بالفيديو: مأساة صاحب مدرسة "النحو".. مشروع مهدد بـ"الموت"
كتب- أحمد الليثي:
تصوير- علي شعبان السطوحي:
عاش طوال حياته مخلصا للنحو؛ طالبا وجامعيا ومُعلما، أفنى عمره فداءً له، تقلبت به الأيام وتوالت عليه السنون ولم يزل متشبثا بالحلم ذاته، حين هاجمه المرض بشراسة لم يفكر إلا في أولاده، وذلك الموقع الذي دشنه خصيصا للنحو ومحبيه.
في عام 2005 أعد الأستاذ يسري السلال بحثا حوى 2500 خطأً لغويًا بالمناهج الدراسية لمادة اللغة العربية، حينها كتبت عنه الصحف وأشادت بالمجهود الكبير، فيما استدعته الوزارة كي تُحقق معه، استغرب الأمر، قبل أن يُطالِب باستدعاء خبير يفند ما خطه في بحثه، وقتها أمر وزير التعليم باستقدامه للقاهرة كي تتم الاستفادة من خبراته "بس المصاريف في القاهرة كانت غالية عليا مستحملتش أصرف على نفسي وأبعت للعيال في دمياط، فرجعت".
من هنا كان لزاما على الأستاذ يسري أن يضخ أفكاره في إطار عملي، فعكف على تدشين موقعه "نحو دوت كوم"، قرر أن ينفق عليه من ماله الخاص، ثمان سنوات كاملة أعد فيها المحتوى العلمي والتفكير في رصد كل ما يهم الراغبين في تعلم النحو أو الاستزادة من معينه. اتفق مع بعض المبرمجين ووضع خطة شاملة للأقسام، ظل خروج الموقع هو الأمل الذي يحيا على إثره، فكان الظهور الأول في 2012 "كنت عايش له وبس، الصبح مع التلاميذ في المدرسة ولما الأولاد يكونوا بينقلوا حاجة من على السبورة، كنت أدون الأفكار وأسهر طول الليل أنفذها".
لم يفكر السلال يوما في استغلال موقعه، أو التربح منه ماديا؛ اكتفى فقط بشعور أصحاب الرسالات، أولئك الذين يفنون أعمارهم كي يهبوا العلم أو الحياة لآخرين، غير أن الأمور لم تسر على ما يرام، فقبل خمس سنوات داهمت الأستاذ يسري الأمراض، وزنه الزائد -165 كيلو جرام- سهل على مرض السكري أن يفتك به، احتسب المرض عند خالقه، فتتابعت عليه الآلام، فيما كانت إصابته بقرحة في القدم سببا في جلوسه في المنزل لا يتحرك إلا فيما ندر، غير أنه لا يزال حريصا على مداومة العمل الوحيد القريب لقلبه "كل يوم بفتح الموقع وأحاول أطور فيه.. عشان لو مت أبقى عملت حاجة لعيالي والنحو".
يموت "رجل النحو" في اليوم مئات المرات، يطلب من الأطباء أن يسرعوا ببتر قدمه حتى يتخلص من أوجاعها، فيأتيه الرد "اللي عندك قرحة وريدية ومحتاجة عملية بالشئ الفلاني"، يعيش الأستاذ يسري على المسكنات، تهدئ من روعه ساعتين يوميا ويعاني باقي ليل نهار من الألم "آخر دكتور قاللي أنت ميت ميت، المسكنات دي آخرتها شلل دماغي أو فشل كلوي.. شوف لك حل تاني" يحكي يسري وعينه تفيض بالدمع، يناجي ربه وهو يقول "نفسي أخلص من العذاب ده.. مش عايز أكتر من علاج يرحمني وأنا مش معايا اللي يعالجني لا برة مصر ولا جواها، عيالي بيجننوا لما بقولهم البتر هو الحل، حاسس إني هموت.. نفسي أرجع بصحتي تاني وأعيش للموقع والنحو اللي أفنيت عمري عشانه".
فيديو قد يعجبك: