لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

العلاقات المصرية الروسية.. ''اشتباكات'' بالغرف المُغلقة ''وردية'' أمام الرأي العام

04:44 م السبت 16 نوفمبر 2013

كتب- محمد مهدي:

ابتسامات السياسين أمام وسائل الإعلام لا تبني أوطانا، والتصريحات عن التعاون المُثمر لا يعكس دائما ما يدور في الأروقة الخلفية، والحديث عن أكبر صفقة أسلحة بين دولتين مجرد حديث حتى يُطبق على أرض الواقع، هكذا يُعلمنا تاريخ الأمم والعلاقات بين الدول، ومؤخرا انتشرت التحليلات والأراء عن مغزى الزيارة الأخيرة لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين سيرغي شايغو، وسيجري لافروف، ووصول الطراد الروسي ''فارياج'' لميناء الإسكندرية، وربطها بأزمة وقف المساعادت العسكرية الأمريكية لمصر، وتردد حديث واسع عن أهمية الخطوة، وأنها صفعة على وجه أمريكا، فيما يذكر التاريخ أمور آخرى عن طبيعة العلاقات في الخفاء، وظهورها في العلن بشكل مغاير للحقيقة.

في 26 يوليو 1956 خرج الرئيس السابق جمال عبدالناصر ليُعلن أمام العالم تأمين قناة السويس، أزعج القرار الدول الكبرى حينذاك فرنسا وانجلترا، وقررا شن حرب على مصر، تلاقت مصالحهم مع إسرائيل، وبدأ العدوان الثلاثي في 29 أكتوبر من نفس العام، وعلى الفور طلب ''ناصر'' من الاتحاد السوفيتي بالتدخل ومد يد المساعدة إليه، لكنهم تخاذلوا، ومع احتدام المعركة بعث إليهم برساله مع شكري القوتلي، رئيس سوريا، وبعد أن قابلهم، نصح مصر بالاعتماد على نفسها فلا أمل اطلاقا في السوفيت ''هذا ما جعلني منذ تلك اللحظة أومن بأن من يتغطى بالسوفييت فهو دائما مكشوف'' هكذا علق الرئيس محمد أنور السادات على موقفهم.

يُنقذ الرئيس الأمريكي أيزنهاور الموقف، ويطلب من انجلترا وفرنسا وإسرائيل الانسحاب فورا، وبعد استجابتهما، يُرسل الاتحاد السوفيتي انذار ''خروشوف'' كاستعراض عضلات، ومحاولة للظهور بمظهر منقذ، يخرج بعدها ناصر إلى الرأي العام يشيد بدور الاتحاد السوفيتي على عكس ما حدث، متجاهلا الإشارة إلى قرار ''اينزهاور'' بالانسحاب، يقول السادات ''الذي جعل هزيمتنا تنقلب إلى نصر كان القرار الأمريكي وليس الانذار الروسي''.

مرة آخرى يضطر الرئيس المصري إلى التحدث أمام وسائل الإعلام والرأي العام بما يخالف الواقع الذي يدور في الكواليس، فبعد تولي ''السادات'' الحكم، يسافر إلى موسكو في 1 و2 مارس 1971 في زيارة سرية، شرح فيها الوضع الصعب بداخل مصر، وحاجاتها للأسلحة، اشتبك خلال حديثه مع قاداتهم موسيجن رئيس الوزراء السوفيتي، والمارشال جريتشكو وزير الدفاع، ورحل من هناك بوعود بارسال أسلحة لم تكن هي المطلوبة، لكن تم الرضوخ لهم لحاجة البلاد الماسة إلى السلاح، ويُفاجىء السادات كما يسرد في مذكراته ''البحث عن الذات'' أنهم لم يرسلوها وتجاهلوه ''هكذا كان السوفييت معنا، دائما يضعونا في موقف لا نملك فيه أن نتخذ قرارا''.

زيارة ثانية من نفس العام يخوضها السادات إلى الاتحاد السوفيتي، كتم غيظه منهم بسبب الإهمال المتعمد، طلب أسلحة لأنه أعلن أن عام 1971 سنة الحسم، ''يا جماعة أنا أقبل أن تضعونا خلف إسرائيل بخطوة، ولكن أن تكون المسافة بيني وبين إسرائيل عشرين خطوة فهذا أمر لا يحتمل''، يتلقى وعود لكن يمر العام بدون حرب لأنهم لم يرسلوا الأسلحة، يرد السادات على موقفهم المتخاذل، بالدفاع عنهم أمام الشعب على غير الحقيقة ''في يناير 1973 لم أطلع الناس على الحقائق، بالعكس كنت أدافع عن الاتحاد السوفيتي في جميع أحاديثي وخطبي''.

الكاتب الصحفي صلاح عيسى، يرى أن التاريخ يحمل صفحات آخرى جيدة في علاقتنا بالاتحاد السوفيتي، حيث تلقت مصر دعم كامل من السوفييت في بناء السد العالي، ومصانع عديدة، وعوضت البلاد عن جميع الأسلحة التي خسرتها عام 1976 دون مقابل، وقاموا بتشييد حائط الصواريخ لحماية العمق المصري من الغارات المصرية، معتبرا أنها أحد العوامل المهمة في تحقيق نصر أكتوبر.

وعلل عيسى ما ذكره ''السادات'' عن امتناع روسيا في ارسال بعض الأسلحة في لحظات هامة في عمر الوطن قائلا: العلاقات الدولية لا يفترض فيها أن يأتي الحليف الأجنبي ليخوض الحرب معك أو بالنيابة عنك، لكن يزودك بقدر ما يستطيعه وما يتعلق بسياسيته في هذا الوقت، ولكن هذا لا يعني أنه لم يقدم شيئا.

فيما أكد الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، أن التصريحات الإيجابية بين مصر وروسيا، تدل على وجود درجة جيدة من الثقة متفق عليها بين الدولتين في الغرف المغلقة، وأن تلك الخطوة درجة من المرونة في علاقتنا الخارجية مع دولة متعددة، لكنه لا يرجح الحصول على أي مساعدات مالية من روسيا، لأن الأمر لا يتعدى مجرد تعاون وشراكة نتطلع لتطبيقها سريعا، بالإضافة إلى عدم احتياجنا لهم، لأن لدينا دعم من دول الخليج.

وأعتبر اللاوندي، أن حجم موسكو السياسي أقل بكثير من واشطن، موضحا أن الضغوط الأمريكية على مصر في الأونة الأخيرة بعد 30 يونيو وقطعها للمعونة العسكرية، ودفعها لدول أوروبا أن تقف في صفها، أسباب جعلتنا نتجه إلى موسكو، ولكن لا يمكن أبدا أن تحل مكان واشنطن.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان