سهير حواس.. معمارية ترفض إزالة مبنى "الوطني": "يُخصنى"
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت - إشراق أحمد:
لا يدرك تعب المعماري وتألمه على مبناه إلا نظيره من بني جلدته، أو مَن يهوى العمارة بشكل عام، لذلك وقفت سهير حواس أستاذ العمارة بكلية هندسة القاهرة ضد قرار هدم مبنى "الحزب الوطني" الذي أصدره مجلس الوزراء يوم 16 إبريل الجاري، لا يعنيها الحكم على مَن ارتادوا المبنى، إن أساءوا أو أحسنوا بل كل همها قيمة البناء، وعدم اللجوء إلى "البتر" من منطلق "الراحة"، طالما بالإمكان الاستفادة منه.
قيمة رمزية تاريخية وهندسية تراها "حواس" في المبني، الذي "ظُلم بتسمية الحزب الوطني" حسب قولها، بمجرد الحديث عن البناء، تنساب الكلمات منها عن المعماري "محمود رياض" من قام بإنشاء المبنى، وهو "واحد من رواد العمارة المصرية في النصف الأول من القرن الـ20"، ومَن قام بتصميم مبنى جامعة الدول العربية.
"بلدية القاهرة" هو الاسم الذي لازالت تصف به "حواس" المبنى، فهو الاختصاص الأول له منذ بناءه في الستينيات قبل أكثر من 50 عاما، وحتى تحول إلى مقر للاتحاد الاشتراكي العربي وأخيرا إلى مبنى يضم عدة مؤسسات من بينها مقر الحزب الوطني.
أحداث عديدة شهدها المبنى آخرها ثورة 25 يناير، تعتبرها أستاذ العمارة أنها كفيلة بإعادة النظر في قرار الهدم باعتباره الوسيلة الوحيدة أمام البناء من مبدأ "خلينا نخلص".
هدم المبنى في نظر "حواس" لن يحدث سوى "خلل في ذاكرة المكان"، فكل ما يتعلق بالقاهرة الخديوية "بحس أنه يخصني" كما تقول أستاذ العمارة، فضلا عن إمكانية إعادة توظيف المبنى بدلا من إزالته، والتي تراها ممكنة "الهندسة مفيهاش مستحيل.. نقدر نرمم ونعيد الأعمدة اللي اتأثرت".
3 كتل يتكون منها المبنى المطل على كورنيش النيل، تفصل "حواس" تكوينه بأنه عبارة عن "برج كبير" وهو المبنى الرئيس ذو 12 طابق، وثانية بالخلف بين –البرج- والمتحف المصري "وده سقفه انهار فعلا"، وثالثة بارتفاع منخفض وهو مقر الحزب الوطني المطل على الكورنيش، ووفقا للجنة المتخصصة المعاينة للمبنى في مايو 2011، والتي كانت "حواس" بين أعضاءها، فإن الكتلتين الثانية والثالثة ما تأثرت بالحريق الذي نال المبنى في 28 يناير 2011 ، وخرج التقرير الإنشائي بحالة المبنى التي لم تكن سيئة لدرجة هدمه، باستثناء الكتلتين الثانية والثالثة، بينما المبنى الأكبر لم يتأثر بشدة حسب أستاذ العمارة "ولو وجدنا إن مفيش فايدة منه كنا أقرينا هدمه".
كانت "حواس" كذلك بين اللجنة التي تم تشكيلها بموجب قانون 144 لسنة 2006، التي عاينت المبنى لتسجيله ضمن المباني التراثية، وصدر قرار التسجيل في 2009 وهو ما استندت عليه أستاذ العمارة لمنع قرار هدم المبنى، الذي سبق أن صدر العام الماضي، بدعوى إزالته ليكون حديقة تابعة للمتحف المصري باعتبار أرضه امتداد له، غير أن "حواس" بعد بحث الوثائق وجدت "أن أرض المبنى مالهاش امتداد للمتحف"، وشكلت بمعاونة عدد من أساتذة العمارة حملة ضد الهدم، وتم اخطار مجلس الوزراء، وجُمد بعدها القرار، الذي تفاجأت السيدة بتجديده قبل أيام.
عودة القرار مرة أخرى في نظر أستاذ العمارة، يأتي في إطار وجود إرادة سياسية لمحو كل السلبيات المتواجدة بمنطقة التحرير، مما دفع لاتخاذ موقف ليكتمل الوجه الحضاري، وهو ما لا تعارضه "حواس" لكن العجلة في اتخاذ القرارات خاصة بشأن مبنى تاريخي –كما تصفه- أمر غير مقبول رغم ذلك.
فندق، مبنى إداري أو حتى مقر سكني، أمثلة لا تعارضها لما يمكن استغلال المبنى بدلا من هدمه، حتى أن يمكن وفقا لها طرح مسابقة لتقديم وسائل مقبولة للاستفادة منه "قبل ما نقول نشيله"، لكن ذلك لم يحدث حسب قولها، فالسمعة التي ارتبطت بالمبنى كان لها أثر بالغ في نظر أستاذ العمارة للوصول إلى مرحلة إقرار الهدم، رغم وجود العديد من النماذج لمباني نالها ما أصاب مقر "الحزب الوطني" لكن لاقت مصير مخالف.
المجمع العلمي، مقر مجلسي الشعب والشوري، مديرية أمن القاهرة، أقسام الشرطة، وغيرها من المباني التي لاقت التدمير في فترات مختلفة، لكن تم ترميمها رغم صعوبة الأمر، وعن الأول قالت استاذ العمارة "خلال 6 شهور وكان وقت قياسي لكن تم إعادة ترميم المبنى كنوع من التحدي ليكون رمز للوقوف ضد الدمار"، فلا يعني تأثر مبنى بحريق أن يُزال، ولا كل مبنى ارتبط بسمعة سيئة أن يهدم "وإلا هنهدم مباني كتير في مصر" حسب قول "حواس".
ارتفاع التكلفة المتكبدة لإعادة توظيف المبنى مقارنة بهدمه، هو أحد المداخل المبررة التي أدت إلى قرار الإزالة حسب قول "حواس"، التي ترى في ذلك عوج بميزان التقييم، لإغفال قيمة المبنى، فضلا عن أن لا يجوز اللجوء إلى "البتر" قبل محاولات العلاج وفقا لأستاذ العمارة.
زيارات متعددة قامت بها أستاذ العمارة للمبنى الحكومي، تصف نفسها أنها لا تنتمي للمكان، لكن حسها المعماري، وارتباطها بالمباني يجعلها لا تنظر له كحجر سهل أن يُزال، ولها في ذلك منطق "المباني من حجر أه لكن بعد البناء وبعد ما يسكنها البشر مبتفضلش طوب وحجر"، لذلك بين الحين والآخر كلما مرت قرب المبنى أو عاينته بحكم عملها، نظرت له بتأثر وحدثت نفسها "مش عارفة أنا جاية أعاينك وأدافع عنك ولا أودعك".
فيديو قد يعجبك: