لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من فلسطين إلى العالم.. كيف صار نفار "أيقونة" في عالم الراب؟

03:13 م الأحد 13 يونيو 2021

تامر نفار

كتبت-رنا الجميعي:

رُبما إذا لم يولد تامر نفار في مدينة تعجّ بالمخدرات والجريمة، لكان شخصًا آخر، تلك القضايا شكّلته، استفزّته، ليُصبح الآن من أشهر مُغنيي الراب الفلسطينيين، حمله القدر ذات اليوم ليشاهد فيديو كليب لمغني الهيب هوب الشهير "توباك" فتُعيد تشكيل عالمه، ذلك في عام 1998.. نهاية أفول قرن وبداية تفتّح آخر جديد.

لم يُستفزّ نفار بسبب كلمات الكليب وحدها، بل لأن الأغنية يتم تصويرها في شوارع تُشبه شوارع مدينته اللدّ "شكل الفقر، لمّة الشباب على النواصي، البوليس، مفيش كهربا.. شبه عندنا"، يقول نفار في حواره لمصراوي، وقع الشاب الفلسطيني في غرام الهيب هوب "من أول نظرة"، لم تكن إنجليزيته جيدة آنذاك، استعان بالقاموس ليُترجم الأغنية كلمة كلمة، وصار "توباك" إدمان "كنت أروح على مكتبة البلدية وأطبع خمس أغاني، كنت أحوش كل إسبوع حتى أطبعهم". ومن توباك لعالم الراب الواسع تعرّف نفار على آخرين.

1

وبسبب حُبه للراب أصبح نفار "النكتة المركزية" وسط أصدقائه، لكن لحبه للتحدي أخذ تلك السُخرية على محمل الجدً، وقرر كتابة أول أغنية راب في حياته "untouchable" وقام بتسجيلها، يتحدث فيها عن مُشكلة مدينته الأساسية وهي تجارة المخدرات، يقول نفار إنها أكبر مركز لتجارة المخدرات في الشرق الأوسط. وبعدها بدأ الشاب في تسجيل أغانيه عام 1999، حتى حدثت مفاجأة لم يكن يتوقعها.

ذات يوم في العام 2000 استيقظ نفار على إذاعة راديو حيفا تحتفي بأغنيته "من الـ ت إلى الـ أ"، التي يُعرّف فيها نفسه كمغني راب عربي، وحبه لذلك الفن "خصوصًا إنه كان غريب يتغنى راب بالعربي وقتها"، لكن لم يعرف أحد من هو المُغني، كان نفار قد سجّل الأغنية وإذا بالكومبيوتر يتم اختراقه، سُرقت الأغنية وانتشرت في أنحاء الداخل الفلسطيني "لقيتها بتتباع على سيديهات"، من هُنا بدأت شهرة نفار، وبحث راديو حيفا ورائه لمدة شهر حتى عرفوا أنه صاحب الأغنية.

2

بدأت شُهرة نفار تتسع، وخلال عام من محاولاته في كتابة الراب لم يكن فيها أحد سواه على الساحة الفنية العربية، وفي أكتوبر 2000 كانت الحفلة الأولى لنفار في تل أبيب "ومن هون بدأت المشاكل" مع الرابرز الإسرائيليين الموجودين بالحفل، بسبب تناوله للقضية الفلسطينية في أغانيه، لكن شعوره بأنه يحقق شيئًا؛ لم يصل إليه إلا حينما حضر له نحو 2000 شخص بمدينة الناصرة "فهمت إنه فيه شي اتحرك هون".

نهاية القرن وبداية جديد كانت بداية مسيرة نفار؛ ففي الـ2000 تأسست فرقة "دام"، أول فرقة راب فلسطينية، كانت تضم محمود جرير والأخوين سهيل وتامر نفار، وحينما حدثت الانتفاضة الفلسطينية في سبتمبر 2000 لم يقفوا صامتين، يحكي تامر: "وقتها اسرائيل كانت قتلت فوق الألف شخص والعالم ساكت، وبعدها صارت عملية انتحارية داخل تل أبيب قتلت أطفال، العالم احتج على اللي حصل، وبعدها مجموعة يهود هاجموا على مسجد بيافا وصرخوا علينا وقالوا الموت للعرب، وكفى ارهاب"، شعرت الفرقة مع تلك الأحداث بغضب شديد، وأنتجوا أغنية "مين ارهابي".

بكلمات بسيطة غاضبة حكت الفرقة الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون "كيف إرهابي وأنا عايش ببلادي.. انت بتلعب دور الشاهد والمحامي والقاضي"، كانت تلك الأغنية بوابة شهرتهم في العالم كله، فقد تم تحميل الأغنية أكثر من مليون مرة، كما وزعت المجلة الأمريكية المتخصصة في الموسيقى والثقافة الشعبية "رولينج ستون" إسطوانة عليها الأغنية.

كان الراب طريقة تعبير تامر عمّا يتأثر به من حوله، ولمدينته أكبر تأثير في ذلك، وأحد القضايا الأساسية بها كثرة حوادث المشاة من سكان الأحياء العربية في اللد بسبب مفرق السكة الحديد "عندنا أكبر مفرق سكة حديد في فلسطين"، وبسبب ذلك قرر الفريق صنع أغنية حيّة كأنها ثورة خاصة بهم، قاموا بمُعالجة أغنية صهيونية شهيرة تُسمى "وُلدت هنا"، وحولوها إلى أغنية ممزوج بها اللغتين، العبرية والعربية، "كنا عايزين الصهاينة يسمعونا"، نزلت "دام" إلى الشارع ومعهم عدد كبير من المُحتجين على حوادث المشاة، وبنهاية الأغنية انتزع نفار الحاجز عند المفرق، وبسبب الأغنية تم إجراء التحقيقات مع نفار، ولكن الأغنية أحدثت النتيجة المطلوبة "وصلت الأغنية للصحافة العبرية وحصل ضغط على الحكومة، وبعدها تم تأمين المفرق".

منذ 1999 ونفار موجود على الساحة الفنية، لم يغيب "مكنش حد بيكمل في الراب غيرنا"، ظهرت فرق بالفعل لكنها لم تستمر، تدريجيًا صار نفار ذو شهرة تتعدى الحدود، استمر ظهوره المُتألق، وواكب تغيرات الزمن، فما كان يُقال في بداية الألفية، يختلف عما يُسمع الآن، تغير الأسلوب، وعلى مدار سنوات تعاون نفار مع كثيرين، كان آخرهم مغنيي الراب الذين ظهروا في السنوات الأخيرة بفلسطين، فقد قدّم أغاني مع "سينباتيك"، و"بيج سام" في ألبوماتهما الغنائية، يرى نفار أن الجيل الجديد موهوب ومختلف وناجح في التواصل مع المجتمع العربي، كما صار هناك تنوعًا لم يكن موجود من قبل "حتى اللهجة متنوعة.، سام لهجته غزاوية، أنا لداوي، ضبور وشب جديد مقدسيين".

خلال مسيرته تعددت أوجه نفار؛ هناك المغني والممثل والكاتب السينمائي والحكواتي والناشط السياسي، يتأرجح نفار بين هذا وذلك لأجل إخلاصه اللانهائي للراب، فقد واجه ذات مرة حالة توقف؛ حينما توفي والده "حسيت وقتها إني انطفيت، ومكنش فيه أي إلهام"، حينها توقف نفار عن كتابة الراب لثماني شهور "وكانت أكبر فترة توقفت فيها"، لكنه بعدها عاد بوجه جديد؛ وهو الكاتب السينمائي "وقتها كتبت سيناريو فيلم مفرق 48"، وبسبب العمل الفني نجت روح نفار.

من هنا تعلّم التحايل على الراب "أحيانًا بوّقف لصالح حاجات تانية"، ففي الفترة الأخيرة التي احتجّ فيها أهالي حي الشيخ جراح بالقدس وإصرارهم على البقاء في بيوتهم، حيث توجد دعاوي قضائية طويلة الأمد تُطالبهم بإخلاء بيوتهم، انتفضت بسبب الأحداث فلسطين كُلها، وبالذات الداخل المُحتلّ، ومن بينها مدينة اللد "واليوم أنا الناشط السياسي اللي بيتابع الأحداث، بقالي شهرين مبشتغلش راب"، ففي تلك الفترة تواصل نفار مع مُتابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي "وطلعت لايف مع ضبور مغني الراب، ساعة كاملة أغاني من غير حكي، نذكر الناس إن جزء من الثورة هو الفن".

اثنان وعشرون عامًا تواجد فيها نفار على الساحة الفنية، يتحدث فيها عن مُشكلات مدينته والوطن المُحتلّ، كثيرًا ما ذكر كلمة الشتات في أغانيه، حتى حينما حاول أن "يطلع من القضية" علقت المآسي فيه، ففي أغانيه للحبيبة كان يقول "أنا لاجئ في حبك"، وكأن اللغة لا تُريد ترك القضية، وليظلّ الراب في فلسطين مُعبّر بشكل أساسي عن قضايا الوطن المُحتلّ "وبعده فيه الروح".

تابع موضوعات الملف:

رحلة غنيم مع الراب الفلسطيني.. صعود نجم بعمر حصار غزة

2

بعد أحداث الشيخ جراح.. إلى أين وصل الراب الفلسطيني؟ (تقرير)

3

صفاء حتحوت أول مغنية راب فلسطينية.. حين تقدم الموسيقى تحية للنساء (حوار)

4

"الراب".. سلاح آخر يستخدمه الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال

5

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان