شباب في صف ''الغلابة''.. ''ومن البطانية حياة''
كتبت- دعاء الفولي:
تمر عليهم في طريقك يوميا، تنظر لهم بعين الشفقة، ينظرون إليك بعين السؤال، تبحث في جيوبك عن بضع جنيهات لتدسها في يد أحدهم، وتتركهم راضيا، قد تكفيهم النقود للطعام، إلا أنها لا تبعث دفئا في الليل عندما يبيتون على الطرقات سواء لعدم وجود مأوى أو لأن عملهم يستدعي ذلك.
شتاء مصر لم يعد دفيء ممطر شتاءا كما قالت مناهج الدراسات الاجتماعية، بل أصبح قارس، تأتي موجاته على فترات ليست بعيدة ومعها مخاوف المرابطين في العراء أو الذين لا تكفيهم حوائط منازلهم المتهالكة ولا تسد عنهم زمهريرا، ومع دخول الشتاء تظهر الرحمة في قلوب الذين يحاولون بإمكانيات قليلة المساعدة، سواء من خلال توزيع بطاطين على فقراء العشوائيات أو ملابس على عمال النظافة في الشارع.
هندفّيهم..
كانت حياته بلا معنى لكثيرين، لكن موته أصبح حدث؛ رغم أن حالة محمد الرجل الفقير الذي مات على الرصيف المقابل لمستشفى إمبابة من فرْط البرد، ليست جديدة، لكنها جعلت البعض يُفكر بطريقة مختلفة؛ وذلك عندما حاولت كل من عبلة عاطف ومنى ماهر توزيع بطاطين على أهالي إمبابة من الفقراء خوفا من وجود آخرين كمحمد، وتطور الأمر فأصبحوا مجموعة أكبر قررت تجميع قدر من الأموال وتوزيعها على فقراء العشوائيات بشكل عام وساكني المقابر ومن لا مأوى له.
''بدأنا تجميع البطاطين يوم 19 ديسمبر'' قال محمد حسين، أحد مسئولي حملة ''هندفيهم''، حيث استطاعوا من خلال الحملة تجميع أكثر من 150 بطانية، بدأوا في توزيعها بمنطقة تل العقارب بالسيدة زينب، حيث تم توصيل أكثر من 75 بطانية لأسر فقيرة هناك بعد بحث حالتهم.
''الناس اللي بلا مأوى بنوزع عليهم أحيانا وسط توزيعنا على سكان العشوائيات''، قال حسين، موضحا أن هناك أماكن قام شباب الحملة بتوزيع البطاطين فيها على بعض سكان الشارع، مثل منطقة القصر العيني وإمبابة وغيرها، بالإضافة لحملة أخرى ستنطلق السبت القادم لتوزيع بطاطين على 90 أسرة بمناطق الخلفاوي ودار السلام وبعض سكان المقابر.
أكبر عقبة تواجه شباب الحملة هي الحالة الأمنية لبعض المناطق، خاصة العشوائية التي لا يتوفر فيها عناصر شرطية، فمثلا ''لما كنا في تل العقارب اضطرينا نمشي قبل ما الدنيا تضلم خوفا على البنات بسبب الحالة الأمنية للمنطقة''، بالإضافة لاعتراض بعض سكان المنطقة لعدم حصولهم على بطاطين وذلك لأن ''احنا بنبقى دارسين المكان قبل ما ننزل، ونازل معانا مرشد عارف المكان والناس، وللأسف كان فيه ناس بتتاجر بالفقر وهي مش محتاجة وكانوا بيطالبونا ببطاطين، وبيقولوا اشمعنى''.
معاطف لعمال النظافة
يتلقّى الناس في الغالب بابتسامته المعهودة، وكلمات يكررها ''كل سنة وانت طيب''، بمناسبة أو بدون، يرتدي زيا خفيفا في الصيف ومثله في الشتاء أو يزيد قليلا، يفحص القمامة فقد يجد فيها ما يريد. ''مرة شُفت عامل نظافة بيدور في عربية القمامة ولقى عود قصب، أكله، وبعدين كمل شغل''، كان هذا الموقف الذي جعل سارة أحمد تُفكر في مساعدة عمال النظافة بشكل عام.
''احنا بدأنا مع عُمال النظافة من رمضان الماضي، عملنا لهم إفطار جماعي''، قالت سارة عن محاولتها ومجموعة صغيرة من أصدقائها مساعدة الفئة، واستمرت المحاولات حتى جاء شتاء هذا العام، فقرروا عمل حملة جديدة لتوزيع معاطف تقيهم البرد، وبالفعل استطاعوا تجميع أول 25 معطف.
قررت المجموعة النزول لمنطقة المرج كبداية، حيث يتواجد بها عدد معقول من العمال وتتسم ببعدها عن الحضر لحد ما، أما المعاطف التي وزعوها فمنها الجديد ومنها المستعمل.
مشروع سارة ومن معها في الأصل غير مختص بعمال النظافة، بل بمحاولة تجميع أموال لعلاج الفقراء، ولكن ''لما دورنا لقينا إن عمال النظافة أحوج للفلوس في أحيان كتيرة، بجانب إن مشروعنا الأصلي لعلاج الفقراء لازال مستمر''.
انتهاء حملة تجميع المعاطف لعمال النظافة ستنتهي بانتهاء موسم الشتاء على حد قول سارة، وبعد انقضاء الشتاء ستظل فكرة مساعدة تلك الفئة قائمة بطرق مختلفة حسب احتياجاتهم المختلفة.
لمعرفة ومتابعة نتائج الاستفتاء على الدستور..اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: