لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من أمام مرقسية الإسكندرية.. حكايات متفرقة جمعها الانفجار - (صور)

12:40 ص الإثنين 10 أبريل 2017

كتب - محمد زكريا:
تصوير- فريد قطب:

شمس غائبة، سماء غائمة، سحب تحبس دمعها، بحر هادئ لا يثور، على بعد أمتار منه، وقع انفجار دامي هز محيط حي العطارين بمحافظة الإسكندرية، بعد أن استهدف انتحاري الكنيسة المرقسية.

غير أن دوي الانفجار لم يقف حد الراحلين عن عالمنا، بل امتدت آثاره لكل من عايش وقوعه؛ بين عامل في محل جاور البيت الكنسي، وساكن بشارع كنيسة الأقباط، مرورًا برجل إسعاف وسائق أجرة، وليس آخرًا بسيدة مسنة؛ يظل الحادث المُفزع شاهدًا على الجُرم. 

ظهر اليوم الأحد، الـ9 من أبريل، ضرب انفجار مدخل الكنيسة المرقسية في قسم العطارين بالإسكندرية، والذي أدى إلى مقتل 17 مواطنًا وإصابة 48 آخرين بحسب بيانات وزارة الصحة، فيما أعلن تنظيم داعش منذ ساعات مسؤوليته عن الحادث الانتحاري.

الساعة دقت الثانية عشر ظهرًا، ترك "يوسف محمد" محل عمله، اشترى قطعة من البسبوسة، عاد سريعًا إلى بيع البدل الجاهزة، على بعد أمتار قليلة من الكنيسة وقف يرتاح، أشعل سيجارة محلية الصنع، وقبل أن يُنهي تدخينها، وقعت الكارثة.

صوت انفجار شديد، أشلاء تتطاير أمام عين يوسف "شوفت نص ست طاير في الجو، وراس طالعة فوق تندة"، دوي دفع الرجل داخل محله قسرًا، لثواني لم يستوعب عقله ما جرى، هرول إلى الشارع مذعورًا، قبل أن تلتقط حواسه آثار الحادث المُفجع.

صراخ شديد، بشر تتحرك في جنون، متاجر مُهشمة، أرض مُلطخة بالدماء، عشرات احتضنوا الأسفلت، أشلاء تتناثر في الأرجاء "طفلة من غير رجل، مصارين، رجول، دراعات"، قبل أن يسقط صاحب الـ47 عامًا على الأرض؛ منهارًا.

تسابق زملاء يوسف في إفاقته، صرخ الرجل الأربعيني، حاول أحد الضباط تهدئته "قولتله في نص جثة هناك، روح شوفها وملكش دعوة بيا"، قبل أن يهدأ قليلًا داخل متجر آخر أربكه الانفجار.

بعد دقائق من وقوع الانفجار، وصل عمل "طارق فيكا" مكالمة من صديق "قالي أجري في تفجير، وإحنا شايفين بيتك في التليفزيون"، أسرع صاحب الـ35 عامًا إلى منزله، تطلع إلى زجاج شرفته المهشمة "تحت الشباك لقيت حتة لحمة شيلتها بالخشبة" يقولها في امتعاض.

أمام كنيسة العطارين، يسكن فيكا رفقة زوجته وأولاده. أول أمس، توجهت زوجة صاحب الـ35 عامًا إلى أهلها. بالأمس، طالبته العودة إلى بيتها، أرجى الرجل الثلاثيني طلبها لانشغاله بالعمل "فاتح محل حلاقة، وكانت ليلة عيد؛ فخلصت شغل متأخر".

في الصباح توجه فيكا إلى عمله الحكومي، غير أن وقوع الحادث الدامي، زاد من كلمات الحمد على لسانه "عيالي دايمًا بيلعبوا في البلكونة، لو كانوا موجودين النهاردة كان ممكن أعيش في حزن طول العمر" يقولها بينما ينهمك في جمع الزجاج المتناثر بداخل غرف شقته.

على مسافة لا تبعد 100 متر عن الكنيسة المرقسية، ارتكز "أحمد سعيد" بداخل سيارة الإسعاف، تابع رجل الإنقاذ حضور المحتفلين بـ"حد السعف" في فرح، تبادل الضحكات مع الضباط المسؤولين عن تأمين المبنى الكنسي، قبل أن يحول الحادث الانتحاري عمله المُعتاد إلى يوم عصيب. 

في حوالي الواحدة إلا ربع ظهرًا، سمع سعيد صوت انفجار شديد، أصابت رأسه زجاجة تطايرت من أحد المحلات المُدمرة، لم يعبأ صاحب الـ35 عامًا بآلام جبهته، طالب سائق الإسعاف التوجه نحو مصدر الصوت "قولت لنفسي دي كارثة".

على الأرض، حدد المسعف الثلاثيني احتياجاته، شاور زميله في طلب "20 عربية إسعاف"، بدء في التعامل مع المصابين "أنا محصرتش الحالات، واتعملت مع أول حالة قدامي، لان دي كارثة من الدرجة الأولى.. بس الأولوية بتكون للي عايش"، ومع نهاية اليوم الطويل "عربيتي شالت 8 أفراد، جثتين و6 إصابات خطيرة" يقولها بينما يشير إلى أرض العربة الملطخة بالدماء.

لعنة القتل والدماء لم تغب تمامًا عن "أحمد حسن". بالأمس، تأخر حسن في العودة إلى منزله "سهرت شوية؛ عشان يوم الحد أجازتي"، نام صاحب الـ23 عامًا في أمان. غير أن ثواني الانفجار حولت نومه المُريح إلى كابوس مُرعب.

لحظة القتل، استيقظ الشاب العشريني مفزوعًا "نزلت بهدوم النوم مغيرتش"، ساهم في لمّ الموقف البشع "شيلت ناس كتيير ميتة، الهدوم اتغرقت دم"، صعد إلى منزله في ذهول "مدخلتش الشقة.. قلعت الهدوم على الباب، وهرمي الكوتش" يقولها في غضب.

يد الأسى لم تنس أن تمد يدها إلى "إسلام عبد الله"، لحظة مروره من الشارع الذي احتضنت جنباته التفجير الدامي. صباح اليوم، خرج عبد الله من منزله، تجول بـ"تاكسيه" في شوارع الإسكندرية، غير أن قدره العسر دفعه إلى مكان الحادث "فجأة الأرض أتهزت.. فجأة لقيت العربية من غير إزاز" يقولها في حزن وهو يشير إلى سيارته التي جاورت رصيف شارع سعد زغلول.

على رصيف شارع كنيسة الأقباط، تمشت سيدة مُسنة نحو الكنيسة، بعد أن عبرت بواباتها المؤمنة، وقع الانفجار الآثم، غابت المُسنة عن الوعي، ترجل زوج ابنتها لنجدتها وسط الجثث، أفاقت المرآة العجوز دون انتباه، قبل أن تردد بصوت خافت "مين مسؤول عن الفشل؟.. لحد أمتى هنفضل نموت".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان