لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصر رمز "الميزان".. ولسه العدل غياب - بروفايل

11:42 ص الأحد 18 أكتوبر 2015

كتب-إشراق أحمد:

في آخر انتخابات برلمانية سبقت ثورة الخامس والعشرين من يناير، تهيأ المترشحون لمجلس الشعب للنيل بمقاعد البرلمان، جهزوا عتادهم المحسوم نتائجه للحزب الوطني، فيما كانت النار تغلي بالعروق بعد واقعة مقتل الشاب العشريني ابن الإسكندرية "خالد سعيد" على يد أمناء شرطة في 6 يونيو 2010، واتهامه بأنه "بلع لفافة بانجو"، حينها خرجت دعوات مواجهة زيف "العرس الانتخابي" الذي لم يأت بأي ثمار طيلة 30 عام بانتخاب رمزي لـ"شهيد الطوارئ" مانحين له رمز "الميزان"، واستوت كفتيه بمطلبين "لا للتعذيب.. لا للطوارئ"، وعلت الأصوات "البلد دي بلدنا" وليس عن "العدل" بديل.

يعتبر الكثير أن العدل والميزان كلمة واحدة، إذا ذكرت الأولى انطبع بالعقل صورة الثانية، حتى أن الألسن جمعتهم في جملة شهيرة "الميزان رمز العدل"، تداولت حتى بات وقعها مثل تحية الصباح، يلقنها الأستاذ للتلميذ، ويتمازح البائع حين يتهمه المشترى بالتلاعب "الميزان مبيكدبش"، بينما رفعها السياسيون شعارا، قريب لنفس المصريين، خفيف على لسانهم، غير أنه طالما كان بعيد المنال، ثقيل على الرضوخ لقواعده.

المعروف أن "الميزان" يتأرجح بالأشياء، يوزنها، يعطيها مقدارها، حقها، كأنه خُلق ليكون حرا، منفردا بلا مساس، إلا من موازين دقيقة تليق بعمله، لكن العقول الفاسدة ما تركته دون انتهاك، تلمع عيناها بميل كفتيه، تتنازعه الأيدي، يزعم كل منها قوامها على العدل، تتخذه رمزا، ملحق بتبرير مُلجم "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت"، قولها محفوف بالصخب، فيما الفعل بلا طحين، تصيح بكرهها للمطففين، وما فعلها عنهم ببعيد.

صورة-1

حين قامت الثورة، كانت قد سأمت تحمل "الجمل" – رمز اشتهر به الحزب الوطني في الانتخابات، وعلت الأصوات وبقدر صداها حلق الأمل والحلم، بسماء مصر جديدة، تضع أقدامها علشى أعتاب وأد الفساد، واحتضان أهلها بعد سقوط "كدابين الزفة"، كرهت النفوس رؤية "الهلال" –رمز الحزب الوطني في الانتخابات- وهي الحريصة على موروثاتها، تأكدت أنه لم يكن يوما كما زعموا "من أجلك أنت ومستقبل أولادك" بل من أجلهم هم، لتتلقف ثاني القوى السياسية المنظمة بعد الحزب الحاكم لثلاثين عاما مقاليد الانتخابات الرئاسية، ويسقط مع "الإخوان" المعنى المرجو، باتخاذهم "الميزان" شعارا، فما رجحت كفتهم، وما استقام العدل.

مرة ثانية كُرّهت النفوس فيما تحب، وبات التكرار ابتذال للمعنى، ونالت نار الغضب من الكثير، اعتبروا "الميزان" رمز موصوم، لا يحق له التواجد في قائمة المرشحين لانتخابات مجلس الشعب 2015، وبلغ الأمر إلى خروج اللجنة العليا للانتخابات لتأكيد أنه بين قائمة رموز المرشحين، وأن المرشح له الحرية في اختياره من عدمه، غير أن رموز المرشحين الفرديين والقوائم خلت من كل الرموز سابقة العهد، واتخذت من شعارات "التغيير" والعهد الجديد، وحب مصر وغيرها بديلا، مقابل خروج الأصوات مرة أخرى بعد خمس سنوات بقوائم رمزية تفاعلية تحت اسم "افرجوا عن مصر" للحديث عن "المعتقلين"، رافعين الشعار ذاته "تحيا مصر بالعدل".

"ا.لـ.م.يـ.ز.ا.ن" كلمة من سبعة أحرف، ما أسهل كتابتها، لكن الطريق إليها يبعد يوما تلو الآخر، بمؤشرات تؤكد أن الميزان لا يستقم إلا بالرسم الموضوع على مبنى دار القضاء العالي، أو خلف القضاة بساحات المحاكم، فيما خارجه تصدح التقارير أن نسبة الفقر تشمل أكثر من ربع السكان –وفقا لأخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2012/2013، وأن مصر رقم 100 بين 144 دولة في مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية للبنية التحتية، فيما تحتل الترتيب 97 في تحقيق المتطلبات الأساسية من صحة وتعليم، أما حرية الصحافة فهي الدولة رقم 158 من 180 دولة –حسب جهاز الإحصاء، فيما يُبح صوت الجهات الحقوقية للإفراج عن "المعتقلين" على خلفية أحداث سياسية المقدر عددهم بالآلاف، والمختفين قسريا البالغ عددهم وفقا للمجلس القومي لحقوق الإنسان في آخر تقرير أكثر من 163 حالة بين شهري إبريل ومايو، في الوقت الذي تخرج بها الجهات المسؤولة، ووزارة الداخلية نافية انتهاكات.

لم يستقم "الميزان" يوما، طالما كان مختلا، رغم اختلاف القائمين عليه، يُنادي بميزان من دهب، فيما يستحضر أخر، لا تُعرف هويته، ولا أي كفة ترجح، يُسأل عن موازينه، فتأتي الإجابة "القانون.. مفيش حد فوق المسائلة"، بينما تتكالب يوما تلو الأخر أسهم الفاسدين، أصحاب "الصوت العالي"، والأيدي المدرجة بالدماء، والأموال سيئة السمعة، تنبش بمخالبها مكانا لها على كفتيه، تزيح المنادون بـ"الميزان" بينما يقفون على حافة هاويته. 

 

تابع اخر أخبار المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان