بسبب ارتفاع الأسعار.. "فطار الشَعب" لم يعد في متناول "عبدالحميد"
كتب- أحمد لطفي:
لا تزال الطبقة الفقيرة تعاني من تداعيات القرارات الاقتصادية الأخيرة التي تتطلب إجراءات قاسية في سبيل إصلاحات منشودة. "عبد الحميد" عامل نظافة يعد مثالاً من الطبقة التي تصرخ في وجه تلك الاجراءات للحد من ارتفاع الأسعار.
يستيقظ عبد الحميد (اسم مستعار) في السادسة صباح كل يوم؛ تاركًا زوجته المريضة وهمومه الحياتية ليجلب لهما "لقمة العيش". يستقل أتوبيس النقل العام من حي العياط بمحافظة الجيزة إلى منطقة أرض اللواء، وعلى ظهر سيارة نصف نقل يجتمع عبد الحميد مع زملاء مهنته في انتظار توزيع "المقاول" كلا منهم على المنطقة المُكلف بتنظيفها.
عبد الحميد، يعمل باليومية في حي العجوزة بالتنسيق مع "المقاول" مقابل 25 جنيهًا في اليوم الواحد، "بشتغل من الساعة 7 إلى 12 ظهرًا أو 1 ظهرًا حتى 6 مساءً، وباخد الشارع من أوله لأخره وبخليه فلة".
بعدما أجريت زوجته عملية في الرحم أدت إلى استئصاله؛ تقلص راتبه للنصف بسبب الأدوية والدكاترة "بقبض 750 جنيه في الشهر وباشتغل طول الأسبوع من غير إجازات لأني محتاج الـ25 جنيه".
لم يعد بإمكان عبد الحميد الآن تناول الفول والفلافل مثل غيره من الطبقة الفقيرة "قرص الطعمية بنصف جنيه بطلت أجيبها، بدور على حتة جبنه أو خيارة وربك بيرزق".
طيلة 18 عامًا، يخرج الرجل الخمسيني في إحدى تلك الفترتين لجلب الأموال حتي يضمن لأسرته حياة كريمة "الحمدلله جوزت كل أولادي وقاعد مع مراتي بنونس بعض في البيت"، فعبدالحميد لديه ولدان وابنتين.
"كنت باخد 270 جنيه زمان ويا ريتني فضلت أخدهم لأن الناس اختلفت"، مبررًا أنه كان يُرزق من المارة وأصحاب فعل الخير حينها، إنما حاليًا "مفيش حد شايف التاني، الغني بَطل يبص على الفقير"، فعمل عبدالحميد طيلة تلك السنوات كعامل نظافة في مناطق كُثر منها الحُسين وباب اللوق والعمرانية وأخيرًا حي الجيزة؛ كلها ترجع لتكليف المقاول.
غياب عبد الحميد عن المدارس نظرًا لظروفه المادية منعه من التسلح بالعلم؛ وجعله من الصعب أن يُوظف في الحكومة التي كانت حلمًا لأي شاب في أواخر السبعينات، طبقًا لمثل "ان فاتك الميري اتمرغ في ترابه ولقيت كل حاجة قدامي متقفلة".
يعشق عبدالحميد، الشاي، ولكنه معظم الوقت يشربه خارج منزله، وقبل إنهاء لقائه مع مصراوي بسبب نظرات المقاول "بيجي كل شوية يراقب إحنا بنشتغل ولا لأ".
"أعاني بالفعل أزمة حقيقية"، ولكنه يثق بأن الفرج من عند الله؛ أملاً في مستقبل أفضل .
فيديو قد يعجبك: