إعلان

بعد تفجير البطرسية.. مصراوي يحاور مَعلم الألحان بالكنيسة

09:42 م السبت 17 ديسمبر 2016

عماد ثابت مع المعلم ابراهيم عياد

كتب- محمد زكريا:

منذ إحدى عشرة عامًا، قدم "عماد ثابت" من مدينة سمالوط بمحافظة المنيا إلى القاهرة، استقر بها، وفي العام 2008 وطأت قدماه خدمة الكنيسة البطرسية بالعباسية.

خلال الثماني سنوات، طول مدة عمله بالكنيسة الكائنة بشارع رمسيس، كانت الأمور تسير بشكل اعتيادي، الهدوء يغلف أرجاء الكنيسة الملاصقة للكاتدرائية المرقسية، الخشوع يُلازم الصلاة حتى نهاياتها، تُرفع الترانيم والأناشيد الروحية، يُرتل ثابت مَعلم الكنيسة البطرسية الألحان، يُردد الصلوات وراء القس، لا يتخلف عن الصلاة إلا لظروف شديدة القسوة.

الأحد الماضي، توجه مَعلم الألحان صوب الكنيسة البطرسية كعادته اليومية، عد نفسه لمراسم القداس، وفي حوالي الثامنة صباحًا كان ثابت بداخل القاعة العليا للكنيسة استعدادًا لبدء الصلاة.

بدء القداس في حوالي الثامنة والنصف صباحًا، أضطر ثابت التخلف عن الصلاة؛ "كان عندي برد شديد"، وقف على يسار القاعة، وقبل انتهاء مراسم التضرع الآلهي بنصف الساعة، سمع المَعلم ضوي الانفجار، اهتزت الأرض من تحت قدماه، سقف الكنيسة "كنت مُنتظر أنه كله يقع علينا".

هرع ثابت داخل القاعة "اللي بيصلي فيها أبونا.. لقيت إصابات خفيفة"، هرول إلى الأسفل للاطمئنان على حالة المصليين، توجه إلى مقاعد السيدات حيث موضع الانفجار "معظم السيدات أتصابوا حتى السليم كان مغمى عليه"، بدء رفقة آخرين إنقاذ فاقدي الوعي "بقينا نفوقهم وننقلهم برة ومنها على المستشفيات"، غير أن الأشلاء البشرية المتناسرة بين الركام؛ لم تسعفه الاستمرار بالعمل طويلًا.

بعدما تيقن ثابت رفقة "خُدام" الكنيسة التي يعود تاريخ بناءها للعام 1911، بوفاة حارسها- لما يزيد عن عشرين عامًا- نبيل، قرروا المكوث داخلها بعد أن خرج الجميع من صحنها المُحطم.

عماد ثابت

وفي الثالثة فجر الاثنين قرر بعضهم التوجه إلى المستشفيات "يشوفوا الناس اللي هتخرج في صناديق عشان يتم الصلاة عليهم"، فيما ظل ثابت رفقة آخرين بداخلها حتى صباح نفس اليوم.

في حين بلغ عدد ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية 25 شخصًا، وأصيب 49 آخرين، بحسب إحصاء نهائي لوزارة الصحة.

بعد أن هدأت الأوضاع داخل دور العبادة الكنسي، الذي يضم 374 قطعة أثرية، بحسب السعيد حلمي، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، في تصريحات لوكالة الشرق الأوسط.

تجول ثابت بين ثنايا الكنيسة التي يبلغ طولها 28 مترًا وعرضها 17 مترًا، دقق النظر في الصورة المعلقة بعرض حوائطها "صورة كبيرة فريدة من نوعها، تكاد تكون مش موجودة غير عندنا في الكنيسة، صورة العذارى الحكيمات والجاهلات.. الحكيمات بتعبر عن ناس بيعيشوا حياتهم لربنا فبيوصلوا للسما، والجاهلات للي بعيد عن ربنا.. الإصابة جت في العذارى الجاهلات مش العذارى الحكيمات".

ضرر أخر أصاب لوحات الفسيفساء التي قام بصناعتها انجيلو جيانيزى "بعض اللوح وقع منها بعض قطع الفسيفساء، جمعناها تاني، عشان تتركب"، بجانب تصدع أعمدة الكنيسة التي يعلوها صور الرسام الإيطالي بريمو بابتشيرولى جراء الانفجار، الذي دمر "الكنب اللي الناس بتصلي عليه".

حتى اللحظة تتلقى الكنيسة العزاء في ضحاياها، يصطف المعزين في صمت، يُغلف وجوههم حزن على الراحلين، تُقام الصلوات تدرعًا للرب، يُرتل مَعلم الكنيسة البطرسية الصلوات خلف القس، ترتفع الأيادي بالدعاء لأرواحهم، فيما يعتقد ثابت أن الواقع يقتضي "إن الواحد يبقى مستعد في أي وقت يقابل ربنا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان