا: عدم الانشغال عن طاعة الله، فكثيرًا ما تأخذ صفقات البيع والشراء وقتًا كبيرا يؤخِّر المسلم عن طاعة ربِّه، وقد نهى الله عز وجلَّ عن انشغال المسلم بالبيع والشراء وتركه الصلوات، لا سيما يوم الجمعة، يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[الجمعة: 9]
ومِن صفات الرِّجال: أنَّهم لا يَشغَلهم البيع والشِّراء عن الصَّلاة؛ قال ربنا: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾[النور: 37].

هذه أسواق الدنيا، فكيف بسوق الجنة؟!

عن أنس بن مالكٍ: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إن في الجنة لسوقًا، يأتونها كل جمعةٍ، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بَعدنا حسنًا وجمالًا، فيقولون: وأنتم واللهِ لقد ازددتم بَعدنا حسنًا وجمالًا»[صحيح مسلم].

جاوب واكسب مع فوازير مصراوي , للمشاركة أضغط هنا سارع بخروج زكاة الفطر _ زكاتك هتوصل للمستحقين مصراوي هيساعدك أضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان